لقاء بايدن وشي بينج المحتمل.. أمل بوقف نزيف العلاقات
أمام الرئيس الأمريكي جو بايدن ونظيره الصيني شي جين بينج مهمة شاقة، حيث أصبحت العلاقات الثنائية بين البلدين الأسوأ خلال عقود بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي إلى تايوان ورد الفعل العسكري الصيني اللاحق.
يبدو من المرجح الآن أن يلتقي بايدن وشي شخصيا في قمة مجموعة العشرين في إندونيسيا في نوفمبر/تشرين الثاني.
وإذا كانا سيجلسان معا بالفعل خلال ثلاثة أشهر فقط من الآن، ستفكر فرقهما بالفعل في سبل لإصلاح الضرر، بحسب تحليل نشرته مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية.
ومع ذلك، وكي يحدث ذلك، يحتاج كلا الجانبين لتحليل لسبب عدم استقرار الوضع في تايوان، ويحتاجان إلى الاعتراف بأنه من المرجح أن يتفاقم بدون تدخل من الأعلى.
ومنذ بداية فترة رئاسة بايدن، تحدث مع شي أربع مرات عبر الهاتف أو الفيديو.
على الرغم من المسار الهبوطي المستمر للعلاقات الصينية الأمريكية، كانت مكالماتهما في الواقع مثمرة بشكل معقول.
ويتحدث بايدن كثيرا عن الحاجة إلى إنشاء "حواجز حماية" لفترة جديدة من منافسة القوى العظمي، أما بالنسبة إلى شي بينج، فيضع أهدافا طويلة الأمد لقلب النظام الإقليمي القائم في آسيا.
كما ينبه باستمرار لخطوط الصين الحمراء بشأن تايوان، حيث نقلت وزارة الخارجية الصينية عن مكالمة شي بينج الأخيرة في يوليو/تموز 2022: "إن أولئك ممن يلعبون بالنار سيحترقون بها"، في إشارة إلى مخاوف الصين حيال استقلال تايوان.
مع ذلك، وعلى المدى القصير على الأقل يبدو أن شي يفضل الاستقرار والاستمرارية في العلاقات مع الولايات المتحدة.
ويشير سجل بايدن وشي بينج من العلاقات الودية إلى احتمال أن يتمكن الاثنان من وقف الانزلاق الهبوطي على الأقل مؤقتا، لكن أي آمال مماثلة يجب أن تكون مناسبة لسببين.
وأشار تحليل "فورين بوليسي" إلى أن السبب الأول للتشكك هو الدروس التي تعلمها كل جانب من الأزمة الأخيرة.
وببساطة، تشعر بكين وواشنطن على الأرجح بأنهما خرجتا بشكل جيد من زيارة بيلوسي، مما يخلق حافزا ضئيلا للتنازل أو تجنب التكرار في المستقبل.
ولفت التحليل إلى أن الصين لديها أسباب لتكون سعيدة، ففي الأساس تستهدف بكين استعادة تايوان بمرور الوقت بتدابير تتجنب الحرب، غير أنها تخشى الانجراف نحو استقلال رسمي لتايوان، مدفوع بما تعتبره تدخلا أمريكيا متهورا، لكن مثل هذه الخطوة قد تجبرها على دخول حرب ستفضل تجنبها، على الأقل بالوقت الراهن.
وعلى مدار الأسابيع الأخيرة حققت بكين أهدافا مهمة أخرى، من بينها إطلاق صواريخ باليستية مباشرة على الجزيرة -وليس فقط فوق مياهها- للمرة الأولى.
وقدمت التدريبات الصينية فرصة نادرة لممارسة عمليات مشتركة بين أفرع مختلفة من جيش التحرير الشعبي الصيني، ما يعتبر تجربة أداء مسبقة لحصار في المستقبل، بحسب التحليل، مشيرا إلى أن النتيجة تغيير دائم محتمل في الوضع العسكري الراهن عبر مضيق تايوان لصالح بكين.
ووقت اندلاع الأزمة أصدرت وزيرة الخارجية الأسترالية بيني وونج بيانا تقول فيه إن الدول المنطقية لا يجب أن تدعم حل النزاعات الدولية بالصواريخ، مضيفة "تشعر أستراليا بقلق بالغ إزاء إطلاق الصين لصواريخ باليستية في المياه حول ساحل تايوان".
