"الحوت الأزرق".. لعبة عنصرية تختار أصحاب النفوس الضعيفة
على نهج اليونايين القدماء، وحسب دستور اسبرطة، يقول مؤسس الحوت الأزرق فيليب بوديكين إن "اللعبة ليست سوى تطهير اجتماعي".
قد لا يمر في بال أحدهم أن لعبة قد تكون سببا في انتحار أحد المقربين منه خاصة إذا كان هدفها الأساسي التسلية والترفيه. لكن لعبة الـ 50 تحديا، أو كما تعرف بالـ”الحوت الأزرق“ تقود من يلعبها إلى حافة الهاوية.
ووصلت ظاهرة هذه اللعبة إلى الدول العربية مؤخرًا، لذا كان ولا بد من التعرف على أهم أسباب انتشارها بعد وقوع العديد من حالات الانتحار لمراهقين لم يتجاور عمر بعضهم الـ 12 عاماً.
البداية
تم تدشين اللعبة عام 2013 باسم F57، ويشير الحرف الأول إلى مؤسسه ”فيليب بوديكين“، بينما يشير آخر رقمين إلى هاتفه النقال.
عرفت اللعبة لاحقاً بالحوت الأزرق، نظرا لتشابه سلوك المشاركين فيها بسلوك ”الحوت الأزرق"، الذي يرمي بنفسه على الشاطئ ويبقى هناك حتى يفارق الحياة، في إشارة إلى التحدي الأخير الذي يؤمر به المشارك وينتهي بالإقدام على الانتحار.
ما الحوت الأزرق؟
من المهم بدايةً معرفة طبيعة ”الحوت الأزرق“، فهو ليس تطبيقًا يمكن تحميله من Google Play أو App Store، ورغم وجود بعض التطبيقات على متجر Google Play تحمل الاسم نفسه، لكنها في الحقيقة لا علاقة لها باللعبة أو بحالات الانتحار.
في الوقت نفسه لا يمكن تحميل اللعبة على الكمبيوتر من موقع معين، كما أنها لا تتماشى مع تقنية الـ Xbox وPlaystation، كما أنها أيضًا ليست لعبة أونلاين، ولن تجد رابطًا للعبة حال البحث عنها في إحدى محركات البحث.
50 تحديا فقط يفصل بين المراهق والانتحار، يأمر المشاركون بتنفيذ تحديات عدة، خطيرة بمجملها وتستهدف فئة من المراهقين بعينها، فهي غير متاحة بشكل علني وعام لكل مشتركي الإنترنت، إلا أن تقارير أبلغت أن مديري اللعبة يرسلونها لأشخاص محددين، لكن لم تعرف طريقة الاختيار على وجه الدقة.
هناك توقعات بأن المشرفين على اللعبة يستهدفون الأشخاص الذين يظهرون اهتمامهم بتجربة اللعبة، خاصة بعد المغامرة التي أقدمت عليها مراسلة راديو "ليبيرتي" عندما تخفت في شخصية فتاة في الـ15 من عمرها على موقع VKontakte، وتظاهرت بالاهتمام بـ”الحوت الأزرق" ورغبتها في تجربة اللعبة، ليبدأ أحد ”مديري“ الحوت الأزرق بالتواصل معها.
تذكر المراسلة أن المدير سألها بداية ”هل أنتِ متأكدة؟ لا تراجع بعد الانضمام للعبة“، ثم طلب منها تصوير كل مهمة تتمها، كما أكد على ضرورة عدم إخبار أي شخص عن المهام، حسب موقع الـ NewsWeek.
"تطهير اجتماعي".. على أسلوب عصر التكنولوجيا
على نهج اليونايين القدماء، وحسب دستور اسبرطة، يقول مؤسس الحوت الأزرق ”فيليب بوديكين“ ذو الـ22 عاما، والذي اعتقل العام الماضي بعد الاشتباه بوقوفه وراء ”الحوت الأزرق“ وتورطه بتحريض 16 مراهقة للانتحار، إن "اللعبة تعمل على تنظيف المجتمع من العناصر عديمة القيمة، وهي ليست سوى تطهير اجتماعي".
هل ”الحوت الأزرق“ موجود بالفعل؟
هناك العديد من حالات الانتحار التي ربطت بلعبة “الحوت الأزرق" وقعت في عدة دول أوروبية وآسيوية وعربية وصل عددها إلى 130 حالة انتحار خلال الفترة ما بين نوفمبر/تشرين الثاني 2015 وأبريل/نيسان 2016، سبقتها حالات تعذيب ذاتية مما زاد من شكوك ارتباطها بالحوت الأزرق.
وسجلت 3 حالات انتحار بالهند قيل إنها بسبب الحوت الأزرق وتم إنقاذ طفلين قبل فوات الأوان؛ بالإضافة إلى عدة حالات في دول عربية عدة منها السعودية، حيث سجلت 3 حالات على الأقل ربطت بالحوت الأزرق.
لم تستطع التحقيقات تقديم دلائل ملموسة على علاقة اللعبة بانتحار المراهقين، ورغم تحذير الجهات المختصة في عدة دول من تداول أي لعبة تدعو لتنفيذ أوامر خطرة وتحذير الأهالي منها، فإن مركز الإنترنت الآمن في المملكة المتحدة United Kingdom’s Safer Internet Centre نفى وجود ”الحوت الأزرق“ وأعلن أنها ليست سوى أخبار مفبركة تم التهويل من أمرها.
وحمل البعض مواقع التواصل الاجتماعي التي انتشرت عليها ”الحوت الأزرق“ مسؤولية انتحار المراهقين، ففي مقالة لها قالت الكاتبة والصحفية الروسية نوفايا جازيتا إن الموقع يتسبب في انتحار مستخدميه من المراهقين، إلا أن البعض سارع بالرد على الفرضية بأنه من المحتمل أن تكون اللعبة تجذب مراهقين ذوي ميول انتحارية، ولا تتسبب بانتحارهم.
اختراق محتمل للبيانات
رغم عدم وجود بيانات تؤكد اختراق ”مديري“ اللعبة بيانات المشاركين، فإن شكوكاً تدور حول احتمالية وجود عمليات ابتزاز تمنع المشاركين من الانسحاب من اللعبة عن طريق استخدام معلوماتهم الشخصية، أو ربما معلومات تتعلق ببيانات مهمة كأرقام حساباتهم في البنك أو معلومات الضمان الصحي؛ بل واختراقها لتكون ضمانة لمؤسسي اللعبة بألا يبلغ أحد اللاعبين عن المديرين أو يحاول الوصول إليهم.
وناقش فيلم Nerve، الذي تدور أحداثه في سياق مشابه لـ ”الحوت الأزرق“ هذه النظرية، حيث يتورط البطل في تحديات مشابهة ويطلب منهم أداء العديد من المهام الخطرة تنفيذاً لأوامر مؤسسي اللعبة، ويتم اختراق الحسابات المصرفية لأهالي المشاركين، و تسحب أرصدتهم لحظة محاولتهم تقديم بلاغ للشرطة.
مصير القائمين على اللعبة
يصعب الكشف عن هويات المديرين، وحسب آنتون بريدو ضابط في لجنة التحقيق في بريطانيا، طلب المديرون من 15 مراهقا مسح جميع المراسلات قبل الإقبال على الانتحار، ما يجعل من الصعوبة تعقب المديرين، إلا أن الشرطة الروسية تشن حملة اعتقالات واسعة لوضع حد لمؤسسيها.
وأعلن رئيس قسم مكافحة الجرائم الإلكترونية في وزارة الداخلية الروسية،الجنرال ألكسي موشكوف، الكشف عن 1339 مجموعة انتحارية عبر الإنترنت تضم 12000 عضو، وفتح 230 قضية جنائية واعتقال 19 شخصا يشتبه بكونهم مشرفين على اللعبة خلال عام 2017 فقط.