المحاولة العاشرة.. بلينكن على طريق وعر بين تل أبيب وغزة
زيارة عاشرة يجريها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن إلى إسرائيل تهدف إلى إقناع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بقبول اتفاق غزة.
ومن المتوقع أن يلتقي بلينكن، الإثنين، نتنياهو كما يلتقي مسؤولين من الجيش والمعارضة وعائلات الرهائن في غزة.
- إسرائيل في غزة.. مهمة الجيش «انتهت» ومعركة نتنياهو مستمرة
- تحذير أمريكي من تقويض جهود هدنة غزة: حسم الاتفاق بات قريبا
وبرزت تساؤلات في إسرائيل عما إذا كان بلينكن سينجح هذه المرة في إنجاز ما أخفق فيه بالزيارات الماضية.
وفي كل المرات السابقة واجه بلينكن معضلة ضغط وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش بعدم قبول الاتفاق.
ولا تزال ضغوط بن غفير وسموتريتش قائمة رغم نصائح كبار القادة في الجيش وأجهزة المخابرات الإسرائيلية بقبول الاتفاق.
وكتب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، الأحد، في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "في الوقت الحالي يمضي الأمريكيون وفقاً للخطة التي رسموها مسبقاً، وقد وصفوا قمة الدوحة بأنها ناجحة، بغض النظر عن نتائجها الحقيقية، والإدارة في واشنطن منخرطة في إرساء نمط من التفكير الإيجابي بشأن الشرق الأوسط، واستحضار شعور بالتفاؤل على أمل أن ينسجم الجانبان".
وأضاف "لقد ربط الرئيس جو بايدن كل شيء معاً: صفقة الرهائن في غزة، في الواقع وقف إطلاق النار بهدف إنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس، مع الجهود الرامية إلى تأخير الهجوم الانتقامي الذي تشنه إيران وحزب الله ضد إسرائيل. ويأمل بايدن أن تبرم الصفقة الأسبوع المقبل".
وتابع: "ستواصل الولايات المتحدة ممارسة الضغوط في الأيام المقبلة، وهذا هو عرض بايدن الآن، والهدف من الجهد الأمريكي هو حث نتنياهو على المضي قدماً وفقاً لخطة الرئيس".
وأشار إلى أن "التقارير الجدية عن الفجوات الحرجة بين موقف إسرائيل وموقف الوسطاء فيما يتصل بوجود الجيش الإسرائيلي والمساعدات التكنولوجية على طول ممرات نتساريم وفيلادلفيا هي في الأساس ستار دخان، وحتى حقيقة بقاء الفرق الفنية في الدوحة، واحتمال عقد قمة أخرى في القاهرة بحلول نهاية الأسبوع لا تشهد على حدوث انفراجة".
وقال هارئيل "كان السؤال الرئيسي ولا يزال سياسيا هل يستطيع نتنياهو أن يتحمل تكلفة التوصل إلى اتفاق يتضمن العديد من التنازلات والمخاطرة بانسحاب حزبين يمينيين متطرفين من ائتلافه؟ في الممارسة العملية، لم يتم اتخاذ أي قرار حتى الآن".
وكان حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير وحزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف برئاسة وزير المالية بتسلئيل سموتريتش هددا بالانسحاب من الحكومة إذا تم قبول الاتفاق، وحال تنفيذ التهديد فعلا فإن حكومة نتنياهو ستسقط.
ولا تقيم الولايات المتحدة الأمريكية، شأنها شأن جميع الحكومات الغربية، اتصالات مع بن غفير وسموتريتش، بل تهدد بفرض عقوبات عليهما بسبب تصريحاتهما ودعواتهما لتجويع الفلسطينيين حتى الموت في غزة واستيطان قطاع غزة وتهجير سكانه.
والأسبوع الماضي أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بويل أن فرض عقوبات أوروبية على بن غفير وسموتريتش بات على جدول الأعمال.
هل تتحول حكومة نتنياهو إلى «أقلية»؟
وقالت المحللة السياسية في صحيفة "معاريف" آنا بارسكي، الأحد، في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "يعتقد المقربون من نتنياهو أنه إذا حدث اتفاق مع حماس على موافقة الحكومة فسيكون له أغلبية، لكن بن غفير وسموتريتش سيستقيلان ويحولان الحكومة إلى حكومة أقلية".
وأضافت "لكن استقالتهما لن تحل الحكومة طالما لا توجد أغلبية برلمانية لإجراء انتخابات مبكرة، وهذه الأغلبية لن تكون كذلك، ولا بأصوات الأحزاب المنشقة، هذا في حال حدوث انفراجة حقيقية وليست خيالية في المفاوضات من أجل التوصل إلى اتفاق".
وأشارت إلى أنه "خلافا للاعتقاد الشائع فإن القلق الأكبر لنتنياهو ليس انسحاب شركائه المتشددين في الائتلاف، بعبارة أخرى فهو ليس سعيدا بشكل خاص في ضوء المنظور الواقعي للغاية لخسارة "القوة اليهودية" و"الصهيونية الدينية" في الطريق إلى صفقة الرهائن، ولكن يبدو أنه قد تصالح الآن تماما مع هذا السيناريو، مع حقيقة أنه إذا نضجت الصفقة ووصلت إلى تصويت في الحكومة فإن ذلك سيكلفه ثمن خسارة الأغلبية الائتلافية".
وقالت: "في المحادثات شبه الرسمية، التقييمات الاستكشافية والأخيرة مع بن غفير وسموتريتش، كانت الرسالة التي تم نقلها إلى الاثنين نيابة عن رئيس الوزراء، هي أن نتنياهو لن يدعم صفقة لا تسمح لإسرائيل بالعودة إلى القتال".
