كتاب عمره 66 عاما يفضح جرائم "الإخوان".. طه حسين وكامل الشناوي والتابعي يواجهون العصابة
"هؤلاء هم الإخوان"، كتاب صدر منذ 66 عاما، بأقلام طه حسين وكامل الشناوي ومحمد التابعي وعلي أمين يفضح جرائم الجماعة الإرهابية
يحاول بعض المداهنين أو أولئك الذين لا يملكون معرفة جيدة عن التاريخ أن يدافعوا عن جماعة الإخوان الإرهابية، عبر الادعاء بأنهم جماعة مسالمة اضطرت إلى أعمال العنف مؤخرا بسبب انحراف بعض قياداتها عن المسلك الصحيح للجماعة، لكن كتابا صدر منذ 66 عاما، يفضح كل هذه الأكاذيب.
وبينما يواصلون بث الشائعات وأعمال التحريض وإشاعة الفوضى والترويج لأكاذيب في سبيل الدعوة إلى كل ما هو شر، في مصر أو تونس أو اليمن أو سوريا، بل وحتى في بلاد الغرب التي فروا إليها هاربين من الغضب الشعبي، يأتي هذا الكتاب، الذي صدر بعنوان "هؤلاء هم الإخوان" عن دار الهلال في القاهرة عام 1954.
وبين معركة أبناء الجماعة 1954 ومحاولاتهم هدم الحياة في مصر بعد ثورة 30 يونيو 2013 ورعايتهم للخراب بعد أن هزموا وازيحوا عن السلطة، أوجه شبه لا آخر لها تدور كلها حول التركيب النفسي للجماعة وأزماتهم على مدار التاريخ.
وصدر كتاب "هؤلاء هم الإخوان" بأقلام قامات أدبية، على رأسها الدكتور طه حسين، عميد الأدب العربي، والكاتب الصحفي محمد التابعي، الشاعر والصحفي كامل الشناوي، والكاتب الصحفي على أمين، والكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي، والكاتب الصحفي ناصر الدين النشاشيبي، أخذوا على عاتقهم مهمة كشف "خسة عصابة الإخوان"، واعتمادهم على نشر الفوضى والقتل باسم الدين لتحقيق مآربهم.
كما يرصد جرائم الجماعة الإرهابية في حقبة مبكرة، لا تختلف بشيء عما عليه الآن، خاصة بعد أن دب الخلاف بين قيادات الجماعة ومجلس قيادة الثورة في مصر بعد مضي عامين على ثورة يوليو 1952.
في هذا الكتاب، وتحت عنوان "رخص الحياة"، كتب عميد الأدب العربي الدكتور طه حسين، واصفا أعضاء جماعة الإخوان" الإرهابية بإنهم "من زمن الخوارج، وقبضة من نيران الحروب التي يشعلها المحتلون في العالم، يخالفون الطبيعة الوديعة للمصريين، ويعملون على نشر القتل بينهم".
وعن ظهور الإرهاب الإخواني كتب طه حسين: "حياة المصريين إنما رخصت على المصريين بأمر الإسلام الذي لم يحرم شيئا كما حرم القتل، ولم يأمر بشيء كما أمر بالتعاون على البر والتقوى، ولم ينه عن شيء كما نهى عن قتل النفس بغير نفس إثما وعدوانا، ولم يرغب في شيء كما رغب في العدل والبر والإحسان".
ويضيف: "واليوم نكتشف فريقا منا كانوا يهيئون الموت والهول والنكر لإخوانهم في الوطن ولإخوانهم في الدين ولإخوانهم في الحياة، التي يقدسها الدين كما لا يقدس شيئا آخر غيرها من أمور الناس، والخير كل الخير هو أن نطب (أي نستعين بالطب) لهذا الوباء كما نطلب لغيره من الأوبئة التي تجتاح الشعوب بين حين وحين، وقد تعلم الناس كيف يطبون للأوبئة التي تجتاح الأجسام وتدفعها إلى الموت دفعا فمتى يتعلمون الطب لهذا الوباء الذي يجتاح النفوس والعقول فيغريها بالشر ويدفعها إلى نشره وإذاعته ويملأ الأرض فسادا وجورا".