لكن سرًّا، تنظر معظم دول جنوب شرق آسيا إلى واشنطن، وليس بكين، على أنها المسؤولة في الغالب على الأزمة، حيث تعتبر زيارة بيلوسي استفزاز لا داعي له. وتبدو الولايات المتحدة على الأقل مدركة إلى أنها تخاطر بخسار حرب العلاقات الدولية في آسيا بسبب زيارة بيلوسي.
لكن منسق شؤون منطقة المحيطين الهندي والهادئ في مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض كورت كامبل، قدم إفادة صحفية يوم 12 أغسطس/آب، ترد في الواقع على انتقادات وونج، قائلا إن "تصرفات الصين تتعارض بشكل أساسي مع هدف السلام والاستقرار، هدف هذه الحملة واضح: ترهيب وإكراه تايوان وتقويض قدرتها على الصمود".
وأوضح التحليل أن التغلب على هذا التصور للنجاح النسبي على كلا الجانبين سيكون أول عائق يواجهه بايدن وشي، إذا كان يريدان السعي إلى شكل من أشكال الاستقرار عندما يلتقيان في نوفمبر/تشرين الثاني.
أما العائق الثاني سيكون أكثر تعقيدا، حيث تقول الصين والولايات المتحدة إنهما تدعمان الوضع الحالي بشأن تايوان. لكن في الحقيقة، تعمل الأطراف الثلاثة -الصين والولايات المتحدة وتايوان- على تقويض ذاك الوضع الراهن بطريقة أو بأخرى.
ومن الواضح أن الصين قادرة على تغيير الحقائق على الأرض، وأجرت تعزيزات عسكرية منذ عقود لإنشاء قوة عسكرية قادرة على استعادة الجزيرة بالقوة إذا تطلب الأمر، كما ألغت الورقة البيضاء التي نشرتها الصين مؤخرا بشأن "مسألة تايوان وتوحيد الصين في العصر الجديد" الطمأنة التي قدمت إلى تايوان بشأن وضعها مستقبلا في الصين الموحدة، مثل عدم تمركز القوات الصينية على الجزيرة.
في غضون ذلك، يسعى بايدن جاهدا لتأكيد أنه لا يغير سياسة واشنطن "الصين الواحدة"، وبالرغم من ذلك من الواضح أن الأساس الذي يقوم عليه الوضع الراهن يتغير بالفعل، حيث يتحرك رأي النخبة والكونغرس في الولايات المتحدة باتجاه خط أكثر صرامة ضد بكين، بما في ذلك بشأن تايوان.
ولتعقيد الأمور، هناك عدة نقاط ساخنة تلوح في الأفق والتي من المرجح أن تقوض الوضع الراهن أكثر، حيث أن مزيدا من الزوار الأمريكي رفيعي المستوى على الأرجح في تايبيه، كما قد تمرر الولايات المتحدة قريبا قانون السياسة التايوانية الجديد، وهو مشروع قانون حزبي سيرفع تايوان إلى فئة "حليف رئيسي من خارج حلف الناتو"، وتزيد مبيعات الأسلحة إلى الجزيرة.
وأشار التحليل إلى أن كل تلك العوامل ستجعل من الصعب على بايدن أو شي بينج التسوية، ولا يستطيع أي من الزعيمين أن يظهر بمظهر الضعيف، لافتا إلى أن أي استقرار طويل الأمد بشأن تايوان لا يتطلب واقعيا أن يعمل بايدن وشي بينج على دعم الوضع الراهن المتدهور فحسب، بل أيضا إعادة بنائه، وهو احتمال يبدو مستحيلا بالوقت الحالي.
وبواقعية أكثر، يتمثل السؤال فيما إذا كان لدى الزعيمين الإرادة السياسية والسلطة لتوجيه مزيد من الأصوات المتشددة من جانبهما لتخفيف التوترات، على الأقل مؤقتا، وإذا لم يكن الأمر كذلك يبدو أن الانزلاق نحو صراع أكبر سيستمر.
aXA6IDMuMTM3LjE2OS4xNCA= جزيرة ام اند امز