ابن لادن رأى أن ما يُسمى بـ«ثورات الربيع العربي» سيكون طريق تنظيم القاعدة لإسقاط السعودية، وبقية دول الخليج العربي
«ثبت أنها (قطر) هي الجهة المؤهلة لتحمل المسؤوليات، وهي الجهة الأسلم لتلافي الأزمات»... «سقوط السعودية معناه سقوط دول الخليج بالتتابع، كل دول الخليج لها حركة ما عدا قطر»... «فيما »... «(قناة) الجزيرة تقاطعت مصالحها مع مصالحنا، ومن المفيد ألا نستعديها»..
هذا جزء مما قاله زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن في وثائق من بين نحو 470 ألف ملف، حصلت عليها الـ«سي آي إيه» بعد الغارة التي نفذتها قوات البحرية الأميركية عام 2011 على مجمع ابن لادن في باكستان، حيث تم الكشف عن أسرار جديدة تشرح تلاقي المصالح «القاعدية» القطرية، فبينما كان ابن لادن يظهر العداء لجميع الدول، وعلى رأسها السعودية، كانت قطر استثناء يرى فيها وسيلة قادرة على تحقيق غايات استراتيجية لتنظيمه، ورغم عدم وجود ما يشير إلى تواصل مباشر بين الحكومة القطرية و«القاعدة»، فإن العلاقة القوية والمعلنة بين قناة «الجزيرة» القطرية والتنظيم الإرهابي، كانت حلقة الوصل التي دفعت الحرج عن النظام في قطر، باعتبارها تستطيع أن تفعل ذلك تحت غطاء العمل الإعلامي، وهو ما قامت به على أكمل وجه مروّجة للتنظيم كما لم يفعل غيرها، وكما فعلت لاحقاً مع جبهة النصرة.
ابن لادن رأى أن ما يسمى بـ«ثورات الربيع العربي» سيكون طريق تنظيم القاعدة لإسقاط السعودية، وبقية دول الخليج العربي، ما عدا قطر بالطبع، بحسب الوثائق، وهي نفس الاستراتيجية التي اتبعها أمير قطر السابق حمد بن خليفة، وبدت بشكل واضح من خلال التسجيلات الشهيرة مع القذافي، وهذا يعيدنا إلى علاقة الدوحة المريبة مع العقل المدبر لهجمات سبتمبر (أيلول)، خالد شيخ محمد، الذي كان يعمل في وظيفة شكلية في المؤسسة العامة للماء والكهرباء إبان إقامته في قطر في النصف الثاني من التسعينات.
ابن لادن رأى أن ما يسمى بـ«ثورات الربيع العربي» سيكون طريق تنظيم القاعدة لإسقاط السعودية، وبقية دول الخليج العربي، ما عدا قطر بالطبع، بحسب الوثائق، وهي نفس الاستراتيجية التي اتبعها أمير قطر السابق حمد بن خليفة، وبدت بشكل واضح من خلال التسجيلات الشهيرة مع القذافي
وبحسب ما كشفه ريتشارد كلارك منسق الشؤون الأمنية ومكافحة الإرهاب في إدارتي الرئيسين الأميركيين كلينتون وبوش، فإن السلطات الأميركية، طلبت من السفير الأميركي في الدوحة ألا يتحدث إلا مع حمد بن خليفة نفسه، وأن يطلب منه التحدث فقط مع رئيس الاستخبارات القطرية من أجل القبض على خالد شيخ، قبل أن تحدث المفاجأة الصاعقة أن المطلوب الأكثر خطورة اختفى في مدينة صغيرة مثل الدوحة في غضون ساعات من لقاء السفير مع الأمير القطري، ويضيف كلارك: «إن القطريين قالوا لنا لاحقاً إنهم يعتقدون أنه غادر البلد. ولم يقولوا لنا قط كيف غادر». إذن العقل المدبر لهجمات سبتمبر سُمح له بشكل متعمد بالهروب من قبضة الاستخبارات الأميركية، ولو تم إلقاء القبض عليه لكان هناك احتمال كبير بعدم وقوع الهجمات أصلاً.
إذا كانت العلاقة السرية بين «القاعدة» وإيران لم تعد تحتاج للمزيد من الوثائق، كما لم تفاجئنا مذكرات ابن لادن عن علاقة تنظيمه بالنظام الإيراني، فالبراهين والدلائل كشفت مرة تلو أخرى عن تلك العلاقة الوثيقة، فإن مذكرات ابن لادن أظهرت بشكل جلي تلاقي استراتيجية «القاعدة» وقطر بشكل خفي، بإشعال الفوضى عن طريق «الربيع العربي» وتدمير السعودية وباقي دول الخليج، وأختم هنا بقصة رواها لي مسؤول خليجي كبير، حيث كان أحد شهودها، فخلال زيارة لأمير قطر السابق برفقة رئيس وزرائه حمد بن جاسم لدولة خليجية ولقائه مع حاكمها، عاتب المضيف حمد بن خليفة بأن ترويج قناة «الجزيرة» لأدبيات «القاعدة» ورسائل بن لادن المسجلة يتسبب بحملة تعاطف مع التنظيم تؤدي لانتشار الأفكار المتطرفة، فكان رد حمد بن خليفة «لستم أنتم المقصودين» (ثم أشار بيده باتجاه السعودية) باعتبارها الهدف، فرد عليه الحاكم الخليجي: وهل تعتقدون أنه إذا ذهبت السعودية وحدثت فيها فوضى، نحن وأنتم سنبقى؟!
نقلا عن "الشرق الأوسط"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة