الثروات تهرب من العصاميين إلى أبناء الأغنياء.. «nepo-baby» ينتصر
مصطلح nepo-baby هو وصف يستخدم الآن ويشار به إلى الأشخاص الذين نجحوا في مجالات بفضل نجاح آبائهم في مهن مماثلة أو ذات صلة.
المصطلح الذي يعبر باختصار عن "أبناء الواسطة" تحول إلى ظاهرة عالمية نعيش فيها الآن، بحسب تقرير جديد لبلومبرغ، يقول إن المليارديرات العصاميين الذي بنوا ثرواتهم بأنفسهم في تراجع، ويهيمن على عالم المال الآن المليارديرات الجدد الذين يجمعون ثروات أكثر من خلال ما وصل لهم من ميراث طائل.
ويوضح التقرير أنه وللمرة الأولى منذ 15 عاما لم يعد هناك مليارديرات عصاميون تحت سن الثلاثين.
ويقول ما يقرب من 2 من كل 3 من أثرياء جيل الألفية إن أمنهم المالي التقاعدي يعتمد على مقدار ما يرثونه من ثروات لم يبذلوا مجهودا في جمعها.
ومن هنا فإن كتاب المقابلات الجديد للملياردير الفرنسي "كزافييه نيل" عن رحلته من شخص غريب مناهض للمؤسسة المالية إلى صاحب ثروة تقدر بنحو 10.3 مليار دولار يشكل قراءة رائعة، وإن كانت مزعجة.
وتقول بلومبرغ إن قصة "نيل" ليست قصة ثري حصل على الثراء بسهولة عن طريق ميراث، ولكنها أقرب إلى قصصة تحقيق ثراء مليارديرات التكنولوجيا الأمريكيين.
وبعد اختراقه صناديق التلفزيون المدفوع في سن المراهقة والترويج للخدمات للبالغين عبر شركته "مينيتل" الفرنسية الرائدة في مجال الإنترنت أصبح "نيل" من الأثرياء العصاميين، ولكن إنجازاته أكسبته أيضاً غضب أصحاب المناصب الأثرياء.
وفي كتابه، أعرب الملياردير الفرنسي علناً عن قلقه من أنه يشكل قلة استثنائية الآن من الأثرياء الذين صنعوا أنفسهم والذي تصفهم القاعدة العامة الآن لتحقيق الثروات بالمعجزة.
وتقول بلومبرغ إنه هناك بيانات حديثة تؤكد صحة ادعاء الملياردير الفرنسي، فإن فرنسا على سبيل المثال شهدت تضخما لثروات المليارديرات دون ريادة أعمال خلال عهد إيمانويل ماكرون.
وقدر روتشير شارما، مؤلف كتاب "ما الخطأ الذي حدث مع الرأسمالية؟"، أن ثروات المليارديرات الفرنسيين تضاعفت تقريبا في 5 سنوات إلى 21% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وبلغت ثروة وريثة لوريال فرانسواز بيتنكورت مايرز نحو 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي الفرنسي، وتبلغ ثروة برنارد أرنو، رئيس شركة إل في إم إتش وابنته، التي تعتبر إحدى شركاء كزافييه نيل، نحو 5%.
وفي نظر "نيل" فإن تنشيط الحراك الاجتماعي نحو المزيد من العمل الذاتي مهمة، ومن الأفضل معالجتها من المصدر بدلاً من تكليف الدولة الفرنسية، التي نجحت سلطاتها في إعادة التوزيع بشكل أفضل في الحد من تأثير عدم المساواة في الدخل.
ومن هنا جاء تركيزه على إيجاد المواهب خارج حزام نخبة الأثرياء الذين حصلوا على ثرواتهم في الغالب عن طريق الميراث.
كما يرى أن المزيد في التنوع في الاهتمام بالكوادر الناشئة سيكون أحد حلول ظاهرة انتشار أصحاب المليارات الموروثة، حيث تظهِر أبحاث جديدة أن أطفال الأسر ذات الدخل المنخفض ممثلون تمثيلا متواضعا بين فئة المخترعين وحملة الدكتوراه والأساتذة، وهو ما يحرم البلدان من الاكتشاف العلمي المحتمل ومكاسب الإنتاجية.
في حين أن "نيل" محق في التركيز على تعزيز تكافؤ الفرص، فإنه ربما يكون متغاضيا بشأن الميزة التنافسية لفرنسا وأوروبا في الاحتفاظ بالمواهب في الداخل دون إصلاح خفض البيروقراطية ودمج الأسواق، وهي الأمور التي تؤثر أيضا في ظهور رواد أعمال عصاميين جدد.
في هذا الشأن تقول "بلومبرغ" إن صفقات رأس المال الاستثماري تتقلص في أوروبا وفق مؤشرات جديدة، مع تركيز صناديق التمويل على دعم شركات قائمة بدلاً من مخاطرتها بتمويل شركات جديدة.
لذا تتجه الشركات الناشئة إلى بلدان أخرى تشهد زيادة أكثر في احتمالات تأمين تمويل رأس المال الاستثماري في السنوات الخمس الأولى من وجودها على الأقل.
ومع نهاية عام 2023 الماضي، كشف تقرير جديد لبنك يو بي إس السويسري إن عدد المليارديرات وثرواتهم الإجمالية زادت العام الماضي، حيث تجاوزت الثروات التي ورثها الأثرياء الجدد حجم النقد الذي أنتجه المليارديرات العصاميون لأول مرة منذ سنوات.
وقال بنك يو بي إس في تقرير طموحات المليارديرات لعام 2023 بحسب وكالة رويترز، إن عدد المليارديرات ارتفع بنسبة 7% إلى 2544 شخصا على مستوى العالم، حيث ارتفعت ثروتهم الإجمالية بنسبة 9% إلى ما يقدر بنحو 12 تريليون دولار.
وأنه ولأول مرة منذ بدء الدراسة في عام 2015، جمع المليارديرات ثروة أكبر عن طريق الميراث مقارنة بأنشطتهم التجارية الخاصة.
ومن بين 137 مليارديرا جديدا حتى نهاية 2023 ورث 53 وارثا ما مجموعه 150.8 مليار دولار خلال العام الماضي، وهو ما يتجاوز إجمالي ثروات 84 مليارديرا عصاميا جديدا، التي بلغت 140.7 مليار دولار، وفقا للبنك.
وقال بنك يو بي إس، الذي يشرف على 5.5 تريليون دولار من الأصول المستثمرة وهو أحد أكبر مديري الثروات في العالم، إن نقل الثروة بين الأجيال يكتسب زخما مع مرور المزيد من الأموال عبر الأجيال.