اختبار دم بسيط قد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بـ3 سنوات

كشف باحثون في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز الأمريكية عن نتائج واعدة لاختبار دم بسيط قادر على اكتشاف مؤشرات مرض السرطان.
وتقود الدراسة، التي نُشرت في مجلة Cancer Discovery، الباحثة "يوشوان وانغ"، أستاذة مساعدة في علم الأورام، وتركّز على تحليل الحمض النووي المرتبط بالأورام (circulating tumor DNA) الموجود في مجرى الدم. وقد أظهرت النتائج أن بعض العلامات الجينية المرتبطة بالسرطان يمكن رصدها في عينات دم قبل تشخيص المرض بثلاث سنوات.
وقالت وانغ: "رصد هذه المؤشرات قبل ثلاث سنوات من التشخيص يمنح الأطباء وقتًا ثمينًا للتدخل، حيث تكون الأورام في هذه المرحلة المبكرة أقل تطورًا وأسهل في العلاج".
مؤشرات وراثية مبكرة في الدم
اعتمد الباحثون على عينات محفوظة ضمن دراسة "خطر التصلب العصيدي في المجتمعات" (ARIC)، وهي دراسة طويلة الأمد بدأت في الثمانينيات بهدف فهم أمراض القلب والأوعية الدموية. ومن خلال تحليل عينات لأشخاص أصيبوا لاحقًا بالسرطان، تمكّن الفريق من تتبّع التغيرات الجينية التي ظهرت قبل ظهور أي أعراض، في ظروف طبيعية بعيدًا عن بيئة المختبر.
وركزت الدراسة على رصد أجزاء دقيقة من الحمض النووي التي تطلقها الخلايا السرطانية إلى الدم، وهي عملية تتطلب تقنيات شديدة الحساسية وتحليلات دقيقة. وقد وُجد أن بعض العينات المبكرة احتوت على طفرات جينية ظهرت لاحقًا بنفس الشكل، ولكن بتركيز أقل بـ79 مرة، مما يوفر معيارًا دقيقًا لتحسين حساسية الاختبارات المستقبلية.
نقلة نوعية في الطب الوقائي
ويرى الخبراء أن هذا النوع من اختبارات الدم قد يُحدث تحولًا جذريًا في الطب الوقائي، حيث يُمكن أن يُستخدم ضمن الفحوصات الروتينية تمامًا كما يُقاس ضغط الدم أو الكوليسترول. وقال بيرت فوغلستين، المدير المشارك لمركز "لودفيغ" للأبحاث في جامعة جونز هوبكنز: "تُظهر هذه الدراسة مدى قدرة اختبارات الكشف المبكر المتعددة للسرطان (MCED) على رصد المرض في مراحله الأولى، وتحدد بدقة مستويات الحساسية المطلوبة لنجاحها".
فرص وتحديات أمام التطبيق
رغم النتائج الإيجابية، لا تزال هناك تحديات، أبرزها تجنّب الإنذارات الكاذبة والإجراءات الطبية غير الضرورية. ويعمل الباحثون على تطوير معايير دقيقة تضمن موثوقية هذه الاختبارات، مع الأخذ بعين الاعتبار تنوع المؤشرات الجينية بين أنواع السرطان المختلفة.
ويؤكد المختصون أن هذه الطريقة لا تقتصر على السرطان فقط، بل قد تُستخدم مستقبلًا لرصد أمراض مزمنة أخرى تظهر لها إشارات بيولوجية مبكرة في الدم.
مستقبل الأبحاث والاختبارات
يقترح العلماء إجراء تجارب سريرية موسعة تركز على الفئات الأكثر عرضة للخطر، ودراسة تكرار الاختبارات، وإمكانية دمجها مع مؤشرات أخرى مثل التغيرات البروتينية أو الاستجابات المناعية.
إذا أثبتت هذه الاختبارات فعاليتها، فقد تمثل خطوة فارقة في مواجهة السرطان، حيث يتم الانتقال من مرحلة "العلاج عند ظهور الأعراض" إلى "الوقاية بالتشخيص المبكر"، مما يساهم في خفض معدلات الوفاة وتحسين جودة حياة المرضى.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز