المولد النبوي عند الجزائريين.. قدسية الذكرى بعادات أصيلة
عادات خاصة للجزائريين في الاحتفال بالمولد النبوي، بعض منها غريبة جدا.. تعرف على عادات الجزائريين في المولد النبوي
يولي الجزائريون ذكرى المولد النبوي الشريف أهمية بالغة وقدسية تليق بمولد خير الأنام محمد صلى الله عليه وسلم، من خلال موروث من العادات والتقاليد المرتبط بهذه المناسبة الخاصة جدا عند الجزائريين وكل العرب والمسلمين.
- بالصور: صناعة الخشب التقليدية في الجزائر.. روح الماضي بلمسة معاصرة
- بالصور.. "النحت على المعادن" فن صاعد يقتحم معارض الجزائر
وإن كانت مظاهر الاحتفال تشترك في بعض التفاصيل بجميع المناطق الجزائرية، ففي بعض المناطق منها خصوصية كبيرة في الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، حيث تزين المساجد الجزائرية، وتتسابق في إعداد حلقات عن السيرة النبوية.
تنظيف البيوت
في محافظة مستغانم التي تبعد غرباً عن العاصمة الجزائرية بنحو 355 كلم، تبدأ العائلات "المستغانمية" الاحتفال بالمولد النبوي الشريف مع حلول شهر ربيع الأول، بعادات وتقاليد أصيلة توارثها الأجيال عبر الزمن.
- "الجَبَّة القبائلية".. أصالة أمازيغية جزائرية صنعت زيا فريدا
- بالصور.. "العين الإخبارية" في أقدم محل لبيع القطع التقليدية بالجزائر
ومع بداية ربيع الأول تشرع العائلات بتنظيف بيوتها واقتناء أغراض منزلية جديدة للتبرك بهذا الشهر الفضيل.
وطوال تلك الأيام، تعرف الأحياء الشعبية لمحافظة مستغانم جلسات يحضرها الأهل والجيران، يزينها الشاي والحلويات التقليدية، وتُلقى خلال تلك الجلسات قصائد شعرية في مدح الرسول الكريم، ويستمر ذلك إلى غاية الثلث الأخير من الليل في الأيام الأولى من ربيع الأول.
وفي ليلة المولد النبوي الشريف، تجتمع العائلات مع الأطفال على مائدة كبيرة مليئة بالشموع، ويردد الأطفال الأناشيد والقصائد الدينية على رأسها "طلع البدر علينا"، وذلك على إيقاع الطبول، وتوضع للأطفال الحناء.
ميزة أخرى في احتفالات سكان محافظة مستغانم الجزائرية بالمولد النبوي الشريف، إذ تستقبل النسوة فجر ربيع الأول "بالزغاريد"، تعبيرا عن فرحتهن وفرحة أهل المنطقة بمولد خير خلق الله.
احتفالات سكان مستغانم لا تتوقف عند 12 ربيع الأول، إذ تشتهر المنطقة بما يسمى "السْبوع"، وهو مرور أسبوع على مولد الني محمد صل الله عليه وسلم، وتحرص عائلات مستغانم على تحضير "عشاء السبوع" الخاص جدا.
وتشترك عائلات المنطقة في تحضير طبق تقليدي يعرف بـ "البركوكس بالدجاج"، والبركوكس نوع من أنواع الكسكسي ذات الحبات الكبيرة وبالمرق، وبعد تناول العشاء، توضع صينية خاصة بها الشاي والقهوة والحلويات التقليدية مثل "القريوش".
مستغانم تعرف أيضا بمدينة "الزوايا"، حيث تشهد مختلف مساجدها وزواياها مع دخول ربيع الأول نشاطاً كثيفاً وكأنهم يستقبلون شهر رمضان.
وتشهد الزوايا والمساجد قراءة "الهمزية" للشيخ النبهاني التي تضم 1000 بيت حول الرسول الكريم من مولده إلى وفاته، مع قراءة القرآن الكريم جماعة، وفي ليلة المولد النبوي الشريف تختتم تلك القصيدة مع قراءة الأحاديث النبوية الشريفة، وهي عادة قديمة جدا في مستغانم تسمى "القايلي".
و"القايلي" هي عادة تتضمن ترديد قصائد في مدح الرسول الكريم لعدد من مشايخ الصوفية مثل سيدي بومدين شعيب والشيخ العلاوي والشيخ الحاج عدة بن تونس.
تستمر العادة إلى اليوم التالي، بتنظيم مسيرة تعرف باسم "الذرى" أو "التبشير" وتكون في شوارع محافظة مستغانم، حيث يردد الناس قصيدة شعرية في مدح الرسول الكريم عنوانها "البشير النذير يا سراج المنير".
ختان الأطفال
تحظى ليلة المولد النبوي الشريف بقدسية كبيرة عند الجزائريين لا يضاهيها إلا قدسية ليلة القدر في شهر رمضان، ويعرف عن الجزائريين "تبركهم" بهذه الأيام المباركة.
- بالفيديو.. جزائريون يتحدون رقصة كيكي بنسخ طريفة
- الجزائر.. "صلاة الاحتجاج" على الحفلات الغنائية تثير جدلا واسعا
وعلى غرار ليلة القدر، يفضل الجزائريون ختان أبنائهم في ليلة المولد النبوي الشريف اتباعاً لعادات وتقاليد متوارثة منذ القدم، وهي عادة تشترك فيها جميع المناطق الجزائرية.
لكن ذلك لم يمنع من أن يكون لختان الأطفال خصوصية أكبر عند سكان الجنوب الجزائري، ففي محافظة وادي سوف (636 كلم جنوب شرق الجزائر العاصمة) تكثر حفلات الختان الجماعي للأطفال، لكن وفق طريقة خاصة جدا.
حيث يحرص أهالي وادي سوف على ما يعرف "بالإشهار أو الإعلان" للختان من خلال "راية" خاصة، وهي عبارة عن قصبة من الخيزران تعلّق عليها خيوط من الصوف وملونة بالأخضر والأحمر والأبيض، ثم تصبغ تلك الخيوط بالحناء وترفع فوق مسكن الطفل الذي سيُختن ليلة المولد النبوي الشريف.
ولسكان وادي سوف "طقوس" أخرى في ختان الأطفال، إذ تشترط طقوسهم أن يتم ختان الطفل "قبل شروق الشمس"، وفي بيت الطفل تقام احتفالات غريبة وخاصة بسكان هذه المنطقة الجزائرية.
وبعد أن يلبس الطفل لباساً خاصاً بالختان وتُخضب يداه ورجلاه بالحناء، تعمل النساء المدعوات إلى منزل الطفل "على كسر عدد كبير جداً من الأواني الفخارية أثناء عملية الختان"، وكل ذلك "حتى لا تسمع والدة الطفل صراخ ابنها".
وبعد انتهاء عملية الختان، تزين النسوة صدر الطفل بأغراض يقال "إنها تطرد الحسد والعين عنه"، من بينها السيوف والأيدي الفضية ذات الأصابع الخمسة.
تبرك سكان المنطقة بذكرى مولد خير الأنام يتعدى إلى العائلات التي ترزق بصغير أيام المولد النبوي الشريف، حيث تحرص على تسمية الذكر بـ "المولدي" أو "ميلود" أو "مولود"، كما أن بعض المناطق الجزائرية الأخرى تسمي حتى المولودة في هذه الأيام "مولودة".