انهيار سوق مولدات الكهرباء في غزة رغم الظلام.. حماس السبب
هناك 200 مشروع توليد كهرباء بغزة تقدم خدماتها لحوالي 60 ألف مشترك.
على وقع أزمة الكهرباء المستمرة منذ سنوات في قطاع غزة، ظهرت المولدات الكهربائية كمبادرات فردية ومشاريع استثمارية صغيرة، ساهمت في تخفيف جزء من الأزمة، فيما تبدو شمسها مهددة بالغروب مع الملاحقة الضريبية من سلطات حماس.
وأثار قرار للأمانة العامة لمجلس الوزراء بغزة، التي تديرها حركة حماس، بتنظيم عمل المولدات، مخاوف مالكيها من متطلبات القرار المتعلقة برسوم العمل والجباية الضريبية، الأمر الذي ينعكس على عملهم وأرباحهم.
تنظيم عمل أم جباية ضرائب؟
ويوضح المهندس حسام الموسة المتحدث باسم رابطة أصحاب مولدات كهرباء قطاع غزة، أن الأمانة العامة لمجلس الوزراء بغزة أصدرت قراراً لتنظيم حرفة الكهرباء شاركت في إعداده سلطة الطاقة وشركة كهرباء محافظات غزة وسلطة البيئة والبلديات والدفاع المدني وجهات أخرى.
القرار جاء تحت عنوان الالتزام بمعايير الأمن والسلامة، وهذا لا خلاف عليه، وفق تأكيد الموسة لـ"العين الإخبارية"، مبيناً أن ما يريده القرار هو تحصيل جباية عالية من مولدات الكهرباء الخاصة.
ووفق الموسة، هناك 200 مشروع توليد كهرباء بغزة تقدم خدماتها لحوالي 60 ألف مشترك خلال انقطاع التيار الكهربائي القادم من شركة توزيع الكهرباء.
استثمار في الأزمة!
وتحولت مولدات الكهرباء الخاصة إلى مشاريع استثمار صغيرة منذ سنوات مع عجز الكهرباء في قطاع غزة، الذي يصل حالياً إلى أكثر من 50%؛ حيث يتم شراء 120 ميجا من إسرائيل، في حين تنتج محطة توليد الكهرباء ما بين 70- 80 ميجا.
ويشير الموسة إلى أنهم يعملون منذ حوالي 7 سنوات لسد العجز الكبير في التيار الكهربائي بغزة، دون اعتراض من أحد، متسائلاً عن تذكر الموضوع الآن.
وقال: "الأصل أن توفير الكهرباء هو مسؤولية الجهات التي شاركت في إقرار القرار، وهي التي تهربت من مسؤولياتها، وليس مسؤولية أفراد أقاموا شركات توليد صغيرة تخدم الأحياء المحيطة وتقدم الكهرباء لحالات إنسانية والمرضى والتجار".
وتقوم فكرة المولدات الخاصة على إنشاء شبكات كهرباء تنتج بمولدات متوسطة أو كبيرة الحجم، وتوزع على المنازل والمحال في الأحياء المختلفة، وتباع لهم بسعر مضاعف عدة مرات عن السعر الأصلي للكهرباء من شركة التوزيع، ولكنه يبقى أقل تكلفة وأكثر أمناً من بدائل الكهرباء الأخرى، وفق الخبراء.
وأوضح الموسة أن كل مشروع يكلف من 50 إلى 500 ألف دولار، وهم يستهلكون مليوني لتر سولار سنوياً، وهو مدفوع الضريبة بحوالي 5.5 شيكل.
وأشار إلى أن ثمن كيلو الكهرباء من المولدات الخاصة يباع بـ4 شواكل (الدولار 3.43 شيكل) وفي حال فرضت ضرائب ورسوم على المولدات سيزيد ثمن كيلو الكهرباء، وهذا فوق طاقة الناس بغزة.
وقال: "البلديات تسمي عملنا حرفة وهذا مجاف للحقيقة، ففي حال وفروا كهرباء لن تبقى هذه الخدمة مقدمة من الأفراد فكيف صنفوها حرفة ولا يوجد قانون بذلك، كل جهة مشاركة في إعداد القرار تريد رسوماً وضرائب من شركات التوليد الخاصة".
وذكر أن وزارة الاقتصاد طلبت منهم فتح ملفات تجارية وسجلات ضريبية، وهذا إلى جانب الرسوم الأخرى من البلدية وسلطة الطاقة والدفاع المدني وغيرها جوهر الاعتراض.
وأكد أنهم حذروا من أنه سيتم وقف خدمة المولدات حال تم فرض ضرائب ورسوم عليها، وهو ما يعني مفاقمة أزمة الكهرباء في قطاع غزة.
سلطة الطاقة توضح
ووفق معطيات سلطة الطاقة بغزة، وصل عدد المولدات (الخاصة) في قطاع غزة إلى 250 مولداً كهربائياً يملكها حوالي 150 شخصاً، توفر طاقة كهربائية بقدرة 25- 30 ميجاوات، وهي تعادل ثلث ما تنتجه محطة توليد الكهرباء في غزة.
واعتبرت سلطة الطاقة بغزة، وهي الجهة المختصة بالموضوع، في بيان تلقت "العين الإخبارية" نسخة منه، أن أصحاب المولدات ينتفعون من شبكة الكهرباء العامة في تمديد شبكاتهم الخاصة.
وبررت مساعي تنظيم هذا العمل بأن الشبكات الخاصة لمولدات الكهرباء تفتقد وسائل الأمن والسلامة، وتكرر حدوث مشاكل ناجمة عن ذلك وحالات وفاة، مشيرة إلى عقد لقاءات مع أصحاب المولدات الذين يرفضون أي رقابة على عملهم.
وقالت: "إنها تعمل على توفيق الأوضاع القانونية لأصحاب المولدات أسوة بالحرف الأخرى، بعد أن ازداد عمل هذه المولدات وأصبحت على نطاق واسع. وبينت أن الإجراءات الحكومية تتلخص في الحصول على رخصة مزاولة حرفة من البلدية، واتباع إجراءات السلامة من خلال الدفاع المدني وسلطة البيئة، والحصول على الموافقة الفنية من شركة الكهرباء على شبكة التمديدات، وفتح سجل تجاري في وزارة الاقتصاد".
واعتبرت أن القلق ينتاب أصحاب المولدات ليس من الإجراءات المذكورة أعلاه، بقدر ما هو ناجم عن معرفة واطلاع وزارة المالية على حجم الأرباح التي يحصلونها، وما قد يترتب على ذلك من تعديل لسعر بيع الكيلو للمواطن، والتحصيل الضريبي منهم في نهاية عام 2020.
خبير: التنظيم مطلوب بشرط!
الدكتور ماهر الطباع الخبير الاقتصادي، يؤكد ضرورة تنظيم عمل هذه المولدات، لجهة حماية المواطنين وسلامتهم، وضبط الأسعار المبالغ فيها، مشيراً إلى أن كيلو الكهرباء من المولدات الخاصة يباع للمواطن بسبعة أضعاف سعر الكهرباء من شركة توزيع الكهرباء (4 شواكل مقابل نصف شيكل) وهو فارق كبير.
وينبه الطباع في حديثه لـ"العين الإخبارية" إلى ضرورة عدم استغلال فكرة التنظيم للجباية الضريبية، وإنما لضبط الأمور، وأن تكون مصلحة المواطن هي الأولية؛ خاصة أن الأسعار الحالية هناك مغالاة فيها، رغم أن المولدات الخاصة لا توجد لديها بنى تحتية إنما تعتمد على البنية التحتية للشبكة العامة لتوزيع التيار.