بايدن وماكرون وسوناك.. هكذا يخوض «الزعماء المحاصرون» معاركهم الانتخابية
وسط أجواء انتخابية مشتعلة، قد يكون السلاح الرئيسي لـ«الزعماء المحاصرين» هو شن هجمات شرسة على خصومهم لتحذير الناخبين.
وعبر ضفتي المحيط الأطلسي، يجد زعماء الغرب أنفسهم محاصرين وسط أجواء انتخابية مشتعلة قد تكون سلاحهم الرئيسي فيها هو شن هجمات شرسة على خصومهم.
وفي معاركهم، يحذرون من خلالها الناخبين من المصير السيئ الذي ينتظرهم في حال فاز غيرهم.
ففي الولايات المتحدة، يصف الرئيس الأمريكي جو بايدن سلفه الجمهوري دونالد ترامب بأنه «مجرم مدان، ضمن حملة إعلانية ذات نبرة مشحونة تستحضر اقتحام الكابيتول في 6 يناير/كانون الثاني 2020، وتحذر من أن الرئيس السابق "مستعد لإحراق كل شيء".
وقبل أيام، اعتبر بايدن أن إمكانية قيام ترامب بإجراء تعيينات إضافية في المحكمة العليا هي "واحدة من أكثر السيناريوهات رعبا" في العودة المحتملة للملياردير الجمهوري إلى البيت الأبيض.
في حين حذرت السيدة الأولى جيل بايدن من رغبة خصم زوجها في "السلطة المطلقة" و"تدمير الديمقراطية التي تقف في طريقه".
معارك ماكرون وسوناك
وفي فرنسا، حذر الرئيس إيمانويل ماكرون من أن مرشحي اليمين المتطرف واليسار الراديكالي سيتسببون في "إفقار البلاد".
في حين شن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك حملة سلبية بالكامل تقريبًا ضد حزب العمال الذي يتصدر استطلاعات الرأي.
ورغم أن القادة الثلاثة يمثلون أيديولوجيات وثقافات وأجيالا مختلفة، إلا أن شيئا واحدا يجمعهم وهو تراجع الشعبية في الوقت الذي تتزامن فيه حملاتهم الانتخابية مع مناخ سياسي يتسم بالإحباط والخوف، وفقا لما ذكرته صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وفي تصريحات لـ"بوليتيكو"، قال بن تولشين، منظم استطلاعات الرأي الديمقراطي: "عندما يكون الناخبون متذمرين وغاضبين، فإنهم لا يريدون أن يسمعوا عن قوس قزح وأشعة الشمس".
وأضاف: "عندما يصبحون متمردين وغير راغبين في سماع قصة إيجابية، عليك أن تغير المسار وتطبق سياسة الأرض المحروقة".
ويأمل القادة أن ينجح اتخاذهم لمواقف سلبية في توضيح مخاطر الانتخابات لكنهم أيضا يرسلون بإشارات يأس متزايد.
ويشعر الناخبون الأمريكيون بالاشمئزاز من الوضع السياسي الراهن إلى الحد الذي يجعلهم أكثر استعدادا لدعم الأحزاب والسياسيين الذين كانوا يعتبرون ذات يوم بعيدين عن التيار الرئيسي.
وفي البلدان الثلاثة، يقوم المرشحون اليمينيون المتشددون بحملاتهم الانتخابية على أساس خطاب شبه مروع حول الهجرة والأمن والسيادة الوطنية.
"تغيير جذري"؟
يبدو أن هذا الأمر يمنح الزعماء طريقا للبقاء في مناصبهم في حال نجاحهم في إثارة انزعاج الناخبين المعتدلين من التطرف السياسي.
وردا على الفوز الساحق لليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية، دعا ماكرون إلى انتخابات برلمانية مبكرة في 30 يونيو/حزيران الجاري. ومنذ ذلك الوقت يدق حلفاؤه ناقوس الخطر بشأن حزب التجمع بزعامة مارين لوبان.
ويهاجم ماكرون وغيره من الوسطيين بشكل رئيسي الأحزاب البديلة المتشددة وذلك بدلا من القيام بحملات من أجل أجندتهم التي لا تحظى بشعبية.
وتوقع رئيس الوزراء غابرييل أتال حدوث "كارثة اقتصادية" في حال فوز اليمين المتطرف أو اليسار، في حين أعرب وزير المالية برونو لومير عن أسفه لأن "البلاد تسير نحو الهاوية".
وقال مات بينيت، زعيم مركز الأبحاث الأمريكي الوسطي "الطريق الثالث"، إن بايدن وماكرون على حق في مخاطبة الناخبين بعبارات صارخة حول الآثار المترتبة على احتمال فوز اليمين المتطرف.
وأضاف: "إنهم يريدون تغييرًا جذريًا لما يعنيه العيش في دولة ديمقراطية، وهذا ما يثير الناس".
وفي المملكة المتحدة، حيث يتجه حزب المحافظين إلى أسوأ هزيمة له بالانتخابات المقررة في 4 يوليو/تموز المقبل، يحاول سوناك تخويف الجمهور من فوز حزب العمال المعارض.
ووجه المحافظون اتهامات جامحة للعمال بما في ذلك الإيحاء الكاذب بأن الحزب يريد التخلص من العائلة المالكة.
لكن سوناك لا يمتلك شخصية متطرفة أيديولوجياً يمكنه استهدافها، حيث نجح زعيم حزب العمال كير ستارمر في تطهير الحزب من القوى اليسارية المتطرفة وهو ما يجعل رئيس الوزراء البريطاني الأكثر يأساً بين الزعماء الثلاثة.
والشهر الماضي، عندما دعا سوناك بشكل مفاجئ للانتخابات، وعد بأن يقدم للناخبين رؤية جريئة للمستقبل بناءً على إرث حزبه الذي أمضى 14 عامًا في الحكومة وفي غضون ساعات، بدأت الإعلانات الهجومية على خصومه.
ووفقا لتحليل أجرته بوليتيكو، فإن نحو 95% من إنفاق المحافظين البالغ 500 ألف جنيه إسترليني على مواقع فيسبوك وإنستغرام جرى ضخها في إعلانات هجومية.
ويبدو مصير بايدن أقل سوءا من سوناك، في ضوء ما يثيره خصمه من انقسامات سياسية، إلا أن الانتخابات الأمريكية أشبه بسباق متقلب.
وفي فرنسا، يأمل ماكرون أن يفكر الناخبون مرتين قبل التصويت لصالح ائتلاف لوبان عندما تكون العواقب أقرب إلى الوطن، لكن استطلاعات الرأي تشير إلى أن هذا التفاؤل قد يكون غير مبرر.
"تحذير يائس"
قال ماتيو جالارد، مدير الأبحاث في شركة إبسوس لاستطلاعات الرأي، إن ذلك يرجع جزئيًا إلى أن حركة لوبان اكتسبت الاحترام في السنوات الأخيرة وبالتالي لم "يعد التحذير يجدي نفعاً".
الأمر نفسه بالنسبة لبايدن حيث يعد استمرار الهجمات على ترامب بعد حوالي تسع سنوات من ظهوره على الساحة السياسية الأمريكية لأول مرة ووصوله للبيت الأبيض "بمثابة معضلة".
وبعدما خصصت حملة بايدن إعلاناتها الأولى للترويج لأجندة الرئيس وإنجازاته وقيمه، تحولت في الخريف الماضي للهجوم على ترامب الذي سجل تقدما واضحا في استطلاعات الرأي خاصة بالولايات المتأرجحة.
ورغم إنفاق ما لا يقل عن 100 مليون دولار على الإعلانات، إلا أنها بالكاد أدت إلى تحسين وضعه السياسي.
وقبل 5 أشهر فقط من الانتخابات، يتوق مساعدو بايدن إلى التعامل مع ترامب بشكل مباشر أكثر، ويضغطون من أجل تقديم المناظرة الرئاسية الأولى من الخريف إلى أواخر يونيو/حزيران الجاري.
aXA6IDEzLjU5LjEyNy42MyA= جزيرة ام اند امز