اقتصاد فرنسا 2019.. ماكرون يسقط في حقل ألغام
"العين الإخبارية" ترصد أهم ملامح الحصاد الاقتصادي لماكرون خلال عام 2019، وأهم مؤشرات للبطالة، والنمو، والقوة الاقتصادية، والعجز والديون
شهد عام 2019 نقطة محورية في الاقتصاد الفرنسي، بعد مرور عامين على تولي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إذ قيم مراقبون وخبراء اقتصاد فرنسيون حصيلة ماكرون خلال العام، ومدى وفائه بالتعهدات التي أعلنها خلال حملته الانتخابية.
في التقرير التالي ترصد "العين الإخبارية" أهم ملامح الحصاد الاقتصادي للرئيس ماكرون خلال عام 2019، وفقاً للمحللين الفرنسيين الذين رصدوا أهم المؤشرات الاقتصادية للبطالة، والنمو، والقوة الاقتصادية، والعجز العام والديون.
- "السترات الصفراء" تبطئ اقتصاد فرنسا وتضاعف الضغوط على ماكرون
- وزير المالية الفرنسي: احتجاجات "السترات الصفراء" كارثة على الاقتصاد
البطالة
على صعيد التوظيف، بلغ معدل البطالة 8.6٪ من الفرنسيين العاملين نهاية عام 2019، مقارنة بـ 9.6٪ في بداية عام 2017، وهذا يمثل حوالي 200 ألف أقل من العاطلين عن العمل، وفقًا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا.
ورغم ذلك، رأت محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية، أنه من الصعب أن نعزو كل هذا الانخفاض إلى عمل ماكرون، الذي تولى منصبه منذ نحو عامين، كما أنه سيتعين عليه مواصلة جهوده إذا كان يريد بلوغ هدفه المتمثل في البطالة بنسبة 7.7٪ في نهاية ولايته.
النمو
بدوره، اعتبر الخبير الاقتصادي الفرنسي بالمرصد الفرنسي للأوضاع الاقتصادية ماتيو بلان، لـ"العين الإخبارية" قوله: "إنه وفقاً لأحدث أرقام النشاط الاقتصادي، فإن المؤشرات جيدة، حيث وصل معدل النمو مطلع 2019 إلى نسبة 2.2٪ مقارنة بـ1.6٪ عام 2017، كما أنه مع تباطؤ الاقتصاد العالمي يتوقع بنك فرنسا أن تصل فرنسا إلى معدل نمو أعلى العام المقبل على مستوى منطقة اليورو.
ومما يفسر هذا الأداء قلة اعتماد فرنسا على تقلبات التجارة العالمية، ومن المفارقات أن التدابير التي أعلنها ماكرون لتهدئة احتجاجات السترات الصفراء" في ديسمبر/كانون الأول 2018 عززت النشاط الاقتصادي، وفقاً للخبير الاقتصادي الفرنسي.
وحذر بلان من عدة عوامل يمكن أن تؤثر على الاقتصاد الفرنسي العام المقبل، منها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "البريكسيت"، والوضع في إيطاليا وألمانيا الذي لم يحدث كما كان من قبل، بتولي اليمين المتطرف، والحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة، كما أن أزمة السترات الصفراء رغم انخفاض الزخم إلا أنها لم تنته بعد.
القوة الشرائية
وفيما يتعلق بالقوة الشرائية، فإنه يجب أن يكون الدافع وراء النمو في عام 2019 هو زيادة القوة الشرائية للأسر. ووفقًا للمعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية في فرنسا، فإن إجمالي الدخل المتاح للأسر سيزيد بنسبة 0.7٪ في الربع الأول ثم بنسبة 0.3٪ في الربع الثاني.
العجز العام والديون
وعلى العكس من ذلك، فإن التدابير البالغة 10 مليارات يورو للاستجابة لأزمة السترات الصفراء يجب أن تحفر خزائن الدولة، وإذا كان العجز 2.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2018 على وجه الخصوص بفضل زيادة الإيرادات بعد تسجيل 3.5٪ عام 2016، و2.8٪ عام 2017، فإنه حدث انخفاض عام 2019، بنسبة ٪، بحسب محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية.
واستقر الدين العام بنسبة 98.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي نهاية عام 2018، وذلك بفضل النتائج الجيدة التي سجلها الضمان الاجتماعي.
الالتزامات بوعود الحملة الانتخابية
فيما يتعلق بالوعود التي قطعها المرشح ماكرون خلال الحملة الانتخابية الرئاسية، فقد تم بالفعل تنفيذ بعضها، والبعض الآخر قيد التنفيذ والبعض الآخر لم يفي به.
من بين التدابير الاقتصادية الرئيسية المعلنة، تم تنفيذ إصلاح قانون العمل بسرعة بموجب مرسوم في سبتمبر/أيلول 2017. ونشر إصلاح التدريب المهني في الجريدة الرسمية. وإلغاء الائتمان الضريبي الخاص بالقدرة التنافسية في يناير/كانون الثاني 2019، والذي تم استبداله بتخفيض الرسوم المفروضة على الشركات، بحسب المحطة الفرنسية.
وبالنسبة للموظفين، تم إلغاء مساهمات البطالة والمرض على مرحلتين وقابلتها الزيادة والتي أصبحت سارية منذ 1 يناير 2018.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإعفاء التدريجي لـ 80٪ من الأسر من ضريبة الإسكان قيد التنفيذ، مثل الزيادة في الحد الأدنى لسن التقاعد بمقدار 100 يورو شهريًا بحلول عام 2020 وإعطاء مكافأة على العقود قصيرة الأجل لتقليل عدم الاستقرار في الشركات.
في المقابل، لم يتم تنفيذ تدابير أخرى، وسيكون من الضروري الانتظار حتى عام 2022 لمعرفة ما إذا كانت الوعود المتعلقة بخطة الاستثمار البالغة 50 مليار يورو على مدار خمس سنوات، أو 60 مليار يورو من المدخرات المخطط لها على مدار فترة الخمس سنوات أو إلغاء 120 ألف وظيفة موظف مدني قد تم الوفاء بها، فضلاً عن قانون إصلاح المعاشات التقاعدية، لايزال يصعب تطبيقه في ظل الإضرابات التي تجتاح البلاد.
في هذا السياق، رأت الخبيرة الاقتصادية أدوريه تونيليه في تحليل لصحيفة "لوموند" الفرنسية، أن الحصيلة الاقتصادية للرئيس الفرنسي خلال النصف الأول من فترة ولايته البالغة خمس سنوات جيدة. في المقابل، رأت تونيليه أن الحصاد الاجتماعي لولايته بمثابة "حقل ألغام"، في إشارة إلى الإضرابات المتواصلة التي تجتاح البلاد.
وأشارت تونيليه إلى أن الوضع الاقتصادي لفرنسا لا يزال جيد، حتى في الوقت الذي يعطي فيه الوضع الاقتصادي الدولي علامات خطيرة على الضعف.
جذب الاستثمار
ورأت الخبيرة الاقتصادية أنه على الرغم من احتجاجات السترات الصفراء، فإن فرنسا لا تزال مناخاً اقتصادياً جيداً للاستثمار، وهو أحد الشواغل الرئيسية لبنك روتشيلد التجاري السابق.
ووفقًا لدراسة أجرتها شركة "إيبسوس" لدراسات السوق، نشرت في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإنه لا يزال 84٪ من مديري الشركات الأجنبية التي تم تأسيسها في فرنسا يعتبرون الدولة مواتية للاستثمار، مقارنة بـ 74٪ في عام 2018، و23٪ فقط في عام 2014.
من جهتها، قالت رئيس مؤسسة بحوث الإدارة والسياسات العامة أنيس فيردير موليني، لصحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إنه إذا تمكن ماكرون من حل هذه الأزمة الاجتماعية، فإن فرنسا في وضع جيد، لأن الأسس الاقتصادية للبلاد ليست سيئة ويمكن لفرنسا أن تفعل ما هو أفضل من الآخرين وأن تكون ملاذًا آمنًا للمستثمرين.
aXA6IDMuMTQyLjQzLjI0NCA= جزيرة ام اند امز