وأردفت "إسرائيل لا تطلب الموافقة على العودة إلى القتال، فبالنسبة لها إنها مسألة إسرائيلية داخلية بحتة، تريد إسرائيل التأكد من أن مثل هذا القرار لا يعتبر انتهاكا لخطة بايدن، وتعتقد إسرائيل أن هذا البيان الانتقادي، الذي سبق أن أدلى به لنتنياهو خلال زيارته لواشنطن، سيتم التعبير عنه خطيا أيضا، في الوثيقة التي سنحصل عليها كجزء من الاتفاق، إذا تم التوصل إليه بالفعل".
ممر نتساريم و«حبة السم»
وخفض المحلل في صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نداف إيال من منسوب التفاؤل الذي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تبثه حول فرص الاتفاق.
وقال في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "على الرغم من التفاؤل الذي عبر عنه البعض في نهاية القمة في الدوحة خلال نهاية الأسبوع، وعندما أبلغ مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أيضا عن "تفاؤل حذر" في فريق التفاوض الإسرائيلي، يبدو عمليا أنه لا تزال هناك عقبات كبيرة أمام إتمام صفقة".
وأضاف "واحدة من القضايا الرئيسية المتبقية للخلاف هي مطالبة نتنياهو بمنع عودة المسلحين إلى شمال غزة كجزء من وقف إطلاق النار الذي سيتم تضمينه في الصفقة، وهو مطلب لم تدرجه إسرائيل في الخطوط العريضة الأصلية لشهر مايو/أيار، ولكن أثيرت في وثيقة التوضيح التي تم تمريرها في نهاية يوليو/تموز".
ونقل عن مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات قوله إن "الأمريكيين أوضحوا لإسرائيل والوسطاء، في غرفة المفاوضات، أنه لن تكون هناك قيود أو أي آلية منظمة ودائمة لغربلة السكان العائدين إلى منازلهم في شمال قطاع غزة".
وأضاف "الأمر ليس مطروحا على الطاولة، بالنسبة لهم الصفقة غير ممكنة إذا أصرت إسرائيل على مثل هذا الشرط، بعد إخلاء محور نتساريم" الذي يقسم قطاع غزة الى قسمين.
وبحسب إيال فقد قال مصدران إسرائيليان إن "رئيس الوزراء وافق على تأجيل التعامل مع القضية برمتها حتى نهاية المفاوضات، هذا التأخير، بطبيعة الحال، يسمح له باستخدام قضية عودة الفلسطينيين شمالا كحبة سم لنسف الصفقة، أو أن يقرر أن إنجازات أخرى تبرر قبولها".
وأضاف "كلمة "آلية" غائبة عن الرد الذي قدمه رئيس "الموساد" دافيد برنياع للوسطاء في نهاية يوليو/تموز".
وأوضح الوسطاء لنتنياهو أن حماس لن توافق على أي آلية منظمة لفحص السكان العائدين إلى ديارهم في الشمال، وقال مسؤولون كبار في وزارة الدفاع لرئيس الوزراء إنه على أي حال، إذا أخلى الجيش الإسرائيلي ممر نتساريم في وسط قطاع غزة، فلن تكون هناك طريقة لضمان تنفيذ هذه الآلية".
وتابع: "كان التقدم في المفاوضات في ذلك الوقت نابعا من حقيقة أن حماس تخلت عن صياغة لا لبس فيها بأن الحرب ستنتهي، واكتفت بدلا من ذلك بتلقي ضمانات من الوسطاء، في حين تخلت إسرائيل عن السيطرة على ممر نتساريم وحدت من عودة السكان إلى الشمال".
وأشار إيال إلى أن "هناك تشاؤما بين المسؤولين الأمنيين في إسرائيل بشأن فرص التوصل إلى اتفاق، حتى إن مصدرا عسكريا رفيع المستوى قال إن رئيس الوزراء -الذي انسحب بالفعل من مطلب (آلية)- عاد إلى هذا المطلب في الأيام الأخيرة".
وقال "تؤكد المؤسسة الأمنية أن الإنجاز الرئيسي لإسرائيل هو إمكانية العودة إلى الحرب بعد المرحلة الأولى من إعادة الرهائن، ومنع حدوث تدهور إقليمي خطير".
وأضاف "الأمريكيون يأملون في أن يؤدي التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل وحماس إلى منع هجوم حاد من قبل إيران وحزب الله، اللذين وعدا بالانتقام لاغتيال إسماعيل هنية في طهران وفؤاد شكر في بيروت، لكنهما أشارا في الأيام الأخيرة إلى أنهما سيرجئان ردهما بسبب المفاوضات".
عقبات كبيرة
ومن جهتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، الأحد: "على الرغم من التفاؤل الذي عبرت عنه بعض الأطراف في ختام قمة الدوحة نهاية الأسبوع، أعرب ديوان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو الآخر عن "تفاؤل حذر" لدى فريق المفاوضات الإسرائيلي، إلا أنه عملياً يبدو أنه لا تزال هناك عقبات كبيرة نحو إتمام صفقة تؤدي إلى إطلاق سراح المختطفين المحتجزين في غزة منذ 317 يوما ووقف إطلاق النار".
وأضافت: "إحدى نقاط الخلاف الرئيسية المتبقية هي الطلب الذي طرحه نتنياهو بمنع عودة المسلحين إلى شمال قطاع غزة كجزء من وقف إطلاق النار الذي سيتم تضمينه في الصفقة، وهو مطلب لم تدرجه إسرائيل في المسار الأصلي من مايو/أيار، لكنه أثير في وثيقة التوضيح التي تم تسليمها في نهاية يوليو/تموز".
aXA6IDMuMTQ4LjEwOC4xOTIg جزيرة ام اند امز