"إدمان وسرطان وزهايمر" مصير رجال بوتفليقة.. وجزائريون: لا شماتة
إصابة وزير من عهد بوتفليقة متورط في قضية "مدام مايا" بالزهايمر يرفع عدد وزراء العهد السابق المصابين بأمراض مزمنة في السجون
خرج ملايين الجزائريين ذات الـ22 فبراير/شباط 2019 مطالبين برحيل ومحاسبة أركان نظام الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
وتابع الجزائريون باهتمام بالغ محاكمات رجال بوتفليقة في قضايا فساد، وأعلنوا "النصر" وهم يقتادون أمام أعين العالم إلى المحاكم والسجون.
لكن معظم هؤلاء الجزائريين الناقمين على نظام بوتفليقة رددوا عبارات "لا شماتة في الموت والمرض والمصيبة" وهم يقرؤون ويسمعون الأخبار الواردة من حين لآخر عن مرض واحد منهم.
- "مدام مايا".. تفاصيل جديدة عن "الابنة" اللغز لبوتفليقة
- تدهور صحة رئيسي وزراء الجزائر السابقين جراء إصابتهما بـ"ورم خبيث"
ويبدو أن ضغوط المحاكمات وفضائح الفساد وصدور أحكام قاسية بالسجن لسنوات طويلة قد أثر على الوضع الصحي لبعضهم وفاقمه عند البعض الآخر ممن أخفوا مرضهم وهم في مناصب المسؤولية، لا سيما أن غالبيتهم متقدم في العمر.
غير أن بعض تعليقات الجزائريين عبر منصات التواصل صنفت القدر الجديد الذي يعيشه عدد من رموز النظام السابق بـ"العدالة أو العقاب الإلهي"، ليس لتورطهم في قضايا فساد بل "لاستغلال رئيس مريض ومقعد للتحكم في مقدرات بلد بحجم الجزائر"، معتبرين في السياق أن "قدرهم أن يعيشوا الضعف ذاته الذي كان يعيشه" رئيسهم السابق، مؤكدين في السياق أن "آراءهم لا تحمل أي تشف أو شماتة بل لاستنباط عبر مما حدث بالجزائر".
زهايمر
آخر المصابين كان محمد الغازي وزير الأشغال العمومية الأسبق، حيث ظهر في محاكمة الملقبة بـ"مدام مايا" والتي ادعت بأنها ابنة بوتفليقة السرية، و"كأنه في عالم آخر"، بعد أن استبقت هيئة دفاعه دخوله إلى قاعة المحاكمة بطلب "جلوسه عند استجوابه من قبل القاضي" بسبب وضعه الصحي.
محمد الغازي كان آخر المستجوبين في قضية السيدة زليخة التي خطفت "أضواء العيون" لا الكاميرات لأنها كانت ممنوعة من التصوير، إلا الوزير الأسبق سرعان ما أنسى الحضور في بطلة القضية.
وبعد أن طرح عليه قاضي محكمة الشراقة بالجزائر العاصمة أسئلة تتعلق بمنح المتهمة أراضي وسكنات بطرق غير قانونية، اتضح أن الرجل "لا يزال يعيش في زمن بوتفليقة".
حيث كانت معظم أجوبته "تمجيدا" للرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة وهو يستعمل مصطلحات من قبيل "فخامة الرئيس" وبأنه "يطبق برنامجه الرئاسي".
حتى إن أجوبته عن المتهمة الرئيسية "مايا" أظهرت بأنه كان "غير متزن عقلياً"، ومن بين ردوده أن "السيدة زليخة ساهمت في توفير مناصب العمل للشباب".
لتقاطع هيئة الدفاع عنه كلامه، وتبلغ القاضي بأن موكلها مصاب بـ"زهايمر" وبأنه غير مؤهل للمحاكمة، وقدمت في المقابل شهادة طبية من طبيب مختص في الأعصاب، غير أن القاضي طالب بإحضار خبير مختص في الأمراض العصبية والعقلية بشكل عاجل.
