بريطانيا.. 460 مليار استرليني تكلفة تحقيق الحياد الكربوني بحلول 2029
حاولت الهيئة الرسمية لتشغيل نظام الطاقة في بريطانيا تقدير تكلفة تحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية، مشيرة إلى ارتفاع حاد في الإنفاق المتوقع خلال السنوات المقبلة.
وتثير سرعة وحجم التحول إلى اقتصاد منخفض الكربون، وكيفية تمويله، جدلا واسعا بين الأحزاب السياسية في بريطانيا.
وتؤكد الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، والتي تضم نخبة علماء المناخ وتعنى بها الأمم المتحدة، ضرورة خفض الانبعاثات بشكل جذري خلال العقد المقبل لتفادي كارثة مناخية عالمية تهدد الأرواح، وسبل العيش، والنظم الغذائية، والحياة البرية.
ويشير تقرير الهيئة البريطانية إلى أن الاستثمار في مشاريع توليد الطاقة النظيفة، وشبكات التوزيع، واستبدال السيارات والغلايات التي تعمل بالوقود الأحفوري، قد يكون أقل تكلفة إذا كانت المملكة المتحدة أقل طموحًا. لكن هذا النهج يقلل من الفوائد طويلة المدى للحياد الكربوني، بما في ذلك خفض كبير في تكاليف الطاقة على المدى الطويل.
قدمت الهيئة الوطنية لتشغيل نظام الطاقة (نيسو) أول تحليل شامل لتكلفة تحقيق مجموعة من السيناريوهات البيئية التي تتوافق مع أجندة الحكومة. تنفق المملكة المتحدة حاليًا نحو 10% من ناتجها المحلي الإجمالي على الاستثمارات المتعلقة بالحياد الكربوني، ومن المتوقع أن ترتفع هذه التكاليف خلال العقد المقبل وتظل مرتفعة حتى ثلاثينيات القرن الحالي.
ما هي تكلفة خطط الحكومة للوصول إلى الحياد الكربوني؟
وفقا لصحيفة الغارديان، في السيناريو الأكثر طموحًا، تبلغ التكاليف ذروتها عند 460 مليار جنيه استرليني بحلول 2029، قبل أن تنخفض إلى نحو 220 مليار جنيه سنويًا بحلول 2050. أما في سيناريو "التخلف عن الركب"، الذي يصوّر تحركًا بطيئًا نحو الحياد الكربوني، فتصل التكاليف إلى مستوى أقل بنحو 350 مليار جنيه، لكنه يتجاهل تكاليف الأضرار المناخية طويلة الأمد.
ولا تشمل هذه الحسابات تأثير "تكاليف الكربون"، أي الضرائب المفروضة على التلوث للحد من الانبعاثات، والتي قد تجعل السيناريو الأكثر طموحًا هو الأقل تكلفة على مدى 25 عامًا، موفرًا نحو 36 مليار جنيه سنويًا مقارنةً بالمسار الأبطأ، رغم ارتفاع التكاليف على المدى القصير.
هل ستزيد فواتير الطاقة؟
ليس بالضرورة. فالتقرير أثار جدلاً إعلاميًا حول إمكانية توفير الأسر نحو 500 جنيه سنويًا عند تبني مسار أبطأ، لكن هذه الحسابات تتجاهل تكاليف الكربون وتعقيدات توزيع تكاليف الطاقة على المستهلكين. تشمل الفاتورة الإجمالية استبدال السيارات والغلايات التقليدية بتقنيات منخفضة الكربون، وهو ما يرفع الاستثمارات المطلوبة على المدى القصير.
تسعى الحكومة إلى توزيع هذه التكاليف على فترة طويلة لتخفيف العبء عن الأسر والشركات، مثل مشروع محطة سايزويل النووية الجديدة الذي تبلغ تكلفته 38 مليار جنيه، موزعة على 60 عامًا. وتؤكد الحكومة أن استثمارات الطاقة النظيفة ستقلل الاختناقات المكلفة وتخفض الاعتماد على الغاز المستورد، لكنها لا تخفي أن ارتفاع تكاليف الاستثمار قد يرفع الفواتير مؤقتًا.
هل يمكن خفض التكاليف؟
يشير منتقدو أجندة الحكومة إلى إمكانية توفير نحو 14 مليار جنيه سنويًا عند التخلي عن الهدف القانوني لصافي انبعاثات صفرية، أو اتباع مسار أبطأ. لكن التقرير يحذر من أن التأخير سيزيد في نهاية المطاف تكلفة الوقود الأحفوري، ويفوّت فوائد غير مالية مثل تحسين الصحة العامة والبيئة والرفاه الاجتماعي، ويؤثر سلبًا على القدرة التنافسية الدولية.
ويؤكد التقرير أن "تأخير التكاليف لا يعني تجنبها"، وأن كفاءة تنفيذ أي مسار محدد قد تكون بنفس أهمية اختيار المسار نفسه من حيث التكلفة.
ماذا تقول الحكومة البريطانية؟
أكدت الحكومة أن التقرير لا يعكس بدقة تكلفة التحول للطاقة النظيفة، لكنها أشادت بالفوائد المتوقعة، مشيرة إلى أنه سيقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري ويعزز أمن الطاقة ويوفر وظائف ذات مهارات عالية. وأكدت أن تحقيق صافي الانبعاثات صفرية يوفر المال للأجيال القادمة ويحمي الاقتصاد من تقلبات أسواق الطاقة العالمية.
ما هي الجدوى البيئية والاقتصادية؟
يؤكد خبراء مثل ميل إيفانز، رئيس قسم المناخ في منظمة غرينبيس بالمملكة المتحدة، أن الالتزام بمسار الطاقة النظيفة لن يقلل فقط الانبعاثات، بل سيخفض تكاليف الطاقة إلى النصف ويجعل بريطانيا رائدة عالميًا في العمل المناخي.
ويشير إلى أن تكلفة التأخر عن التحول للطاقة النظيفة بلغت نحو 13 مليون جنيه استرليني في الساعة على مستوى العالم خلال العقدين الماضيين، ما يجعل الحجة الاقتصادية للاستثمار في الحياد الكربوني لا تقل أهمية عن الحجة البيئية.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز