أزمة المعاشات.. "خميس أسود" يشل مفاصل الاقتصاد الفرنسي
الإضراب الذي دعت إليه النقابات العمالية متوعدة بأنه سيكون "خميس أسود"، شمل توقيف القطارات والمترو، وإغلاق المدارس، وشهد موجة عنف وتخريب
شهدت فرنسا، صباح الخميس، إضراباً عاماً أصاب البلاد بشلل لا سيما في العاصمة باريس، تخلله أكثر من 250 مظاهرة وفعالية في جميع أنحاء البلاد، بمشاركة عدة فئات حيوية، في أعنف موجة إضرابات شهدتها البلاد لإجبار الحكومة الفرنسية على التراجع على إصلاحات قانون المعاشات.
ذكرت صحيفة "لوباريزيان" الفرنسية أن الإضراب الذي دعت إليه النقابات العمالية متوعدة بأنه سيكون "خميس أسود"، شمل توقيف القطارات والمترو، وإغلاق المدارس.
ونقلت الصحيفة عن رئيس هيئة السكك الحديدية في فرنسا، قوله إنه يناضل من أجل انتصار على خطى إضراب عام 1995، حين دعا رئيس الوزراء الفرنسي آنذاك آلام جوبيه إلى إصلاح قانون التقاعد، وتراجع بعد ضغط من الشارع الفرنسي في موجة إضرابات غير مسبوقة.
ووفقاً لاستطلاع للرأي أجراه موقع "يوجوف "لأبحاث التسويق، فإن عدد المضربين حتى منتصف اليوم بلغت نحو 69%، فيما أعلنت وزارة التعليم الفرنسية أن أكثر من 51.5% من معلمي مرحلة التعليم الأساسي في فرنسا شاركوا في الإضراب، و42.32% من معملي المرحلة الثانوية.
خرجت مظاهرات حاشدة في المدن الفرنسية الكبرى، ليون، ومارسيليا، وأيكس أون بروفانس، وهافر، حسب الصحفية.
وبالنسبة لمحطات المترو، وضعت هيئة النقل المستقلة في باريس سير الخدمة فقط خلال ساعات الذروة (6.30-9.30 صباحاً، ومن 5 مساء إلى 8 مساء) للشبكتين "إيه. وبي"، على الخطوط 1 و4 و7 و9 و14 من المترو.
وحول الأحزاب السياسية المشاركة في الإضراب، قالت الصحيفة الفرنسية إن الأحزاب اليسارية مثل الاشتراكي وحزب الخضر والحزب الشيوعي، أعلنوا مشاركتهم في الإضراب، فيما رفض حزب "الجمهوريين" (اليمين) بينما أعلن حزب التجمع الوطني (اليمين المتطرف) مشاركته في الإضراب.
وبالنسبة للإجراءات الأمنية، أعلنت وزارة الداخلية الفرنسية مواجهة الإضرابات والاحتجاجات بخراطيم المياه، والطائرات بدون طيار "درون" والدراجات النارية، وكاميرات المراقبة، تحسباً لتسلل حركة "بلاك بلوك" (المتطرفة) التي تثير الشغب خلال الاحتجاجات، كما تم تعبئة نحو 6 آلاف من رجال الشرطة والدرك في مدينة باريس ودراجات نارية.
وحول الفعاليات والاحتجاجات، تجمع الآلاف في باريس أمام محطة الشمال نحو الساعة الواحدة ظهراً، والفعالية الثانية في مدينة "كورتيج" الساعة الثانية ظهراً، حتى السابعة مساء في ساحة "لاناسيون بالمقاطعة الثانية عشرة".
وفي باريس أضرم المحتجون النار في القمامة بشارع بوليفار بساحة الحرية في باريس، كما شهدت مواجهات ساخنة بين الشرطة والمحتجين في مدينة ليون ومارسيليا ورون.
كما أعلنت الشرطة الفرنسية اعتقال 18 وعملية تفتيش نحو 3118 فرنسيا في العاصمة الفرنسية باريس.
وفيما يتعلق بحركة السير، ذكرت الصحيفة الفرنسية أنه حتى منتصف اليوم توقفت 90% من القطارات وإغلاق 11 خط مترو في باريس، وهي الخطوط 2 و3 و3 مكرر و5 و6 و7 مكرر و8 و10 و11 و12 و13.
وبالنسبة لقطارات أنفاق باريس، يواصل الخطان الوحيدان اللذان يعملان بدون سائق العمل بشكل طبيعي، مع تقليص عمل الخطوط الأربعة عشر الأخرى إلى الحد الأدنى أو تعليقها تماما، حسب وكالة الأنباء الألمانية.
من جانبها، أشارت صحيفة "لوفيجارو" الفرنسية إلى أن 10% فقط من القطارات عملت وقت الإضراب، فضلا عن توقف القطار فائق السرعة "تي.جي.في" نهائياً.
وبالنسبة للمجال الجوي، فقد تم إلغاء 20% من الرحلات الجوية في فرنسا وفقاً للمديرية العامة للطيران الفرنسي، وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن النقل البري ليس الوحيد الذي تأثر بالإضراب.
وألغت الخطوط الجوية الفرنسية (إير فرانس) 30% من رحلاتها الداخلية و15% من رحلاتها داخل الاتحاد الأوروبي.
من جهة أخرى، أعلن "برج إيفل" إغلاق أبوابه أمام الزوار بسبب الإضراب العام الذي تمت الدعوة له احتجاجا على خطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لإصلاح نظام التقاعد، كما أغلق متحف أورسيه للفن الحديث أبوابه، إلا أن متحف اللوفر أعلن مواصلة استقبال الزوار، باستثناء بعض الغرف، وأن المعرض المقام به بمناسبة الذكرى الــ500 لرحيل ليوناردو دا فينشي لن يتأثر، بحسب وكالة الأنباء الألمانية.
وأشارت الصحيفة الفرنسية إلى أن الطلب على تأجير الدراجات، خلال يوم الخميس، اًصبح تاريخياً بسبب تعطل وسائل المواصلات خلال الإضراب.
وكانت الحكومة الفرنسية أعلنت، أمس، اتخذها عدة تدابير لمواجهة حركة الإضرابات، فيما يتعلق بوسائل النقل بتوفير 500 ألف وسيلة نقل مختلفة في أنحاء البلاد لتعويض الفرنسيين، عن إضراب وسائل النقل، بينها سيارات "ماكرون كار" للسفر، وسيارات أجرة، والأتوبيس النهري.
وأعلن وزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل جان-بابتيست جيباري بأن الإضراب قد يستمر لأيام.
وأطلق مبادرة الإضراب "الاتحاد العام للعمال في فرنسا، والقوة العاملة الفرنسية، والاتحاد النقابي الوحدوي، المعني بالمهن التعليمية"، وانضم إليها العاملون في عدة قطاعات حيوية فرنسية، منها المترو، والقطارات، والحافلات، والمدارس، وجمع القمامة، والمحامون والعاملون في القضاء".
وفيما يتعلق بمشروع القانون المثير للجدل الذي يطلق عليه قانون "ديلوفوا"، فهو مشروع قانون تقدم به وزير فرنسي سابق جون بول ديلوفوا، ويتضمن إصلاح قانون المعاشات التقاعدية، وينص على إنشاء نظام اشتراكي اجتماعي بالنقاط للحلول محل الاشتراكات السنوية، فضلاً عن رفع سن التقاعد الكامل من 62 إلى 64، مع الإبقاء على السن القانونية 62 لكي يحصل المتقاعد على معاش أقل، ويتم تخييره ما بين الانتظار للسن القانوني أو الحصول على معاش غير مكتمل.