تصدع تحالف دعم أوكرانيا.. بايدن بمواجهة الاختبار الأصعب
ضغوط يمارسها الرئيس الأمريكي جو بايدن للحفاظ على التحالف العالمي والمحلي الداعم لأوكرانيا مع اقتراب الحرب من شتائها الأول.
وعقد بايدن محادثات على مدار ساعات خلال الأشهر الأخيرة، مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، ورئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا، وقادة أجانب آخرين لم يدعموا دائما التحالف الغربي لدعم أوكرانيا، وحثهم على الوقوف بحزم ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
ولذلك – سواء عبر جهود بايدن أم لا – كانت مفاجأة سارة للبيت الأبيض عندما واجه مودي بوتين خلال قمة الشهر الماضي، قال فيها إن "العصر الحالي ليس عصر الحرب"، وأنه يجب على بوتين "التحول إلى مسار السلام".
وكانت تلك تعليقات غير معتادة لزعيم ذهب لمدى بعيد للبقاء على الحياد في الصراع الروسي الأوكراني، بحسب مسؤول كبير بالبيت الأبيض، تحدث مع صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية شريطة عدم كشف هويته.
اختبار جديد
وكما توضح تلك النقاشات، يدفع بايدن الآن بقوة لتوحيد ما أصبح مهمة محورية في رئاسته: الحفاظ على التحالف العالمي والمحلي لدعم أوكرانيا.
ومع اقتراب الحرب من الشتاء، والذي قد يكون مريرًا ووحشيا، يواجه بعض حلفاء الولايات المتحدة رياحا اقتصادية تغذيها الحرب، بينما يعبر بعض الجمهوريين عن شكوكهم بشأن المساعدات بقيمة المليارات إلى أوكرانيا.
وتواجه تلك الجهود اختبارا كبيرًا، الأربعاء، عندما تصوت الأمم المتحدة على مسودة قرار تدين ضم روسيا لأربع مناطق من أوكرانيا.
وكان بايدن والمسؤولون الأمريكيون يعملون على إقناع الدول غير المنحازة في أمريكا اللاتينية وآسيا وأفريقيا للامتناع عن الموقف المحايد وإدانة الكرملين صراحة، وهي جهود قال محللون إنها تعززت بفعل وابل الصواريخ الروسية، الإثنين، على كييف ومدن أوكرانية رئيسية أخرى.
ويأمل القادة الأمريكيون أن تدعم ما لا يقل عن 100 دولة من الأعضاء في الأمم المتحدة البالغ عددهم 193– العدد الذي دعم قرار الأمم المتحدة عام 2014 لإدانة ضم روسيا للقرم –مسودة القرار، بحسب ما قاله عدة مسؤولين كبار بالإدارة الأمريكية.
تصدعات
وفي مارس/آذار الماضي، عندما قدمت الولايات المتحدة للمرة الأولى قرارا بالأمم المتحدة يدين الحرب الروسية، تلقت دعما من 141 دولة عضو، ويمكن القول إن عددًا أقل من الأصوات سيعني خسارة الأرضية الدبلوماسية.
وحتى بينما يسارع بايدن للحفاظ على تماسك تحالفه الدولي، تظهر تصدعات في الدعم السياسي داخليا للمساعدات بقيمة المليارات التي ترسلها الولايات المتحدة إلى أوكرانيا. ويرجح أن تتسع تلك الانقسامات بشكل كبير إذا استعاد الجمهوريين السيطرة على مجلس النواب في 8 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وأظهر استطلاع أجراه مركز "بيو" للأبحاث أن نسبة الأمريكيين الذين يشعرون بقلق بالغ أو قلقين جدا من تعرض أوكرانيا للهزيمة تراجع من 55% في مايو/أيار إلى 38% في سبتمبر/أيلول الماضي.
وبين الجمهوريين والمستقلين الذين يميلون للجمهوريين، قال 32% إن الولايات المتحدة تقديم الكثير جدا من الدعم للحرب – وهي زيادة بنسبة 9% عما كانت عليه في مارس/آذار المنقضي.
ويعترف بعض المسؤولين الأمريكيين سرًا بأنه بالرغم من مواجهة مودي المفاجئة مع بوتين، يشككون في أنهم سيرون انفراجة مع الهند، التي تربطها علاقات سياسية وعسكرية واسعة النطاق مع روسيا. لكنهم يأملون أن وابل الصواريخ التي أطلقته روسيا، الإثنين، سيساعد في إقناع جنوب أفريقيا وغيرها من الدول.
لكن لم تكن الدبلوماسية سهلة، بحسب "واشنطن بوست"، حيث تضررت البلدان النامية في أفريقيا وأمريكا الجنوبية وجنوب شرق آسيا بشكل غير متكافئ جراء ارتفاع أسعار الوقود ونقص الغذاء العالمي الناجم عن الحرب.
وذهب بايدن، خلال محادثاته مع نظرائه، إلى مدى بعيد للدفع بأن العدوان الروسي والحصار، وليس العقوبات الأمريكية، هي المسؤولة عن معاناتهم، بحسب مسؤولين.
هل ينجو حزام بايدن؟
وحتى الآن، تمكن البيت الأبيض من الحفاظ على الدعم الحزبي لحزم المساعدات والأسلحة بقيمة عدة مليارات دولار إلى أوكرانيا، لكن بدأ بعض الجمهوريين المتحالفين مع الرئيس السابق دونالد ترامب في طرح تساؤلات بشأن سبب إنفاق الولايات المتحدة الكثير من الأموال على حرب بعيدة بالخارج.
وقال مسؤول كبير في الإدارة: "الحفاظ على الدعم هنا وفي الكونغرس، ومع الرأي العام الأمريكي الأوسع، هو شيء نفكر فيه وندرك أنه بمرور الوقت سيصبح تحديا على نحو متزايد لا محالة".
وأضاف: "هناك على الأرجح أشخاص كانوا ليعتقدوا أنه حتى بهذه المرحلة، بعد مرور سبعة أشهر على الصراع، أننا كنا لنواجه وقتا عصيبا مع ما يظل وحدة حزبية".
وتسابق أوروبا أيضًا من أجل شتاء سترتفع فيه أسعار الوقود، مما يهدد الدعم من هذا الربع، بالرغم من أن القادة الأوروبيين لازالوا معارضين بشدة لبوتين وأجندته على القارة.
وتحدث بايدن وزيلينسكي بانتظام منذ بداية الحرب، غالبا كل أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، بحسب مسؤولين في البيت الأبيض. وتحدث الاثنان مجددا، الإثنين، عندما عبر بايدن عن إدانته للهجمات الصاروخية الروسية وتعهد بتزويد أوكرانيا "بالدعم الذي تحتاجه للدفاع عن نفسها"، بحسب بيان البيت الأبيض بشأن المكالمة الهاتفية.
لكن لم تكن العلاقة سلسلة دائما؛ ففي بداية الحرب، دعا زيلينسكي مرارًا وعلانية الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى لفعل المزيد – وإرسال أسلحة إضافية وفرض عقوبات أقسى على روسيا – حتى بينما كان بايدن والكونغرس يرسلون بالفعل كميات غير مسبوقة من المساعدات والأسلحة المتطورة إلى كييف.
وأخبر بايدن القائد الأوكراني سرًا أنه سيكون من الصعب عليه مواصلة طلب المال من الكونغرس إذا بدا زيلينسكي "ناكرا للجميل" وواصل القول إن ذلك ليس كافيا، بحسب مسؤول سابق في البيت الأبيض.
وسرًا، قال المسؤولون الأمريكيون إن لا روسيا أو أوكرانيا قادرتين على كسب الحرب فورًا، لكنهم استبعدوا فكرة دفع أوكرانيا إلى طاولة المفاوضات أو حتى الإيعاز لها. وقالوا إنهم لا يعلمون كيف ستبدو نهاية الحرب، أو كيف قد تنتهي، أو توقيت انتهائها، مصرين على أن ذلك يرجع إلى كييف.
وقال مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأمريكية: "هذا قرار الأوكرانيين. مهمتنا الآن مساعدتهم بأفضل طريقة عسكريا في ساحة المعركة – من أجل ذاك اليوم عندما يختارون الذهاب إلى الطاولة الدبلوماسية."
ويقول المسؤولون الأوكرانيون إن رغبتهم في التفاوض أقل مما كانت عليه من قبل، بالنظر إلى النجاحات التي حققوها مؤخرًا في ساحة المعركة ومحاولة الضم الروسية غير المشروعة.
ويقول الرئيس الأوكراني الآن إنه فقط في حالة إزاحة بوتين من السلطة ستفكر كييف في العودة إلى طاولة المفاوضات، مضيفا: "سنتفاوض مع الرئيس الجديد." وردت موسكو بالقول إنها لن تنهي عملياتها العسكرية إذا رفضت كييف التفاوض.