بريكست بعد عقد.. اقتصاد المملكة المتحدة في وضع قاتم
قال تحليل نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية إنه بعد مرور ما يقارب العقد على استفتاء "بريكست"، تتضح الصورة الاقتصادية للمملكة المتحدة.
فالأضرار لم تصل إلى السيناريو الكارثي المتوقع فورًا، لكنها ظهرت تدريجيًا مع السنوات التي شهدت شللًا سياسيًا وإدخال حواجز تجارية أكثر صرامة منذ 2020، ما أثر على التجارة والاستثمار ومستوى المعيشة.
وتتصدر مسألة العلاقات التجارية مع الاتحاد الأوروبي النقاش السياسي مرة أخرى، مع دعوات من بعض نواب حزب العمال لتعميق هذه العلاقة، بما في ذلك احتمال الانضمام إلى اتحاد جمركي، على الرغم من أن زعيم الحزب، كير ستارمر، استبعد العودة إلى الاتحاد الجمركي أو السوق الموحدة.
وتأتي هذه الدعوات في ظل كون الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لبريطانيا، حيث بلغت صادرات السلع والخدمات نحو 358 مليار جنيه استرليني العام الماضي، بينما بلغت الواردات 454 مليار جنيه.
ورغم الاتفاق التجاري الذي أبرمته حكومة بوريس جونسون والذي يسمح بتجارة خالية من الرسوم الجمركية، فإن القيود واللوائح الجديدة أعاقت الوصول إلى السوق الأوروبية، خاصة للسلع، حيث انهارت الأحجام بعد انتهاء فترة الانتقال في يناير/كانون الثاني 2021 وما زالت دون مستويات 2019. ومع أن جائحة كوفيد صعبت تفكيك أثر بريكست، تشير الدراسات إلى أن التجارة البريطانية تضررت أكثر مقارنة بالدول الكبرى الأخرى في مجموعة السبع، وكان من الممكن أن تكون أقوى في حال استمر الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.
وف حين تعافى قطاع الخدمات بشكل أفضل منذ 2020، لكن قطاعات محددة، مثل الخدمات المالية في لندن، خسرت حصة كبيرة في السوق الأوروبية بسبب فقدان الوصول الكامل للسوق الموحدة.
لا عودة للوراء
من جهته، شدد حزب العمال أنه لا يسعى للعودة إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي، ويركز بدلاً من ذلك على إزالة الحواجز غير الضرورية للتجارة، مثل الاتفاقيات البيطرية لتسهيل تجارة الأغذية، واتفاقات للفنانين المتجولين، والاعتراف المتبادل بالمؤهلات المهنية.
وخلال محادثات إعادة ضبط العلاقات بين المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي هذا العام، تم التباحث أيضًا في برامج حركة الشباب، والتعاون في مجالات الطاقة والدفاع والأمن، لكن التقديرات تشير إلى أن هذه الاتفاقيات ستضيف نحو 0.3% فقط إلى الناتج المحلي بحلول 2040، وهو أقل بكثير من التكلفة الاقتصادية المقدرة لبريكست، والبالغة 4% من الناتج المحلي الإجمالي وفق مكتب المسؤولية الميزانية.
ويشير بعض الخبراء إلى أن الانضمام إلى اتحاد جمركي قد يكون أكثر فائدة، إذ يقلل التعقيدات الإدارية مثل قواعد المنشأ التي تزيد التكاليف على الشركات بنسبة 2-8%. وتقدّر أبحاث استشارية أن اتحادًا جمركيًا “مصممًا” مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يرفع الناتج المحلي بنسبة 2.2% ويضيف 25 مليار جنيه سنويًا للخزينة، لكنه يتطلب مفاوضات معقدة وطويلة، قد تشمل شروطًا مثل حرية الحركة والمساهمات المالية، مع احتمال فقدان بريطانيا السيطرة على سياساتها التجارية بشكل جزئي.
ويشير الواقع الاقتصادي إلى أن تعزيز العلاقات مع الاتحاد الأوروبي يمكن أن يدعم النمو، إلا أن أي خطوات ملموسة ستحتاج سنوات من المفاوضات السياسية الداخلية والخارجية، مع الموازنة بين الاستفادة الاقتصادية والاستقلال التجاري والسياسي الذي سعت المملكة المتحدة لتحقيقه منذ خروجها من الاتحاد الأوروبي.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTAzIA== جزيرة ام اند امز