محللون لـ"العين الإخبارية": واشنطن تلوح بالعصا لوقف اشتباكات السودان
مع اقتراب الاشتباكات في السودان من دخول أسبوعها الرابع، لم تنجح الجهود الدولية في التوصل لوقف إطلاق نار دائم، رغم توالي الهدن الهشة بين الجانبين.
ومنذ 15 أبريل/نيسان الماضي اندلعت الاشتباكات بين قوات الجيش بقيادة الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، وقوات الدعم السريع بقيادة نائبه الفريق محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وخلفت الاشتباكات حتى الآن مئات القتلى وآلاف المصابين بحسب حصيلة رسمية، كما زادت من الأزمة الإنسانية التي يعيشها السودانيون، حيث أدت إلى ندرة المواد الغذائية الأساسية ومواد الطاقة وارتفاع أسعارها بشكل كبير.
ويبدو أن المجتمع الدولي ضاق ذرعا بتلك الاشتباكات، حيث ظهرت علامات ذلك بإعلان البيت الأبيض، الخميس، عن توقيع الرئيس الأمريكي جو بايدن أمرا تنفيذيا يسمح بفرض عقوبات على من "يهددون السلام أو الأمن والاستقرار" في السودان.
جاء ذلك بعد أن أعلنت كارين جان-بيير، المتحدثة باسم البيت الأبيض، يوم الثلاثاء الماضي، أن فريق الأمن القومي التابع للرئيس جو بايدن يواصل الحديث إلى قادة عسكريين من طرفي الصراع في السودان لدعم وقف دائم للقتال هناك.
وقال بايدن في بيان مكتوب، الخميس: "أشارك الشعب السوداني المحب للسلام والقادة في جميع أنحاء العالم في الدعوة لوقف دائم لإطلاق النار بين الأطراف المتحاربة، مضيفا أن العنف الذي بدأ خلال شهر رمضان (في أبريل/نيسان الماضي) سرق أرواح مئات المدنيين، وهو أمر غير معقول ويجب أن ينتهي".
والخميس، تجددت اشتباكات عنيفة بالعاصمة السودانية الخرطوم بين الجيش وقوات الدعم السريع رغم موافقة الطرفين على هدنة جديدة لمدة 7 أيام بمبادرة من الهيئة الأفريقية الحكومية للتنمية "إيغاد" تتضمن "تسمية ممثل عن كل جانب للتباحث حول الهدنة".
ولم يحدد البيان الأمريكي الأفراد المستهدفين بالعقوبات المحتملة، لكن بايدن قال إن "العقوبات تهدف لتحميل الأفراد مسؤولية تهديد السلام والأمن والاستقرار، أو تقويض التحول الديمقراطي، أو استخدام العنف ضد المدنيين، أو ارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في السودان".
ورقة ضغط
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي السوداني أمير بابكر إن "الأمر التنفيذي الأمريكي يمثل أحد أوراق الضغط على طرفي النزاع، خاصة مع الحديث عن اقتراب جلوسهما إلى طاولة المفاوضات في مدينة جدة السعودية".
وأضاف بابكر في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن "العقوبات وحدها لن تعجل بإنهاء النزاع، إذا لم تتدخل عوامل أخرى وضغوط من أطراف مختلفة ترى المصلحة في إيقاف الاقتتال بين الطرفين، خاصة مع تفاقم الأزمة الإنسانية وتدهور الأوضاع الصحية والوضع الإنساني الكارثي عموما".
وحذر من أن التدهور الأمني قد يؤدي إلى انفراط عقد الأمن في كل الإقليم، وبالتالي تضرر مصالح كثير من الدول في الإقليم وتضرر حسابات التوازنات الاستراتيجية الدولية.
وقال إن "الضغط على أطراف النزاع سيدعم من موقف مبادرة "إيغاد"، والتي نجحت حتى الآن في الحصول على موافقة الطرفين لهدنة تمتد لأسبوع كامل يمكن خلالها وضع ترتيبات لوقف دائم لإطلاق النار، ومن ثم الشروع في الدخول لمرحلة الحلول السياسية والتي ترافقها ورقة الضغط المتمثلة في الأمر التنفيذي الأمريكي والعقوبات على أطراف النزاع".
من جهته، قال الخبير الاستراتيجي السوداني، معتز عبدالله "أعتقد أن الوضع في السودان أصبح ملفا ساخنا في أروقة الإدارة الأمريكية لارتباطات كثيرة، وقربه من حلفاء وشركاء وتقاطعه مع أعداء معلنين لإدارة الرئيس بايدن".
وأضاف عبدالله لـ"العين الإخبارية" أن "الرسالة مضمونها أن هناك اتجاها واضحا على الأرض لعدم تلبية مطالب الشعب السوداني، وعلى المتصارعين وقف القتال بشكل غير مشروط، وأن يكون هناك وقف دائم لإطلاق النار، وأن يتم تشكيل حكومة مدنية والعودة إلى الانتقال المدني الديمقراطي".
وتابع قائلا "يبدو الموقف الأمريكي متشددا للغاية، وما هو واضح أن الإدارة الأمريكية تستعجل أمرا ما، كما أنه من المؤكد أنها تمتلك معلومات كافية وربما أكثر مما نتصور حول الوضع في السودان وما يجري بين المتصارعين وأطراف أخرى داخلية وخارجية".
استخدام العصا
أما الكاتب والمحلل السياسي السوداني محمد الأسباط فقال إن "الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن هو تلويح لاستخدام العصا في مواجهة طرفي الاشتباكات في السودان.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية" أضاف الأسباط: "بما أن الرجلين (البرهان ودقلو) كل منهما يمني النفس بحكم السودان أعتقد أن هذه العصا ستكون في حساباتهما، خاصة أنهما يمنيان النفس برضا المجتمع الدولي خاصة الولايات المتحدة.. لذا أعتقد أن الأمر التنفيذي سيكون له أثر ولو بعد حين".
واعتبر الكاتب والمحلل السياسي السوداني أمجد فريد أن العقوبات الأمريكية أداة ضغط سياسية تفقد معناها بالنسبة للمتورطين في القتال.
وقال فريد لـ"العين الإخبارية" "لو هناك فائدة واحدة من تلك العقوبات، فهي أنها يمكن أن تمنع أي أطراف خارجية من التورط في هذا القتال خشية الوقوع تحت طائلتها".
aXA6IDMuMTQxLjMyLjUzIA== جزيرة ام اند امز