عهد التميمي.. طفلة فلسطينية قهرت الاحتلال ولم تخف زنازينه
الاحتلال الإسرائيلي جاهر باعتقال عهد بالصوت والصورة، وشرع في حملة إعلامية ضدها، لكنها واجهته مجددا بجسدها النحيل وجرأتها.
في 2012، هزت الطفلة الفلسطينية عهد التميمي العالم وهي تواجه جنود الاحتلال الإسرائيلي بجرأة نادرة، مستفسرة عن مصير أخيها المعتقل.
وفي 2017، تخرج عهد مرفوعة الرأس حاملة في قلبها القضية وفي أوصالها تفاصيل الغضب، لتنضم إلى آلاف الأطفال من أبناء شعبها المعتقلين بالسجون الإسرائيلية، وما بين التاريخين، ترتسم قصة أيقونة المقاومة الشعبية الفلسطينية.
وفجر اليوم الثلاثاء، داهمت قوة عسكرية إسرائيلية منزل عهد في بلدة النبي صالح غربي رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة، لاعتقالها، لتخرج شهد مرفوعة الرأس، في حضور كاف لزعزعة المكان بأسره، ومنح الجنود شعورا طاغيا بالاضمحلال أمام الفتاة الشجاعة التي لم تخف يوما من عتمة السجن ولا قسوة الزنازين ولا ضيق الجدران، فهذا المشهد جال بخاطرها منذ أن فتحت عينيها على وطن أرضع أطفاله البسالة والشجاعة والمقاومة المشروعة.
فكيف لا وهي التي كانت ترد على سؤال في مقابلة تلفزيونية عام 2015، حول ما إذا كانت ستُعتقل يوما ما، لتقول: "الرصاصة التي لم تقتلنا تزيدنا قوة، والسجن لا نخشاه، وطريق المقاومة والنضال سنُكمله.. فمنذ طفولتي وأنا أتوقع اعتقالي كل يوم".
طفلة الغضب
برزت الطفلة عهد التميمي في عام 2012 عندما ظهرت صغيرة في شريط فيديو وهي تتحدى جنديا إسرائيليا مدججا بالسلاح أثناء اقتحام قرية النبي صالح، حيث تم اعتقال شقيقها.
ظهرت الفتاة شقراء الشعر وهي تدفع الجندي وتصيح فيه "لماذا تعتقل الأطفال الصغار؟"، ولاحقت القوات الإسرائيلية إلى دوريتها العسكرية، مطالبة إياه بالإفراج عن شقيقها ومغادرة القرية.
كانت تصيح في الجندي: "أنا لا أخافك"
حينها كان عمرها 12 عاما، وبرزت من جديد وعمرها 14 عاما وهي تمنع الجنود من اعتقال أخيها محمد (11 عاما)، ونجحت بالفعل في انتزاعه من قبضتهم.
وقتها قالت التميمي: "هم جبناء ويعتقدون أن سلاحهم سيحميهم".
الجرأة سلاحها
لم تحمل عهد السلاح ولا حتى الحجارة، وإنما اكتفت بسلاح الجرأة في الوقوف في وجه جنود الاحتلال ومطالبتهم بصوت طفولي عالٍ، أن يغادروا القرية وأن يتوقفوا عن اعتقال الأطفال.
عهد و"حنظلة للشجاعة"
تمت استضافة الطفلة عهد في العديد من المؤتمرات المناصِرة للقضية الفلسطينية في كثير من بلدان العالم، كما حصلت في 2012 على جائزة «حنظلة للشجاعة» من بلدية «باشاك شهير» في إسطنبول التركية.
ولكن عهد لم تختفِ عن المشهد؛ ففي الآونة الأخيرة وخاصة يوم الجمعة، كررت المشهد ذاته في القرية ذاتها، وطهرت وهي تدفع جنديا إسرائيليا مدججا بالسلاح وتطلب منه مغادرة القرية.
كان الجندي وبرفقته جندي آخر يتربصان للشبان الفلسطينيين الذين كانوا يرشقون جنود الاحتلال بالحجارة، احتجاجا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ما بين الطفلة والفتاة..عنفوان واحد
أصبحت عهد أكبر سنا وصوتها أعلى وكذلك أكثر جرأة؛ ففي هذه المرة وكما يتضح من شريط فيديو للحادثة دفعت الجندي الإسرائيلي وكادت أن تضربه.
ملامح الطفلة ذات الـ17 عاما كانت كما هي بشعرها الأشقر الطويل والجسد النحيل وجرأتها.
وإنْ كان أشخاص جنود الاحتلال قد اختلفوا؛ فإن ممارساتهم لم تختلف؛ فهم مدججون بالسلاح يلاحقون الأطفال ويطلقون الرصاص وقنابل الصوت والمسيلة للدموع باتجاه الفلسطينيين.
عهد في قبضة الاحتلال
وفي هذه المرة جاهر الاحتلال الإسرائيلي باعتقالها بالصوت والصورة والنص المقروء، بل شرع صباح اليوم الثلاثاء، بحملة إعلامية ضدها.
ففي الساعات الأولى من فجر اليوم، كانت قوات كبيرة من جيش الاحتلال تطوق منزلها في قرية النبي صالح.
وقال أفراد العائلة إن قوات الاحتلال عاثت في المنزل وصادرت الحاسوب الخاص بالطفلة التميمي قبل اعتقالها.
توشحت بفلسطين وهي في يد السجان
لكن الطفلة بقيت على عنفوانها؛ فأبت إلا أن ترتدي الكوفية الفلسطينية وهي قيد الاعتقال، وخرجت من المنزل مرفوعة الرأس باتجاه الجيب العسكري الإسرائيلي، وفق ما تحدث سكان محليون لبوابة العين الإخبارية.
وفي بيان له، ذكر الجيش الإسرائيلي، أنه اعتقل "فلسطينية من سكان قرية النبي صالح بشبهة التهجم على ضابط وجندي؛ حيث تم نقلها للتحقيق".
وأضاف: "لقد شاركت الفلسطينية في أعمال عنيفة جرت يوم الجمعة الماضي في القرية".
وزعم الاحتلال أن فلسطينيين رشقوا قواته من داخل منزل التميمي ووقفوا خارج المنزل قبل أن تطلب منهم عهد مع عدد من المواطنين مغادرة المكان.
وبدأ الفلسطينيون منذ صباح اليوم بتداول خبر اعتقال "الطفلة البطلة عهد التميمي"، على شبكات التواصل الاجتماعي.
وإزاء ذلك فقد بدأ المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي بحملة لتبرير اعتقال الجيش لطفلة.
غير أن عهد ليست الطفلة الفلسطينية الوحيدة قيد الاعتقال في سجون الاحتلال.