أما الكاتب الصحفي الراحل محمد التابعي، فكان نصيبه في الكتاب 8 مقالات، كشف من خلالها عدة جوانب لعقلية أعضاء الجماعة، وخططهم للسيطرة على حكم مصر، واغتيالاتهم لكوادر الدولة، وعلى رأسها محاولة اغتيال الرئيس الراحل جمال عبد الناصر آنذاك.
في مقال بعنوان "الضحايا والمساكين"، تحدث "التابعي" عن محاولة اغتيال "عبد الناصر"، وقائع حادث المنشية، 26 أكتوبر 1954، وكيف كانت صدمة المتهم "محمود عبد اللطيف" عندما تهاوت مثله العليا أمام عينيه أثناء المحاكمة، ورأي زعمائه الذين لقنوه مبادئ السمع والطاعة يتخاذلون ويكذبون ويحنثون في إيمانهم للنجاة بأرواحهم.
الواقعة التي يشير إليها التابعي تتلخص في اعترافات قيادات الجماعة أمام المتهم والعالم كله بأن ما أقدموا عليه جرم وخيانة عظمى للوطن، وإثما لم يقره الإسلام ولا يرضى عنه المسلمون.
اعترافات حسن الهضيبي، المرشد العام للجماعة، أو كما يسميه "التابعي"، "المفسد العام"، كانت الأهم وصاحبة الصدمة الأكبر أمام المتهم الذي أطلق 8 رصاصات على "عبد الناصر" طاعة لمرشد الجماعة، بحجة أن "عبد الناصر" باع وطنه بتوقيع اتفاقية "الجلاء" 19 أكتوبر 1954، إذ أدرك كيف خدعوه وضللوه باسم الدين والرسول والجماعة، وفي الأخير تخلوا عنه، عندما اعترفوا أمام العالم أجمع بأن "عبد الناصر" لم يبع وطنه ولم يخن الأمانة، وأن التدبير للاغتيال لا علاقة له بالاتفاقية.
انقلاب العصابة
هكذا أطلق عليها "التابعي"، في مقال آخر بعنوان " نعم حدث انقلاب"، والانقلاب الذي يتحدث عنه هنا "انقلاب في الرأي العام" تسرب للشارع بسبب ظهور الجماعة في ثوب جديد، وكأنها تتطهر من ذنوبها وتطلب نسيان ما سبق وفتح صفحة جديدة.
المصريون انقسموا ما بين فريق يعطف على "عصابة الإرهاب" ويلتمس لها الأعذار فيما ارتكبت من جرائم، وفريق كان يقف منها موقف الحياد، وفريق ثالث يغالب نفسه على حسن الظن ويؤثر الانتظار حتى يري ماذا ستفعل الجماعة في العهد الجديد.
أما الفريق الأخير كان يدرك جيدا حقيقة الجماعة وأن لا فائدة من التصالح معها، لكن اضطر لكتم رأيه في صدره حتى أظهرت الأيام حقيقة الجماعة لتتهاوى كل هذه الآراء أمام حقائق مرة، من بينها أن الجماعة لما انشأت جهازها السري بررت للجميع أنها تريد محاربة الملك فاروق والإنجليز، ثم عرف الشعب حقيقة تحالفها مع فاروق للسيطرة على الحكم، واصطدم الجميع برفضها المشاركة في المقاومة ضد الاحتلال الإنجليزي، وفوق هذا كله وجه الجهاز السري رصاصه إلى صدور المصريين.
بل واكتشف الرأي العام أن هذه العصابة كانت قد تسلمت من الضباط الأحرار أسلحة وذخائر للمشاركة في معركة القناة، لكن باعت هذه الأسلحة لحساب قياداتها واشتروا بها أطيانا وشيدوا عمارات، وأنها عكس ما تردد بأنها قامت من أجل الدعوة وحماية الدين، تحالفت مع الشيوعية والصهيونية وتجسست لصالح إسرائيل وأمدتها بمعلومات عن حكومة مصر.
صناعة الموت
أسئلة عدة كانت تشغل بال الشاعر والصحفي كامل الشناوي، وبدهشة كبيرة طرحه سؤاله الأول في مقال بعنوان "الإرهاب"، وكان يدور حول لجوء الإخوان لمواجهة الفكر والرأي والمعتقد والحرية بالسلاح والنار والإرهاب، أي سبيل للشعب الأعزل سوى دولته لتحميه من غدر الجماعة.
