بريكس.. توسع سياسي واقتصادي عالمي

مع التوسع المستمر لمجموعة بريكس، نشر موقع «جيوبوليتيكال إيكونومي» تقريراً تناول فيه البيانات الأساسية للكتلة الدولية.
وقال التقرير إنه بينما كان اهتمام العالم في يونيو/حزيران الماضي منصبًا على العمليات العسكرية التي شنتها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد إيران، برزت تحولات جيوسياسية هادئة ولكن ذات مغزى، أبرزها إعلان فيتنام رسميًا انضمامها إلى مجموعة بريكس كشريك. وبهذا الانضمام، ارتفع عدد الدول ضمن بريكس+ إلى 20 دولة، ما يعكس تزايد دور الجنوب العالمي في إعادة تشكيل النظام الدولي.
وتتألف بريكس+ حاليًا من 10 أعضاء دائمين هم: البرازيل، روسيا، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، مصر، إثيوبيا، إندونيسيا، إيران، ودولة الإمارات، إضافة إلى 10 شركاء هم: بيلاروسيا، بوليفيا، كوبا، كازاخستان، ماليزيا، نيجيريا، تايلاند، أوغندا، أوزبكستان، وفيتنام.
وتشكل هذه الدول مجتمعة نحو 43.93% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي (وفقًا لمعيار تعادل القوة الشرائية)، ويبلغ عدد سكانها 4.45 مليار نسمة، أي ما يعادل 55.61% من سكان العالم، ما يبرز ثقلها الديموغرافي والاقتصادي المتنامي.
التأسيس
وتأسست مجموعة بريكس عام 2009 تحت اسم "بريك" (BRIC)، وضمّت حينها البرازيل وروسيا والهند والصين، ثم انضمت إليها جنوب أفريقيا في 2010 ليُصبح اسمها "بريكس". شهدت المجموعة أول توسّع كبير في قمة جوهانسبرغ 2023، وتوسعًا آخر في قمة قازان 2024، حيث تم توجيه دعوات لدول للانضمام كشركاء.
وفيتنام، التي دُعيت في أكتوبر/تشرين الأول 2024، أعلنت انضمامها رسميًا في يونيو/حزيران 2025، في خطوة تُعد رمزية واستراتيجية، تعكس التزامها بسياسة خارجية مستقلة وحياد استراتيجي. ويأتي انضمامها في وقت تشتد فيه التوترات العالمية، وخصوصًا بين الصين والولايات المتحدة.
وبريكس، مثل حركة عدم الانحياز، تمثل طموحات الجنوب العالمي في بناء نظام دولي أكثر توازنًا ورفض الهيمنة الغربية. بانضمامها إلى بريكس+، تؤكد فيتنام تمسكها بالحياد وعدم الانجرار وراء الصراع المتصاعد بين واشنطن وبكين.
مساعٍ للفرقة
ووفقا للتقرير، فقد شهدت السنوات الماضية محاولات أمريكية لاستقطاب فيتنام، عبر استراتيجيات مثل "إعادة توجيه سلاسل التوريد" و"فك الارتباط الاقتصادي"، وسعت إدارتا دونالد ترامب وسلفه جو بايدن لضم فيتنام إلى المعسكر الأمريكي. واقترح وزير الخزانة الأمريكي، سكوت بيسنت، استراتيجية "التطويق الكبير"، بمشاركة فيتنام والهند واليابان وكوريا الجنوبية.
لكن فيتنام رفضت تلك الضغوط، مؤكدة التزامها بسياسة "اللاءات الأربع": لا لتحالفات عسكرية، لا للانحياز لطرف ضد آخر، لا لوجود قواعد عسكرية أجنبية، ولا لاستخدام القوة أو التهديد بها في العلاقات الدولية.
وتُعد الصين هي الشريك التجاري الأول لفيتنام، تليها الولايات المتحدة. ودفعت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية على صادرات فيتنام إلى تعزيز علاقاتها مع بكين.
وعلى الصعيد الاقتصادي، يشترك البلدان في نموذج تنموي يُعرف بـ"اقتصاد السوق الاشتراكي". وتصفه الصين بـ"اقتصاد السوق الاشتراكي"، وفيتنام بـ"اقتصاد السوق ذو التوجه الاشتراكي". وقد أثبت هذا النموذج فاعليته في دعم النمو، وتقليص الفقر، وتحسين مستوى معيشة الطبقات العاملة.
ومع انضمام فيتنام، تُعزز بريكس+ موقعها كمظلة للجنوب العالمي في مواجهة النفوذ الغربي، وتسهم في إعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية الدولية على أساس الشراكة والتعددية.
وشدد التقرير على إن التوسع الأخير لبريكس+ ليس مجرد حدث عددي، بل يمثل تحولًا في ميزان القوى العالمي، ويعكس طموحات الدول النامية في لعب دور أكبر في صنع القرار الدولي، وبعيدًا عن المراكز التقليدية للسلطة في الغرب. وانضمام فيتنام يوجه رسالة واضحة مفادها أن هناك طريقًا يقوم على التعاون جنوب-جنوب، والاستقلالية الاستراتيجية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTI2IA== جزيرة ام اند امز