ذكرى المولد النبوي في السودان.. مناسبة روحية تنعش اقتصاد البسطاء
في مطلع ربيع الأول من كل عام تمتلئ الساحات العامة في المدن والقرى السودانية بالحشود لإحياء ذكرى المولد النبوي الشريف.
ومع اقتراب شهر ربيع الأول، ينصب رجال الدين وجماعات الطرق الصوفية الخيام في الساحات كواحدة من التقاليد المهمة في هذه المناسبة.
ولا يعتبر المولد النبوي الشريف مجرد مناسبة لتغذية الروح فحسب، لكنه يمتد ليشكل مصدر رزق للبسطاء من خلال إتاحة فرص عمل للباعة المتجولين نتيجة الزخم الجماهيري في الساحات، ما يؤدى لإنعاش اقتصاد هذه الطبقة الاجتماعية، وفق رواياتهم.
وخلال فترة الـ10 أيام المخصصة للاحتفال بالمولد النبوي من بداية ربيع الأول إلى 10 من الشهر نفسه، يتمكن إبراهيم محمد وإخوانه من جني مبالغ مقدرة من بيع الحلويات البلدية، وتمثل هذه الفترة بمثابة موسم اقتصادي يربح من خلاله الكثير ويستعد له عدد كبير مبكرا.
ويقول إبراهيم لـ"العين الإخبارية": "نقوم بتحضير متاجر مؤقتة على محاذاة مع ساحات الاحتفال بالمولد النبوي، بجانب إعداد كميات كبيرة من الحلويات بأشكال وألوان، ولعب أطفال، ونتتظر بدء الفعالية حيث ترتاد العائلات والأفراد الساحات للشراء، ووقتها نتمكن من كسب مبالغ مقدرة تكفي احتياجاتنا لأشهر قادمة".
ويضيف: "هذه مناسبة عظيمة وفرت لنا فرصة عمل في ظل وضع اقتصادي متردي، ونحن سعداء بها، نحتفي بذكرى ميلاد المصطفى الذي نحبه، ونكسب الرزق الحلال".
وتفرض السلطات البلدية رسوماً رمزية على متاجر الحلوى، وهو ما يشجع هذه الفئة على الاستمرار في هذا العمل نظراً لقوة العائد المادي الذي قد يتبدد في أسواق أخرى نتيجة فرض الرسوم المبالغ بها؟
وأكثر ما يسعد الباعة الجائلين، هو حالة الأمان المتوفرة بساحات المولد بحيث تغيب المطاردات من قبل السلطات البلدية التي يقتصر تواجدها على حفظ الأمن ومنع التفليات، الأمر الذي يشكل محفزاً لعبداللطيف، وهو شاب في الـ17 من عمره، على الهرب من الأسواق العامة واللجوء ببضاعته لساحات المولد.
ويروى عبداللطيف، في حديثه مع "العين الإخبارية" وهو مهموما ببيع بالونات ولعب أطفال بساحة المولد في "أمدرمان"، أنه يحب هذا المكان ويأتي ببضاعته في الصباح الباكر ويعود في ساعة متأخرة من الليل بعد كسب مبالغ يشترى بها بعض الاحتياجات لأفراد عائلته.
ويضيف: "الكل هنا يشتري، بضاعتنا تنفد بسرعة ونكسب نقودا جيدة، أنا سعيد للغاية".
وتجد النساء أيضا نصيبهن من الرزق في ساحات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، من خلال بيع المكسرات والوجبات السريعة، مثل حواء عبدالرحمن، 55 عاما، التي تجلس بإحدى زوايا ميدان المولد في أمدرمان تعرض بعض الأطعة البلدية.
وتقول حواء لـ"للعين الاخبارية": "لدي 5 بنات وأولاد يدرسون في مراحل التلعيم المختلفة، وانا أقوم بهذا العمل لمساعدة والدهم في أعباء المعيشة وتوفير بعض الاحتياجات".
وأضافت: "ميدان المولد يمثل المكان المحبب لي وأسعد به سنويا رغم ضيق الفترة الزمنية للاحتفال، ولكن نحن نستمر في العمل بهذا المكان لأكثر من شهر بعد انتهاء الاحتفالات".
وتبدأ احتفالات المولد النبوي الشريف في السودان مع بداية شهر ربيع الأول عبر مهرجان يسمى "الزفة"، ويستمر لتختتم الاحتفالات في 9 من ذات الشهر.
وطوال هذه المدة تهتم العائلات بزيارة ميدان المولد وقضاء سهراتهم هناك حيث تتخلل الاحتفالات مدائح نبوية وأذكار وأدعية تقوم بها جماعات الطرق الصوفية.