سؤالا آخر طرحه "الشناوي"، يدور حول كيفية تدبير الإرهابيون كل هذه الذخائر والأسلحة وهم مطمئنون، قائلا: "إنني حزين لأن يوجد إنسان واحد، لا جماعة منظمة، يصنع الموت للناس ويحترف التخريب والتدمير، وقلبي يقطر ألما وحزنا إذا كانت هذه الجماعة ترتكب جرائمها باسم الدين والإسلام، وتجد من يصدقون دعواها في النهاية، فكيف أصدق أن الإسلام الذى يدعو إلى المحبة والسلام دليل الإخوان، إنه برئ من كل هذه الأسلحة وكل هذا الموت والغدر، لأنه أبدا لم يقر الجدل بالمسدسات والمدافع و المتفجرات".
البنا وسيد قطب
ولا يختلف اليوم عن البارحة، فالجرائم تتفاقم، والأكاذيب تتسع وتتمدد حتى باتت تطاول السحاب، وهو ما يؤكده الأدباء والمثقفون اليوم.
الكاتب والباحث في العلوم السياسية، الدكتور عمار على حسن، يرصد 3 مشكلات رئيسية تعانى منها الجماعة الإرهابية، كانت سببا رئيسيا في أن جماعة "الإخوان" دائما تعيد دورات التاريخ ولا تتقدم إلى الأمام.
ويقول "حسن" إن المشكلة الأولى تكمن في أن الجماعة صنعت لنفسها نصا خاصا بها جعلته المرجع والأساس والرؤية، بغض النظر عن مدى توافقه مع جوهر الإسلام من عدمه، وهو نص حسن البنا، ومن بعده سيد قطب، فضلا عن نصوص عدة متفرقة هنا وهناك لعدد من رموزها.
ويضيف: "المشكلة الثانية تتلخص في أن الجماعة لم تعتذر في يوما ما عن أي جرم اقترفته طيلة تاريخها، فهي دائما تتنصل من المسؤولية والعنف والفوضى والتخريب وتنسبه كل هذه الأمور دفعة واحدة لغيرها أو تتبرأ منه، ما جعلها بعيدة كل البعد عن نقد ذاتها".
وعن أزمتها الثالثة والأخيرة، يوضح: "الجماعة الإرهابية تستخدم دائما أمرين، الأول في مرحلة الاستضعاف، فهنا تتبع أسلوبا مختلفا يسمى (النهج الواجب في مرحلة الصبر)، فإن قويت شوكتها اتبعت نهجا جديدا في مرحلة التمكين، ولذا طيلة الوقت تمارس الخداع والكذب، والآن يتحدثون عن مد أيديهم للأخرين بعد أن هزموا وازيحوا عن السلطة".
مرحلة ما بعد الهزيمة، يراها الدكتور عمار علي حسن أشبه بمحاولات "سيزيف" في حمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، إذ يلعبون بعد الهزائم في محاولة لجمع الشتات والتغلغل في المجتمع ومؤسسات الدولة من جديد وصولا إلى السلطة، لافتا إلى أن الفراغ الذى تعانى منه الحياة السياسية في أغلب البلاد الإسلامية، يساعد الجماعة الإرهابية بشكل كبير في التغلغل مجددا في نسيج المجتمع، ما يعطيها الفرصة والتواجد والاستقواء.
وقال: "ما كتب عن الإخوان في كتاب (هؤلاء هم الإخوان) كان وفق مشهد بعينه في مرحلة ما بعد ثورة 1952، وصعود التنظيم الخاص للجماعة، فهؤلاء الكتاب عاصروا مرحلة صدام الجماعة مع الرئيس الراحل جمال عبدالناصر في 1954، والجيل الحالي عاصر الجماعة في زمن الضعف والتبدل الفكري، والآن عادوا للحديث والتودد"
ويضيف: "إن العودة إلى ما كتبه طه حسين ورفاقه، يعطى عمقا تاريخيا وإطارا أكثر وضوحا لقراءة المشهد عن قرب من خلال سلوكيات إرهابية للجماعة لم تتغير على مر العصور، فهذه المقالات تفكك فكر الجماعة وتشرح تاريخها وتضاهي فكرها بصحيح الدين الإسلامي، وكذا تبحث في جذورها التاريخية، لتكون كتابات أكثر تأثيرا على الأجيال مقارنة بكتابات سطحية تعتمد فقط على الهجوم".
المواجهة مستمرة
من جانبه، طالب الأديب المصري يوسف القعيد بإعادة نشر الكتاب، لفضح أكاذيب الإخوان وتعرية عقولهم الخربة أمام العالم.
وذهب القعيد إلى العداء التاريخي بين الإخوان وأهل الرأي والفكر، وكيف كان الرصاص والتكفير سلاحهم الأوحد في مواجهة الكلمة والحرف على مر الزمن.
صاحب رواية "وجع البعاد"، يعود بنا لأحداث بعينها، تصلح كمادة لمقال يحاكي ما كتبه طه حسين ورفاقه، ويؤرخ لمرحلة تولي الإخوان الحكم في مصر عام 2012، كان أبرزها منع عدد من الكتاب من نشر مقالاتهم في الصحف القومية بعد تولي رئاسة تحريرها عدد من أبناء ورجال الجماعة، فضلا عن محاولة أخونة الثقافة المصرية وتصدير رموز الجماعة الإرهابية باعتبارهم أصحاب فكر تنويري، خاصة بعد تولي الإخوانى علاء عبدالعزيز، حقيبة وزارة الثقافة.
يتذكر "القعيد" الدور البارز للمثقفين والكتاب بعد الاعتراض على أخونة الوزارة من قبل الوزير الإخوانى، ليكون اعتصام المثقفين في وزارة الثقافة نواة حقيقية لإشعال ثورة 30 يونيو والإطاحة بالجماعة من السلطة.
ويضيف: "خطر الإخوان ما زال قائما ولم يتراجع، بل ازدادوا شراهة للدماء والفوضى، ولا شيء أهم من مواجهة الجماعة الإرهابية، كونها أبرز أعداء الفكر والحرية والديمقراطية، ولا أولوية لديها إلا السلطة".
دونه الرقاب
يرجع الدكتور خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، سبب أطماع جماعة الإخوان الإرهابية فى الوصول للحكم، واستخدام العنف والفوضى حال الاختلاف الفكري، إلى التركيبة النفسية لأبناء هذه الجماعة.
يقول الجندي: "المخلوقات الإخوانية تضع أمامها هدفا يكون دونه الرقاب، كما يقولون، وهو الوصول إلى السلطة، فهذا الأمر بالنسبة للإخوانى غاية وأمنية ودين، ويرى الحياة الدنيا والآخرة تبدأ من كرسى الحكم، ويسخر القرآن والسنة وكل قيم الحياة في سبيل الوصول إلى مبتغاه الذي يكون بالنسبة له منتهى الأمل والطلب".
ويضيف: "من أجل الوصول إلى السلطة كل شيء متاح عند الجماعة الإرهابية، فالقتل مباح، والكذب، وإرهاب المجتمع وتكفير الآخر، فضلا عن ازدراء كل الثوابت المجتمعية، وطالما الأمور كلها مباحة لديهم كان خلط الدين بالسياسة أحد نواتج هذه المعادلة".
ويتابع: "منذ تأسيس الجماعة، اعتمدوا على خلط الدين بالسياسة ورأينا كيف يبدعون في تأويل وتحريف النصوص واختلاق الأكاذيب واستغلال العاطفة لدى الشعوب وتحويل المساجد إلى قلاع إرهابية، فضلا عن تسميم الأفكار وغسيل العقول وتفخيخ المنابر باسم الدين، وفي الأخير خرجت علينا فرق الاغتيالات والجماعات التكفيرية، وكلها فرق من أصحاب المذاهب البراجماتية التى لا تؤمن بقيم الإنسانية والمواطنة واحترام الآخر".
ويوضح: "جماعة الإخوان الإرهابية نفضت يدها من الانتماء للوطن وتلذذت بالخروج والتمرد على واقع الأمة، وتحالفت مع الفرق الشيوعية من أجل الخروج على الحاكم والتطاول على الثوابت وتحطيم الرموز وسرقة الشعوب والقفز على كراسي الحكم، فالدين بالنسبة للكائن الإخواني أداة ووسيلة، فلا عهد ولا ذمة له، ولا يحب إلا نفسه ولا يعترف إلا بعشيرته".
aXA6IDMuMTQzLjIwMy4xMjkg جزيرة ام اند امز