مشاورات بلينكن في إسرائيل.. التشاؤم سيد الموقف
ساد التشاؤم في إسرائيل مع بدء وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن جولة من الاجتماعات في محاولة لدفع اتفاق تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في غزة.
وأرجع محللون إسرائيليون هذا التشاؤم إلى تمسك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمطلب السيطرة الإسرائيلية على محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر.
من جهته، فقد سعى بلينكن للتحذير من أن الجهود الحالية قد تكون الأخيرة، ولكن دون توجيه الاتهام لأي طرف بالمسؤولية عن تعطيل الاتفاق.
وقال بلينكن للصحفيين خلال لقاء الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ في تل أبيب: "هذه لحظة حاسمة، وربما تكون الأفضل، وربما الفرصة الأخيرة لإعادة الرهائن إلى ديارهم، والتوصل إلى وقف إطلاق النار، ووضع الجميع على مسار أفضل للسلام والأمن الدائمين".
وأضاف: "أنا هنا كجزء من جهد دبلوماسي مكثف بناءً على تعليمات الرئيس جو بايدن لمحاولة التوصل إلى هذا الاتفاق، لقد حان الوقت لإنجازه.. كما حان الوقت للتأكد من عدم اتخاذ أي شخص أي خطوات يمكن أن تعرقل هذه العملية".
وتابع: "لذلك نحن نتطلع إلى التأكد من عدم وجود تصعيد، وعدم وجود استفزازات، وعدم وجود أفعال يمكن أن تبعدنا بأي شكل من الأشكال عن الوصول إلى هذا الاتفاق، أو تصعيد الصراع إلى أماكن أخرى وبشدة أكبر".
وأشار بلينكن إلى التهديدات الإيرانية ومن حزب الله بمهاجمة إسرائيل، ردا على اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، وفؤاد شكر القيادي البارز بحزب الله الشهر الماضي.
وقال: "أعلم أن هذه لحظة محفوفة بالمخاطر في إسرائيل.. إننا نشعر بقلق عميق إزاء احتمال وقوع هجمات من إيران أو من حزب الله أو من مصادر أخرى، وكما سمعتم الرئيس بايدن يقول، فإن الولايات المتحدة تتخذ إجراءات حاسمة لنشر قوات هنا، لردع أي هجمات، وإذا لزم الأمر الدفاع ضد أي هجمات".
وأضاف: "ولكن تركيز زيارتي ينصب بشكل مكثف على استعادة الرهائن، وتحقيق وقف إطلاق النار.. لقد حان الوقت لكي يصل الجميع إلى الموافقة وعدم البحث عن أي أعذار لقول لا".
ولكن كبير محللي صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية ناحوم بارنياع اعتبر أن تمسك نتنياهو بالسيطرة على محور فيلادلفيا قضى على فرصة الاتفاق.
وقال بارنياع في مقال تابعته "العين الإخبارية" إن "نتنياهو قضى على فرصة التقدم في المفاوضات.. كان الانفجار بالفعل حول محور فيلادلفيا، لكن كان من الممكن أن يحدث حول عدد من القضايا الأخرى.. لا مفر من العودة وقول الحقيقة: السنوار ونتنياهو غير مهتمين بدفع ثمن الاتفاق".
وأضاف: "في مناقشتين يوم الأربعاء الماضي، إحداهما بعد الظهر في منتدى محدود، والأخرى في مؤتمر عبر الهاتف ليلاً، أبطل نتنياهو فرصة التقدم في المفاوضات"، متوقعا أن يتم إلغاء جلسة المفاوضات التي كان من المقرر عقدها نهاية الأسبوع، بحضور فريق التفاوض الإسرائيلي وممثلي الوسطاء، أو تأجيلها أو عقدها لأغراض العرض فقط.
واعتبر أن "التفاؤل الذي ظهر من تقارير وسائل الإعلام الأجنبية في الأيام الأخيرة كان مجرد تلاعب".
هل يطبق المرحلة الأولى فقط؟
ومن جهته، قال محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل إن "نتنياهو يفكر في المضي قدماً في المرحلة الأولى من الصفقة والتي سيتم بموجبها إطلاق سراح بعض الرهائن، بما في ذلك النساء وكبار السن، لأسباب إنسانية".
وأضاف في مقال تابعته "العين الإخبارية": "وهو (نتنياهو) يحث شركاءه من اليمين المتطرف على تأخير الانسحاب من الحكومة، ففي نهاية المطاف، سوف تنفجر المحادثات مع حماس في المرحلة الثانية على أية حال، وعندها سوف يكون من الممكن استئناف القتال في قطاع غزة، كما يريدون ويريده هو".
وتابع هارئيل: "ولكن فرص موافقة الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش على هذه الصفقة لا تبدو كبيرة.. فهما يعتمدان على دعم ناخبيهما لمواقفهما المتطرفة، بما في ذلك فيما يتصل بإدارة الحرب".
وقال: "يبدو أن الموقف الأكثر ليونة الذي تبناه نتنياهو ــ الذي توقف تماما عن التحدث مباشرة إلى الجمهور، واكتفى بدلا من ذلك برسائل مسجلة بالفيديو، وفي المقام الأول، بإحاطات للصحفيين في هيئة "مسؤول حكومي" ــ ينبع من الضغوط الشديدة التي تمارسها الإدارة الأمريكية على الجانبين للتوصل إلى اتفاق".
وأضاف هارئيل أن "التسريبات والرسائل التي تحمل قدراً من التفاؤل الحذر والتي ترسل إلى الشركاء السياسيين، بما في ذلك احتمال عودة جدعون ساعر إلى الحكومة، تهدف إلى إقناعنا بأن كل الخيارات لا تزال مفتوحة، وهو ما من شأنه أن يهدئ الأمريكيين، وقد يكبح الاحتجاجات العامة، ويكسب نتنياهو المزيد من الوقت".
المحلل الإسرائيلي واصل حديثه قائلا: "على افتراض معقول بأن المحادثات ستفشل في نهاية المطاف، فقد يكون نتنياهو في وضع أفضل قليلاً لمواجهة الإدانات الأمريكية وغضب أسر الرهائن".
وأشار إلى أن نتنياهو سيسعى مرة أخرى إلى إلقاء اللوم على رفض حماس، مضيفا: "ولكن من غير المؤكد أن واشنطن سوف تتعاون معه.. ومن بين الأوراق الرئيسية التي يحملها الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد نتنياهو خوف الأخير من أن يلقي بايدن عليه باللوم علناً على فشل المحادثات ــ وهو الأمر الذي لم يحدث منذ بدء الحرب".