وبحسب ما كشفته وسائل الإعلام المحلية، فقد أكدت الطبيبة التي عاينت الوزير الأسبق محمد الغازي بأن حالته الصحية متدهورة، وأكدت إصابته بمرض "الزهايمر بنسبة 100%".
والتمس القاضي، مساء الخميس، 15 سنة سجناً للوزير الأسبق محمد الغازي، و15 سنة سجناً للمتهمة الرئيسية زليخة نشناش، و10 سنوات سجناً لابنتيها، و12 سنة سجناً لقائد الشرطة الأسبق اللواء عبدالغني هامل.
إدمان وانهيار نفسي
أما أول المتأثرين بالوضع المعيشي الجديد بين أربعة جدران ووراء قضبان سجن عسكري، كان السعيد بوتفليقة شقيق ومستشار الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة.
حيث ذكرت مختلف وسائل الإعلام المحلية بأنه يعيش حالة من "الانهيار النفسي" نتيجة إدمانه لسنوات على شرب الكحول ونهايته غير المتوقعة بعد أن كان "الحاكم الفعلي للجزائر من وراء الستار طوال فترة ولاية شقيقه الرابعة وهو على كرسي متحرك".
وأدين السعيد بوتفليقة بـ15 سجناً نافذاً في تهمتي "التآمر على سلطتي الدولة والجيش"، بعد أن قاد اجتماعاً مع مسؤولين أمنيين سابقين ووزراء ورؤساء أحزاب لإنقاذ نظام شقيقه من المظاهرات الشعبية المطالبة برحيله.
وذكرت المصادر الإعلامية المحلية، بأن انهيار "السعيد" النفسي زاد عقب رفض إدارة السجن العسكري بالبليدة (وسط) إدخال مشروب "الويسكي" الذي كان مدمناً عليه، حتى إنه ظهر هزيلاً خلال إحضاره شاهداً في محاكمة رئيسي الوزراء الأسبقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال، ورفض الرد على أسئلة القاضي.
تبول لا إداري
في سياق متصل، كشفت مواقع جزائرية خلال الأشهر الماضية، عن إصابة مسؤولين بارزين من عهد بوتفليقة بمرض "التبول اللاإرادي" منذ دخولهما إلى سجن "الحراش" بتهم فساد.
ويتعلق الأمر برئيس الوزراء الأسبق عبدالمالك سلال وجمال ولد عباس الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقاً.
وأدين سلال بـ23 سنة سجناً في قضايا فساد مرتبطة برجال الأعمال علي حداد ومحي الدين طحكوت ومراد علومي، فيما حكم القضاء بسجن "ولد عباس" بـ10 سنوات سجناً في قضايا تتعلق ببيع مقاعد برلمانية وتزوير والثراء غير المشروع.
كورونا والسرطان
وفي 12 يوليو/حزيران الماضي، توفي وزير البريد وتكنولوجيات الإعلام والاتصال الجزائري الأسبق موسى بن حمادي، متأثراً بإصابته بفيروس كورونا وهو في سجن "الحراش" ليصبح أول وزراء الرئيس المعزول عبدالعزيز بوتفليقة المتوفين جراء الإصابة بـ"كوفيد-19".
كما كشفت مختلف وسائل الإعلام الجزائرية عن إصابة رئيسي الوزراء الأسبقين أحمد أويحيى وعبدالمالك سلال بـ"ورم خبيث" متعلق بمرض السرطان، أصيبا به خلال فترة توليهما رئاسة الحكومة الجزائرية.
وخلال تلك الفترة، كان أويحيى وسلال يعالجان بين مستشفيات جزائرية وفرنسية بشكل سري، إلا أن ضغوط المحاكمات زادت من تدهور وضعهما الصحي وتقرر محاكتهما "عن بعد" في بقية القضايا المتورطين فيها بعد نقلهما إلى سجون في الجنوب الجزائري.