نوادي القراءة في مصر.. نشاط اجتماعي يساهم في الترويج للكتب
نوادي القراءة تتحول إلى طقس اجتماعي يجتذب الطبقة الوسطى المصرية وتشهد النوادي توسعا لافتا داخل التجمعات السكنية.
أكد عدد من الناشرين والمؤلفين المصريين، أن ظاهرة نوادي الكتب في مصر حققت خلال السنوات الأخيرة، نتائج إيجابية على صعيد نشر القراءة في فئات اجتماعية جديدة، كما خلقت لنفسها مكانا وسط الحراك الثقافي المصري على نحو لافت، وباتت طقسا متعارفا عليه بين الكتاب ودور النشر المهتمة.
وتشهد مصر خلال الأعوام الأخيرة توسعا لافتا في أندية القراءة داخل النوادي الرياضية والاجتماعية أو الصالونات الخاصة داخل البيوت.
ونادي القراءة عبارة عن لقاء بين الكاتب وعدد من القراء، يتم فيه النقاش حول الرواية أو الكتاب عموما، ويستمع فيه الكاتب لتعليقات القراء بشكل مباشر، والتي لا يشترط أن تكون إيجابية في كل الأحوال.
في الوقت نفسه، يجيب الكاتب على تساؤلات وتعليقات القراء لإزالة لبس ما، أو لتوضيح نقطة غير مفهومة.
نادية أبوالعلا مسؤولة العلاقات العامة بدار الشروق والمسؤولة عن تنظيم نادي كتاب الشروق، تقول لـ"العين الإخبارية"، إن نوادي الكتب أصبحت ظاهرة صحية في الوسط الثقافي المصري، وخلقت حالة لم تكن موجودة سابقا من التفاعل الإيجابي بين الكاتب والقارئ.
وتابعت أبوالعلا: "لأعضاء نادي القراءة مزاج خاص، لكل منهم ذائقته، وأقصد هنا أن نادي كتاب الشروق في (داندي مول) مثلا تسيطر عليه طبقة اجتماعية أرستقراطية بعض الشيء، وبالتالي فإن ذائقتهم لا تتماشى كثيرا مع ما يعجب القارئ من طبقات اجتماعية أخرى مختلفة، وهي مسألة مفهومة، هم مثلا يحبون ألا تحتوي الرواية على ألفاظ خادشة أو مشاهد جنسية، يجدون أن الأمر هنا يفسد عليهم متعة القراءة، وهم يصرحون بهذه الآراء للروائي أو الكاتب الذي يتقابلون معه، ولذلك أقول عن الظاهرة إنها صحية للغاية".
وأوضحت أن دار الشروق أنشأت حتى الآن 4 أندية للقراءة، وهو ما يؤكد التأثير والفعالية التي خلقتها هذه الحالة، كما أن هناك بعض التجمعات السكنية المغلقة (كمباوند)، التي تفاعلت مع الفكرة وأنشأت نادي الكتاب الخاص بها، مؤكدة ضرورة انتشار هذه الفكرة على نحو واسع لأنها تصب في مصلحة الحياة الثقافية المصرية، حسب قولها.
وتؤكد نورا رشاد مديرة النشر بالدار المصرية اللبنانية: "اللقاءات بالنسبة لنادي كتاب الدار المصرية اللبنانية، تعقد مفتوحة أمام الجميع، ويمكن للكثيرين المشاركة بها، وهو ما يخلق حالة من التفاعل الصحي بين الكاتب وقرائه، وهناك نظرية تقول إن الكاتب لا يكتب نصه وحده، بل يشترك مع القارئ أيضا، وغالبا ما تأتي التعليقات والمداخلات من جانب القراء مفيدة ومهمة بالنسبة لصاحب العمل".
وما يؤكد نجاح نوادي الكتب هو ما فعلته شركة (آراب آيز) العاملة في مجال الترجمة، حيث أنشأت نادي الكتاب الخاص بها، وبحسب إنجي طاهر المسؤولة عن إعداد الجلسات الخاصة به، فإن النادي يقام منذ 12 سنة، ولكنه بدأ في استضافة الكتاب والروائيين مؤخرا، وهو ما جعل اسمه يتردد بشكل ما في الأوساط الأدبية.
وتؤكد طاهر لـ"العين الإخبارية": "كان الموضوع يقتصر فقط على موظفي الشركة، انطلاقا من الرغبة في التأكيد على أهمية القراءة، وأنها ضرورة وليست رفاهية، وفي السنوات الأخيرة استضفنا عددا من الروائيين أمثال حسن كمال وأحمد عبدالمجيد وأحمد القرملاوي، ونأمل في استضافة المزيد، لأن هذه النقاشات تصنع حالة رائعة من التفاعل والحميمية مع الكاتب، وتضيف الكثير لموظفي الشركة وللكتاب أيضا، وبالطبع تصب في مصلحة الثقافة بوجه عام".
ويعتبر الروائي أحمد القرملاوي الفائز بجائزة الشيخ زايد العالمية للكتاب فرع المؤلف الشاب عن روايته "أمطار صيفية" 2018، واحد من أكثر الروائيين حضورا في نوادي الكتب، حيث حضر العديد من اللقاءات في هذا السياق.
يقول القرملاوي: "تجربتي مع نوادي الكتب مفيدة، وأضافت لي الكثير، أنت تستمع لآراء قرائك بشكل مباشر دون وسيط، أيًا كان نوع ذلك الوسيط، وهذا التواصل المباشر يخلق نوعا من الحميمية والصداقة مع القارئ، وتأتي تعليقاته دائما لتعبر عن رؤية ما أو وجهة نظر معينة، وفي أحيان كثيرة تفتح للكاتب أفقا جديدا لم يكن يلتفت إليه جيدا".
ويؤكد صاحب "نداء أخير للركاب" أن ما يؤكد فعالية نوادي القراءة أن بعض المؤسسات الخارجة عن السياق الثقافي المصري مثل الشركات، بدأت تخلق نوادي القراءة الخاصة بها.
الروائي أشرف العشماوي يؤكد أنه حضر عشرات اللقاءات في أندية الكتب المختلفة، مؤكدا أنه لا يرفض أي دعوة تأتي إليه ولها علاقة بنادي كتاب في مكان ما، مهما كان المكان غير معروف مثلا، أو أن نادي الكتاب فيه لا يزال في بدايته.
وتابع صاحب "تذكرة وحيدة للقاهرة": "هي ظاهرة رائعة، تنعش الحياة الثقافية، وتخلق تواصلا حقيقيا بين الكاتب والقارئ، ونحن بحاجة للمزيد منها".
مي الجداوي عضوة بنادي كتاب الشروق، تؤكد: "تجربتي مع نوادي الكتب رائعة، أضافت لي الكثير، قراءة رواية أمر ممتع، لكن مناقشة مؤلفها بشكل مباشر يحدث فارقا كبيرا، ويخلق علاقة جيدة معه ومع النص أيضا، يمكن العودة مرة أخرى للرواية بعد اللقاء مع الكاتب، والفارق سيكون واضحا، وهي ظاهرة أتمنى تعميمها لأن الجميع سيستفيد منها على نحو واضح".