خرج علينا الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني، مؤخرا، بتغريدة جديدة ناقلا فيها نصا تاريخيا غريبا.
في فضيحة علمية قطرية، خرج علينا الشيخ حمد بن جاسم آل ثاني مؤخرا بتغريدة جديدة، ناقلا فيها نصا تاريخيا غريبا يقول في أسطره الأولى: «عندما تنهار الدول؛ يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدعون والكتبة والقوالون والمغنون النشاز والشعراء النظامون والمتصعلكون وضاربو المندل.. إلخ»، ونسب هذا الكلام العجيب إلى العلامة ابن خلدون الذي توفي عام 1406م، وقال ما معناه إنه قرأ تلك الجمل المضطربة في أعظم الكتب التي تتكلم في فلسفة التاريخ، ألا وهو كتاب «المقدمة» للعلامة ابن خلدون.
في فضيحة علمية قطرية، خرج علينا حمد بن جاسم آل ثاني مؤخراً بتغريدة جديدة ناقلاً فيها نصاً تاريخياً غريباً يقول في أسطره الأولى: «عندما تنهار الدول يكثر المنجمون والمتسولون والمنافقون والمدعون والكتبة والقوالون والمغنون النشاز والشعراء النظامون والمتصعلكون وضاربو المندل.. إلخ»
وقال ابن جاسم، إن ذلك الكلام ينطبق على دول الخليج، في تلميح إلى الدول الخليجية التي تقاطع قطر. ومن الطريف أن العديد من الكتاب تباروا ليردوا عليه وليقولوا إن هذه الجمل ذات المعاني السلبية تنطبق على قطر. وكنت قد تلقيت تلك الجمل المتهافتة منذ ما يقرب من شهر من بعض الأصدقاء والمعارف، وعندما قرأتها تبسمت لأنني أعرف أن ابن خلدون لم يقل هذا الكلام، ولا شك في أن أحد الصحفيين أو الكتاب العرب المغمورين، أراد أن تنتشر عباراته السياسية الوعظية الساذجة، فنسبها لابن خلدون لأنه يعرف أن عموم القراء لا يدققون ولا يحققون، لكنني لم أصحح للإخوة الذين أرسلوا لي تلك العبارات المنسوبة لابن خلدون لأنني مللت من التصحيح لكثرة ما يعج به الفضاء الإلكتروني من أوهام وأضاليل، لكنني أضطر للتوضيح بعدما وجدت الانسياق لتصديق هذه الجمل الكاذبة.
أولا: اللغة والمفردات والعبارات والتشبيهات لا تمت بصلة لأسلوب وعبارات العلامة ابن خلدون وعصره.
ثانيا: المعاني المبثوثة في تلك الجمل وتضميناتها، هي من المعاني والتضمينات العربية المعاصرة، التي يغلب عليها الطابع الصحافي السائد، في مقالات الجرائد والمجلات العربية الحديثة.
ثالثا: إذا رجعنا إلى كتاب مقدمة العلامة ابن خلدون، لا نرى أي أثر لتلك الجمل المنسوبة له.
رابعا: أن الفصول التي يتكلم فيها ابن خلدون في كتاب «المقدمة» عن نهاية الدول ونهاية الملك، وهي: «فصل في أنه إذا استحكمت طبيعة الملك من الانفراد بالمجد وحصول الترف والدعة أقبلت الدولة على الهرم»، وفصل «في أن الظلم مؤذن بخراب العمران»، وفصل «في أن الحضارة غاية العمران ونهاية لعمره وأنها مؤذنة لفساده»، وفصل «في أن الأمصار التي تكون كراسي للملك تخرب بخراب الدولة وانتقاصها».. إلخ، «كل تلك الفصول في كتاب المقدمة لا علاقة لها بالجمل الغريبة المنسوبة لابن خلدون، فهو يتكلم عن العصبية والعمران وأجيال الحكم وعن بعض النواحي الأخلاقية، فيقول ابن خلدون: «ومن مفاسد الحضارة الانهماك في الشهوات والاسترسال فيها لكثرة الترف فيقع التفنن في شهوات البطن من المآكل والملاذ.. إلخ». وجدير بالوزير القطري أن يستمتع بتقاعده وملياراته وليدع العلامة ابن خلدون مستريحا في قبره.
نقلا عن صحيفة "الاتحاد"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة