بريكست.. ماذا جنت بريطانيا من عملية الهروب الكبير؟
تظهر الأيام مزيدا من التأثيرات السلبية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي قبل 3 سنوات، وهو ما تظهره استطلاعات للرأي وأرقام متراجعة.
الهجرة ونقص العمالة
عانى العديد من قطاعات الاقتصاد البريطاني من نقص حاد في العمالة، بسبب عدد من العوامل، بما في ذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ووباء فيروس كورونا. عانت دول أخرى في الاتحاد الأوروبي أيضا من مشاكل نقص العمالة.
عاد العديد من العمال الأوروبيين إلى بلدانهم الأصلية من المملكة المتحدة، ولم تسهل شروط الدخول الأكثر صرامة عودتهم، وأرخت الأزمة تأثيرات سلبية عبر مجموعة من القطاعات، من الزراعة إلى الضيافة.
بموجب قواعد الهجرة الجديدة في المملكة المتحدة لم يعد مواطنو الاتحاد الأوروبي يتمتعون بمعاملة تفضيلية، وأصبح العديد من الوظائف التي تتطلب مهارات متدنية محظورة عليهم الآن.
ذكرت دراسة أجراها مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد في أغسطس/آب 2022 أن الأدلة تشير إلى أن سياسة الهجرة في المملكة المتحدة كانت أحد العوامل المتعددة التي تسهم في النقص في القوى العاملة.
يشير مستشارو الهجرة الحكوميون أيضا إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي -إلى جانب ارتفاع النشاط الاقتصادي، وارتفاع معدلات الوظائف الشاغرة، وارتفاع التضخم وحرب روسيا ضد أوكرانيا- للمساهمة في عدم استقرار سوق العمل.
مرصد الهجرة بجامعة أكسفورد، أشار إلى تراجع العمالة القادمة من الاتحاد الأوروبي بنسبة 25% منذ عام مطلع 2020 حتى نهاية يوليو/تموز 2022.
واليوم، تعاني عديد المنشآت في القطاع الخاص من نقص العمالة لديها، خاصة في قطاعات الإنتاج والسياحة والسفر، وهو ما يفسر إضرابات في وسائل النقل البريطانية في أكثر من مناسبة العام الماضي.
قال التقرير السنوي للجنة الاستشارية للهجرة في ديسمبر/كانون الأول 2022، إن نهاية الحركة الحرة في الاتحاد الأوروبي تسببت في "صدمة في إمدادات العمالة للاقتصاد البريطاني"، لا سيما في القطاعات الأكثر اعتمادا على العمال المولودين في الاتحاد الأوروبي "مثل الضيافة ، والخدمات اللوجستية، والإدارة، والتصنيع، والزراعة".
واليوم.. توجد أكثر من مليون وظيفة شاغرة في المملكة المتحدة، والتي تحتاج إلى عمالة رخيصة، قادمة من دول شرق أوروبا، إلا أن شروط الهجرة تصعب عليهم ذلك.
وكشفت دراسة أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أدى إلى زيادة النقص في عدد الأطباء في المملكة المتحدة، إذ يقول بعض المزارعين في المملكة المتحدة إنهم "يكافحون من أجل التأقلم" بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
ويقول المزارعون إن المحاصيل تذهب سدى، حيث يكافحون في المملكة المتحدة للعثور على عمال.
حركة التجارة
منذ عام 2021 كانت المملكة المتحدة حرة في اتباع سياسة تجارية مستقلة بموجب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وغالبا ما دافع مؤيدوها عن القدرة على إبرام صفقات تجارية مع دول أخرى.
لكن حتى الآن لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة، وهي جائزة كبيرة وعد بها البعض، بينما لم يتم أيضا تحقيق هدف التوصل إلى اتفاقية تجارة حرة مع الهند.
تم توقيع الصفقات مع العشرات من الدول الأخرى غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكن معظمها تم "تجديد" اتفاقيات الاتحاد الأوروبي مع تلك الدول التي استفادت منها المملكة المتحدة كعضو سابق في الاتحاد الأوروبي، لكنها لم تعد سارية بمجرد خروجها من الكتلة.
أشادت حكومة المملكة المتحدة بالاتفاقية المبكرة التي أبرمت مع اليابان ووصفتها بأنها "تاريخية"، لكنها لم تختلف كثيرا عن صفقة الاتحاد الأوروبي التي فقدت المملكة المتحدة الوصول إليها، وتظهر الأرقام الرسمية أن الصادرات البريطانية إلى دول التكتل قد انخفضت بالفعل في عام 2022 بنسبة 19%.
الخدمات والعلوم والتعليم
لم يعد بإمكان مقدمي الخدمات في المملكة المتحدة العمل عبر الحدود الوطنية في الاتحاد الأوروبي كما فعلوا من قبل، الأمر الذي تسبب في قلق خاص في التعليم وتجارة الخدمات، إذ لا يوجد اعتراف تلقائي متبادل بالمؤهلات المهنية.
يعني خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيضا أن بعض مشغلي شبكات الهاتف المحمول يعيدون تقديم رسوم تجوال البيانات للمسافرين من المملكة المتحدة في الاتحاد الأوروبي، والعكس صحيح.
يعني قرار الاتحاد الأوروبي الذي يعترف بالامتثال لنظام حماية البيانات في المملكة المتحدة مع قانون الاتحاد الأوروبي، أن البيانات الشخصية يمكن أن تستمر في التدفق بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي في حقبة ما بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. يمكن مراجعة هذا بعد أربع سنوات.
بدأت المملكة المتحدة إجراءات قانونية ضد الاتحاد الأوروبي بدعوى استبعاده بشكل غير عادل من البرامج العلمية للتكتل مثل Horizon Europe، وسط الخلاف حول أيرلندا الشمالية.
أثر خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أيضا على عالم التعليم، لم تعد المملكة المتحدة جزءا من برنامج التبادل الطلابي Erasmus + التابع للاتحاد الأوروبي، بل أنشأت مخطط الاستبدال الخاص بها.
كان هناك انخفاض في عدد طلبات طلاب الاتحاد الأوروبي إلى جامعات المملكة المتحدة بنسبة 28% خلال العام الماضي 2022، وتراجع عدد الرحلات المدرسية بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي.