إضراب النقل بفرنسا يحتدم وماكرون يسعى لخروج آمن من أزمة التقاعد
دعت النقابات إلى يوم جديد من المظاهرات، الثلاثاء، للتأثير بشكل كبير على حركة النقل بما في ذلك القطارات فائقة السرعة والمترو في باريس
اتسع نطاق التعبئة في فرنسا ضد إصلاح نظام التقاعد في محاولة لجعل الحكومة ترضخ لمطالب المحتجين، وتجلت أمس السبت في مظاهرات عدة مع استمرار الاضطرابات في قطاع النقل العام، وذلك قبل اختبار قوة جديد يوم الثلاثاء المقبل.
- أزمة المعاشات.. "خميس أسود" يشل مفاصل الاقتصاد الفرنسي
- خطة شبكة النقل لمواجهة إضراب 5 ديسمبر في فرنسا
ويجمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مساء الأحد، في قصر الإليزيه الوزراء المعنيين بمشروع إصلاح نظام التقاعد المهدّد باحتجاجات تعوق حركة وسائل النقل المشترك بشكل كبير، قبل إعلانات مهمة خلال الأسبوع.
وانطلقت حركة الاحتجاج، الخميس، مع نزول أكثر من 800 ألف شخص إلى شوارع فرنسا بحسب وزارة الداخلية، والدعوة إلى إضراب يؤثر بشكل كبير على حركة النقل عبر سكك الحديد والنقل المشترك بما في ذلك القطارات فائقة السرعة والمترو في باريس. ودعت النقابات إلى يوم جديد من المظاهرات الثلاثاء.
وستشكل مظاهرات الثلاثاء اختباراً عشية عرض رئيس الوزراء إدوار فيليب الإصلاحات بالتفصيل.
وقال الأمين العام لنقابة "القوى العاملة" إيف فيريه: "لقد سددنا ضربة قوية، وولدت ديناميكية"، قبل أن يحدد تجمع النقابات موعداً جديداً للتعبئة في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري.
والخميس، حشدت المظاهرات عدداً أكبر من المشاركين مقارنة بالأيام الأولى من التحركات الاجتماعية بشأن التقاعد في 1995 و2003 و2010.
واندلعت موجة الغضب بسبب "النظام الشامل" للتقاعد الذي يُفترض أن يحلّ اعتباراً من عام 2025، مكان 42 نظاماً تقاعدياً خاصاً معمولا بها حالياً.
وتعد الحكومة بترتيب "أكثر إنصافا" في حين يخشى المعارضون للإصلاحات إلحاق الضرر بالمتقاعدين.
وشارك في المظاهرات أساتذة وعمال سكك حديد ورجال إطفاء وعاملون في القطاع العام وغيرهم كثيرون. ونزل أكثر من 800 ألف شخص إلى الشارع، الخميس، فيما تراجع نشاط بعض القطاعات أو حتى توقّف مثل معامل التكرير. وعززت حركة النقابات المعارضة لنظام الإصلاحات موقعها.
ونظام التقاعد موضوع حساس للغاية في فرنسا، ويأمل المعارضون الأكثر تشدداً في أن تستمر الحركة وأن يتمّ إغلاق البلاد كما حصل في ديسمبر/كانون الأول 1995. وآنذاك، تسببت الحركة الاحتجاجية ضد إصلاحات النظام التقاعدي بشلّ وسائل النقل المشترك لثلاثة أسابيع وأرغمت الحكومة على التراجع.
- أيام حاسمة
وتبدو الأيام المقبلة حاسمة بالنسبة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي جعل من "تحوّل" فرنسا هدفاً لعهده.
وتجازف الحكومة في سياق اجتماعي متوتر أصلاً، مع تحركات محتجي "السترات الصفر" غير المسبوقة منذ أكثر من عام وتفاقم الاستياء في المستشفيات وفي صفوف الطلاب وعمال السكك الحديد والشرطة ورجال الإطفاء والأساتذة والمزارعين.
وقالت مديرية الشرطة في مدينة نانت (غرب) إنّ نحو 2800 شخص تظاهروا أمس السبت ضدّ الإصلاحات المطروحة، مشيرة إلى أنّ المظاهرة شابتها صدامات بين قوات الأمن والمتجمعين حين رشق متظاهرون مقر الشرطة بقوارير وحصى.
