جرأة «البطة العرجاء».. هل ينقذ بايدن حل الدولتين؟
لطالما أعلن الرئيس الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن الذي سيغادر منصبه في يناير/كانون الثاني، تمسكه بحل الدولتين للصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهو الإرث الذي سيلاحقه خارج أسوار البيت الأبيض.
لكن تحليلا لمجلة «فورين أفيرز» الأمريكية، اعتبر أن بايدن الذي فشل حتى الآن في تحقيق أعلى أهدافه للشرق الأوسط (حل الدولتين)، يمكنه إعادة ضبط المعادلة الإسرائيلية الفلسطينية بمفرده ولكن في أيامه الأخيرة.
- من السلام للحرب.. أمريكا بين رئيسين وسياستين
- اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان.. «العين الإخبارية» تنشر نص «الضمانات الأمريكية» لإسرائيل
ميزة وضع «البطة العرجاء»
ورأى التحليل أن وضع بايدن كـ«بطة عرجاء» يمنحه بشكل متناقض القوة للقيام بأشياء ممكنة فقط لزعيم تكون خطوته التالية هي التقاعد.
ومرحلة «البطة العرجاء»، هي التي تمتد من يوم فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب إلى حين تسلمه السلطة في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
وخلال تلك الفترة، يصبح الرئيس المنتهية ولايته «ضعيفا» بلا صلاحيات كاملة، وتشبه إلى حد كبير المرحلة الانتقالية بين عهدين، ولكن أهم ما فيها بالنسبة للطرف المغادر هي أنها تمنحه إمكانية اتخاذ قرارات مهمة دون تحمل تبعاتها السياسية.
فمنذ إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، كانت اللحظات الوحيدة التي بدا فيها الصراع الإسرائيلي الفلسطيني قابلاً للحل هي الأوقات التي تولت فيها الولايات المتحدة المسؤولية والضغط، وكان هذا معتمدا على السياسة الداخلية التي تحدد دائمًا مقدار الضغط الذي يمكن لأي رئيس أمريكي أن يمارسه.
والآن وفق التحليل فإن «بايدن يتمتع بفرصة لم تكن متاحة لأي من أسلافه، فقد تم إعفاؤه من جميع القيود السياسية المحلية في لحظة من الواضح أن الضغط الأمريكي ضروري».
ورغم أن «كل أسلافه مروا بفترة البطة العرجاء، لكن لم يتزامن أي منهم مع مثل هذه اللحظة الحاسمة في الصراع»، وفق المجلة.
وبحسب التحليل فإن الوضع الراهن لا يناسب أحداً، فالفلسطينيون هم أكثر الضحايا، في حين وقعت إسرائيل في فخ من صنعها، فهي لا تستطيع الاحتفاظ بهويتها كدولة ديمقراطية ودولة يهودية دستورياً في حين تحافظ على احتلالها الذي تحكم من خلاله 5 ملايين فلسطيني ليسوا من مواطني إسرائيل.
ومن خلال توفير الغطاء الدبلوماسي لهذا الاحتلال الذي يعتبره أغلب العالم غير قانوني ــ وتوفير الأسلحة التي يعتمد عليها نسفت الولايات المتحدة مصداقيتها، وقيدت قدرتها على الدفاع عن القانون الدولي وانتقاد الجهات الفاعلة السيئة مثل الصين وإيران وروسيا، ولابد أن يتغير شيء ما.
ما الذي يمكن أن يفعله بايدن؟
ووفق التحليل هناك 3 خطوات مهمة يمكن لبايدن اتخاذها خلال أسابيعه الأخيرة، من خلال العمل التنفيذي فقط، والتي من شأنها أن تخفف من معاناة الفلسطينيين وتحافظ على إمكانية حل الدولتين - والتي ستكون أيضًا أفضل طريقة لتعزيز أمن إسرائيل في الأمد البعيد.
الأولى: الاعتراف بالدولة الفلسطينية، والثانية: رعاية قرار بشأن حل الدولتين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والثالثة: تطبيق التشريعات الأمريكية الحالية بشأن نقل الأسلحة.
ستكون هذه الإجراءات الثلاثة بسيطة نسبيًا - ويصعب التراجع عنها. ويمكنها معًا أن تساعد في تغيير مسار الشرق الأوسط، الذي يتجه بسرعة نحو الكارثة.
هل الأمر صعب؟
وبحسب التحليل، فإن الاعتراف بالدولة الفلسطينية ليس بالصعوية الذي قد يبدو عليها، ففي الوقت الحالي، تعترف 146 دولة من أصل 193 دولة في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية، بما في ذلك أكثر من 10 من الدول الأعضاء في حلفاء الناتو.
وإذا غيرت الولايات المتحدة موقفها، فقد تفعل بقية الدول الرافضة الدولية الشيء نفسه بين عشية وضحاها.
ويتعين على بايدن أن يعترف بفلسطين بنفس الطريقة التي اعترف بها الرئيس هاري ترومان بدولة إسرائيل في عام 1948، بعد 11 دقيقة فقط من إنشاء الدولة: بجرة قلم.
وفي حالة ترومان، كان الاعتراف الرسمي مجرد بيان مطبوع نصه: "لقد أُبلغت هذه الحكومة بإعلان دولة يهودية في فلسطين، وقد طلبت الحكومة المؤقتة الاعتراف بها".
ولم تكن لغة هذا الاعتراف الرئاسي ملزمة للولايات المتحدة بدعم أي تفاصيل محددة للتسوية النهائية.
ويتعين على بايدن أن يصوغ بياناً بسيطاً مماثلاً، أو حتى أن يستخدم صيغة ترومان البسيطة كنموذج له.
ويتعين على بايدن أيضاً أن يرعى قراراً من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لإنشاء إجماع دولي على حل الدولتين، فالإطار الدولي الحالي لتسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يظل مقتصراً على قرارات مجلس الأمن 242 و338 و1397.
ويدعو القراران 242 و338، اللذان صدرا في أعقاب حرب 1967 وحرب عام 1973 على التوالي، إلى وقف القتال وإعادة الأراضي المحتلة (من المفترض إلى مصر والأردن وسوريا).
ولا يذكر أي من القرارين شيئاً عن السكان الفلسطينيين في هذه الأراضي أو حتى يذكر كلمة "فلسطينيين".
أما القرار 1397، الذي صدر في عام 2002، فيؤكد ببساطة على "رؤية لمنطقة حيث تعيش دولتان، إسرائيل وفلسطين، جنباً إلى جنب داخل حدود آمنة ومعترف بها".
ولكن من غير المرجح أن ينجح بايدن في تمرير قرار يعترف صراحة بدولة فلسطينية ذات سيادة في الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967.
ومن غير المرجح أن تستخدم دولة حق النقض، فقد اعترفت الصين وروسيا بالفعل بالدولة الفلسطينية، كما أشار زعماء فرنسا وبريطانيا، على مدار العام الماضي، إلى استعدادهم لمنح مثل هذا الاعتراف قبل اكتمال التسوية التفاوضية.
ولم يتزامن أي عصر من عصور البطة العرجاء مع لحظة حاسمة كهذه في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ما تأثير الاعتراف بفلسطين؟
بحسب التحليل فإن من شأنه أن يبقي حق تقرير المصير الفلسطيني حيا، وبدونه فمن المرجح أن تضم إسرائيل بعض الأراضي المحتلة أو كلها على مدى السنوات الأربع المقبلة.
ثانيا، قد يغير الديناميكية السياسية داخل إسرائيل نفسها فيظل حل الدولتين السبيل الوحيد الممكن لإسرائيل للاحتفاظ بهويتها.
وقبل أقل من عامين، كان إرث بايدن يُقارَن بإرث أحد أعظم الرؤساء الأمريكيين، فرانكلين روزفلت. واليوم، لا أحد يُجري مثل هذه المقارنات، وقد ندد العديد من الديمقراطيين والتقدميين بسلوك بايدن بشأن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
ومن الممكن أن توفر خطوة بعيدة النظر نهاية أفضل لفصل السياسة الخارجية من قصته، كرئيس حشد تحالفًا عالميًا للدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان ليس فقط للأوكرانيين ولكن أيضًا للفلسطينيين.