مليارديرات الجائحة.. هل حان وقت تسديد فاتورة الثراء الفاحش؟
شهد عام 2020 تضخم ثروات المليارديرات وارتفاعها إلى ذرى جديدة، على الرغم من تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي.
وانقسم الأثرياء إلى فريقين الأول يحاول البحث عن كيفية الحفاظ علي ثرواتهم وتدعيمها وسط الخراب العالمي التي تسببت فيه الجائحة، فيما يدرس الآخرون كيفية اتقاء أي مطالب من الحكومات وعامة الناس، لكي يتحمل الأثرياء نصيبهم من ثمن النهوض من كبوة فيروس كورونا وكيفية التعامل مع تلك المطالب.
قال موريس بيرل العضو المنتدب سابقا لدى بلاك روك والذي يرأس جماعة باتريوتك مليونيرز (المليونيرات الوطنيون) التي تعتقد أن على أصحاب الثروات بذل المزيد من الجهد لتضييق الهوة بين الأثرياء والفقراء "انهار سوق الأسهم قبل عام وبحلول يوليو/تموز كانت محفظتي قد عادت إلى ما كانت عليه قبل ذلك في بداية العام. وهي الآن أعلى بكثير".
وأضاف "المشكلة الجوهرية هي هذا الظلم الجسيم الذي يزداد استفحالا".
- مذبحة في وول ستريت بقوة مليار دولار بالساعة.. أثرياء العالم ينزفون
- أباطرة صناعة التجميل.. 10 أثرياء جمعوا 135 مليار دولار في عام كورونا
وكشفت سلسلة من المقابلات أجرتها رويترز مع 7 من المليونيرات والمليارديرات وأكثر من 20 مستشارا ممن يقدمون المشورة للأثرياء أن الخطط التي يبحثها أصحاب الثراء الفاحش تتباين من أعمال خيرية لتحويل الأموال والشركات إلى صناديق الوقف أو نقل النشاط إلى دول أخرى أو إلى دول ذات نظم ضريبية مواتية.
صناديق الوقف خطة رئيسية للهروب
ويقول مديرو الثروات إن انتخاب جو بايدن رئيسا في الولايات المتحدة وتوقعات زيادة الضرائب على الأغنياء أدت بصفة خاصة إلى زيادة حادة في الطلب من الزبائن على إنشاء صناديق الوقف.
وسيسمح لهم ذلك بنقل الأموال إلى أبنائهم أو غيرهم من الأقارب بمقتضى الحد المعفي قانونا من الضرائب حاليا ويبلغ 11.7 مليون دولار للفرد الواحد.
وخلال حملة الدعاية الانتخابية اقترح بايدن العودة إلى المستويات السارية عام 2009 عندما كان حد الإعفاء يبلغ 3.5 مليون دولار.
وقالت ألفينا لو كبيرة خبراء استراتيجيات الثروات لدى ويلمنجتون تراست "شهدنا طفرة في صناديق الوقف الجديدة في الربع الأخير من العام الماضي".
وأضافت "الغالبية العظمى من عملائنا تبنت نهجا يدعو للتريث حتى الانتخابات في نوفمبر/تشرين الثاني ثم ازدادت السرعة بشدة".
وقال جيسون كين خبير استراتيجيات الثروة إن العديد من الأسر بالغة الثراء سعت أيضا لنقل أصول أخرى من بينها شركات إلى صناديق الوقف مستفيدة من وضع "فريد" يتيحه انخفاض أسعار الفائدة والتقييمات المنخفضة بفعل الجائحة في ترتيب أوضاع قد تحقق لها وفورات ضريبية كبيرة في قادم الأعوام.
وأوضح كين الذي يعمل بشركة بوسطن برايفت لاستشارات الثروات في الولايات المتحدة إن الاستفسارات عن مثل هذه الاستراتيجيات زادت إلى 3 أمثالها خلال الأشهر السبعة أو الثمانية الأولى من الجائحة.
وقال "ما بين 75 و80% من الأسر التي نتحدث إليها مقتنعة بأن ذلك الوقت كان فرصة سانحة وأنه كان عليها أن تتحرك".
الانتقال لبلدان مواتية للثراء البالغ
يخطو آخرون في مختلف أنحاء العالم خطوات أكثر جرأة بالانتقال إلى دول ومناطق ذات نظم ضريبية ومجتمعات مواتية للثراء البالغ، وقالت شركة هينلي آند بارتنرز وهي شركة عالمية لتقديم المشورة فيما يتعلق بالجنسيات والإقامة ومقرها لندن إن الاستفسارات من كبار الأثرياء الساعين للانتقال من بلادهم قفزت خلال الجائحة.
وأضافت أن عدد الاتصالات من الزبائن في الولايات المتحدة قفز 206% في 2020 عن العام السابق بينما زادت الاتصالات من البرازيل بنسبة 156%.
وبالنسبة لكثيرين في الدول الناشئة فقد دفعت المخاوف من أن تؤدي شدة الضغط على الخدمات العامة إلى اضطرابات شعبية بالأجيال الأصغر سنا من أفراد الأسر الثرية بصفة خاصة إلى البحث عن فرص في الخارج.
العمل الخيري
في الوقت الذي تواصل فيه الدول مكافحة تداعيات الجائحة يشير الاقتصاديون إلى مشكلة أكبر تلوح في الأفق تتمثل في الفصل بين الثروة المفرطة وبين الرخاء الاقتصادي عموما.
وبحلول أوائل مارس/آذار زادت ثروات المليارديرات في الولايات المتحدة 1.3 تريليون دولار أي بما يعادل النصف تقريبا منذ بداية الجائحة وفقا للأبحاث التي أجراها معهد دراسات السياسات وجماعة "أمريكيون من أجل العدالة الضريبية".
- إنفوجراف.. أثرياء الجائحة.. أغنى 5 مليارديرات في أفريقيا
- خريطة أثرياء الصين في القارة الصفراء.. كيف قهروا الفيروس؟
وبهذا ارتفعت ثروة هؤلاء إلى 4.2 تريليون دولار أي ما يعادل خُمس الناتج الاقتصادي الأمريكي في 2020 تقريبا ومثلي الثروة الإجمالية للنصف الأفقر من السكان البالغ عددهم 330 مليون نسمة.
وقد ركزت الجائحة أنظار كثيرين من أثرى الأثرياء على القضايا الاجتماعية، وفقا لما قالته جودي سبالتوف رئيسة الإدارة الأمريكية للخدمات الاستشارية والخيرية لدى يو.بي.إس.
وبالنسبة لكثيرين يعني ذلك الاتجاه للعمل الخيري.
وقد شهد فريق سبالتوف طفرة في الزبائن الذين يدخلون شراكة مع مؤسسة أوبتيموس التابعة لبنك يو.بي.إس والتي تتولى تحويل الأموال إلى قضايا مثل حركة العمل ضد الجوع وارتفعت التبرعات بنسبة 74% العام الماضي عنها في 2019 لتصل إلى 168 مليون دولار.
غير أن المليونير جاري ستيفنسون الذي يعيش في بريطانيا وهو متعامل سابق في سيتي بنك يرى أن أي خطة لمعالجة هذا التفاوت في الثروة لا بد أن تشمل ضريبة على الثروة.
وقال "نحن نعيش في وضع الآن يدفع فيه المليارديرات في كثير من الأحيان ضرائب بشرائح ضريبية على دخلهم أقل من العمال العاديين".
وأضاف "لكني لا أعتقد أن فرض الضرائب على دخلهم سيكفي ببساطة ... فالأمر يتطلب ضرائب تسري على الثروة".
aXA6IDE4LjE5MS45Ljkg جزيرة ام اند امز