وفي باريس، خرجت عدة حشود وسط جو متوتر وفي ظل رقابة أمنية لصيقة. وتجمّع نحو ألف شخص من "السترات الصفراء" في جنوب العاصمة، حيث وقعت بعض الصدامات مع الشرطة التي استخدمت الغاز المسيّل للدموع.
وتحت شعار "إصلاحك يشبه لافتتي، إنّهما من ورق"، تظاهر نحو 1800 شخص في مرسيليا (جنوب-شرق)، بحسب مديرية الشرطة، تلبية لدعوة الاتحاد العام للعمل، وانضم إليهم متظاهرون من "السترات الصفر".
كما أشارت الشرطة إلى تظاهر نحو 1200 في كون (شمال-غرب) و1100 في بوردو (جنوب-غرب) و800 في ليل (شمال) وهافر، و700 في ليون (وسط-شرق).
وجرى إلغاء عدد من العروض المقررة هذا الأسبوع في المسرح الوطني، وكذلك في دار أوبرا باريس، فيما فتحت بضعة متاحف باريسية لعدد من الساعات.
- سحب المشروع
ودعت أكبر 3 نقابات لسكك الحديد إلى توسيع نطاق التعبئة ضدّ مشروع الحكومة. وقال أمين عام الكونفدرالية العامة للعمل-سكك حديد لوران بران: "ندعو إلى (...) تعزيز الحراك بدءاً من غدٍ الإثنين لنؤكد أمام الحكومة أننا نريد سحب مشروعها".
وتأثر قطاع النقل أمس السبت أيضاً بالإضراب؛ إذ جرى تسيير 15% من القطارات في الضواحي الباريسية، وقطار سريع واحد من أصل ستة، في حين أكدت الهيئة المستقلة للنقل في باريس إغلاق تسعة خطوط مترو.
ووعد رئيس الوزراء الفرنسي إدوارد فيليب بأنه سيعرض الأربعاء المقبل "مشروع الحكومة كاملاً". وشدّد أيضاً على أنه ليس "في منطق المواجهة".
وقال أمين عام الكونفدرالية العامة للعمل فيليب مارتينيز، أمس السبت، في مستهل مظاهرة باريس، إنّ الحكومة تفعل "كل شيء لكي تستمر التعبئة والإضرابات".
وأعرب عن أسفه لكون رئيس الوزراء "تكلم أمس لتحديد عدد من الأمور ولكن في العمق" فإنّه "لم يقل إنّه سيسحب مشروعه".
وعلى الحكومة أن تحتوي الغضب على أصعدة مختلفة، ليس فقط على صعيد نظام التقاعد الخاص. وعليها خصوصاً الاستجابة لمخاوف الأساتذة الذين يخشون انخفاض رواتبهم التقاعدية مع قواعد الاحتساب الجديدة.
وفي محاولة لتهدئة تلك المخاوف، تعهد إدوارد فيليب بإجراء "إعادة تقييم تدريجي".
وقالت مصادر قريبة من فيليب إنّه بصدد عقد عدة اجتماعات في نهاية الأسبوع حول مشروع إصلاحات التقاعد، من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.
وقبل أيام من أعياد نهاية العام، أخذ العاملون في التجارة والسياحة يعربون عن قلقهم من تداعيات حراك احتجاجي يحتمل أن يستمر طويلاً.
وذكرت أوساط الرئيس الفرنسي أن اجتماع الأحد سيكون "اجتماع عمل مع رئيس الوزراء (إدوار فيليب) والوزراء المعنيين" بهدف "التحضير للاستحقاقات في مطلع ومنتصف الأسبوع".
وتتوالى في عطلة نهاية الأسبوع اجتماعات وزارية حول مشروع الحكومة لإصلاح نظام التقاعد في ماتينيون، خصوصاً مع وزيرة الصحة أنييس بوزان والمفوّض الأعلى لإصلاح نظام التقاعد جان بول دولوفوا ووزير النقل جان باتيست جباري.
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuNTcg جزيرة ام اند امز