خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.. تحديات اقتصادية
من المتوقع خسارة بريطانيا موقعها بين الدول السبع الصناعية الكبرى من حيث معدل النمو الاقتصادي، وهو ما تؤكده التقديرات.
من المتوقع خسارة بريطانيا موقعها بين الدول السبع الصناعية الكبرى من حيث معدل النمو الاقتصادي، وهو ما تؤكده التقديرات.
تواجه بريطانيا حزمة من التحديات بعد خسارة الحكومة البريطانية تصويت البرلمان على اتفاق الخروج من الاتحاد الأوروبي "بريكست" بعد تصويت 432 نائبا ضد الاتفاق في مقابل 202 صوتوا لصالحه، لعل أبرزها الملف الاقتصادي وما يتعلق بالقطاع المالي، والتجارة، والتوظيف.
- تيريزا ماي تريد التفاوض مجددا بشأن بريكست والاتحاد الأوروبي يرفض
- ماي للاتحاد الأوروبي: سنعيد فتح "بريكست" لكسب دعم البرلمان
وبحسب دراسة أعهدها معهد "أكسفورد أكونوميكس" فإنه يتوقع معاناة المملكة المتحدة اقتصاديا، إذ إنها ستخسر من جراء خروجها ما يعادل 800 مليار يورو، ستذهب كلها لصالح المركز المالى الأوروبى المنافس.
كما أنه من المتوقع خسارة بريطانيا موقعها بين الدول السبع الصناعية الكبرى من حيث معدل النمو الاقتصادي، وهو ما تؤكده التقديرات ربع السنوية لإجمالي الناتج المحلى البريطاني.
وقد تخسر خامس أكبر قوة اقتصادية في العالم قدرتها على الوصول على أساس تفضيلي إلى أكبر سوق لصادراتها بين ليلة وضحاها، ما يؤثر على كل القطاعات، ويؤدي إلى ارتفاع التكاليف وتعطيل الموانئ البريطانية.
ومن المتوقع أن تكون الخسائر المالية من أبرز المشكلات التي ستواجهها بريطانيا، حيث أكد وزير المالية البريطاني جورج أوزبورن في وقت سابق أن الخروج من الاتحاد يمكن أن ينجم عنه رفع الضرائب على البريطانيين وخفض النفقات، لتعويض نقص مالي بقيمة 30 مليار جنيه إسترليني أي 38 مليار يورو.
كذلك، أشارت صحيفة "نيكاي" الاقتصادية اليابانية إلى أن المصارف المركزية في أوروبا والولايات المتحدة واليابان ناقشت تحركا لضخ سيولة بالدولار في حال خرجت بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وقد أصدرت وزارة الخزانة البريطانية في أبريل 2016 تحليلا يرجح تعاظم التداعيات السلبية على الاقتصاد البريطاني في حال خروج بريطانيا من الاتحاد.
الوظائف أيضا ضمن المشكلات التى تواجهها بريطانيا حال الخروج، حيث أشار التقرير إلى أن الخروج البريطاني قد يكلف الاقتصاد خسارة قيمتها 100 بليون جنيه إسترليني (أي ما يوازي 145 بليون دولار)، بالإضافة إلى فقدان حوالي مليون وظيفة في العام 2020، هذا بالإضافة إلى إمكانية تراجع الناتج القومي الإجمالي بنسبة 6.6% بحلول عام 2030.
تواجه بريطانيا أيضا "تراجع المكانة"، حيث من المتوقع تراجع مكانة بريطانيا كأبرز سوق مالية أوروبية لصالح فرانكفورت ولكسمبورج. وتقدر وزارة المالية البريطانية عدد الوظائف المرتبطة مباشرة بتصدير خدمات مالية داخل الاتحاد الأوروبي بنحو 100 ألف وظيفة، وفي حال خروج بريطانيا فإن قسما من هذه الوظائف ستنتقل إلى داخل الفضاء الأوروبي.
وتتعاظم هذه الانعكاسات في ظل ما برز من غياب الرؤية لدى الجانب البريطاني في الآونة الأخيرة، وهو ما قد يدفع المستثمرين إلى سلوك مسارات قد تضر بالاستثمار في بريطانيا، خاصة في ظل ما يتم تصديره من احتمالية وقوع أزمة اقتصادية وفوضى في حال الخروج غير المنظم لبريطانيا.
وقالت صحيفة "جارديان" البريطانية، في تقرير لها: "إن المواطنين البريطانيين بدأوا في تخزين الأدوية خوفا من تداعيات بريكست، وهو ما يعد مؤشرا على حالة القلق المتنامية لدى قطاع عريض من الشعب البريطاني".
وذلك، دفع كبار الأطباء إلى مطالبة الحكومة بالكشف عن مخزون الأدوية الوطنية، لمحاولة الحد من السلوك العشوائي للمواطنين الذين يقومون بتخزين الأدوية استعدادا لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة عقب تحذير لجنة الخدمات الصيدلانية "PSNC"، من أن النقص في الأدوية قد زاد في الأشهر الأخيرة.
ومن أبرز المشكلات البريطانية تراجع الجنيه الإسترليني، حيث يعد سيناريو تراجع قيمة "الإسترليني" محتملا الذي بدت ملامحه عقب استفتاء الخروج عام 2016، حيث تراجعت قيمة الجنيه الإسترليني ووصلت إلى أدنى مستوى لها منذ 1985 مقابل الدولار، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعار الدهب ليحقق مكاسب تاريخية بلغت 22% من قيمة الذهب بما يعادله بالعملة البريطانية.
ولجأ الأيرلنديون إلى الذهب كوعاء ادخاري آمن بدلا من اليورو أو الإسترليني، وقد أشار تقرير لوكالة الأنباء الفرنسية إلى اتفاق الكثير من المستثمرين في مقاطعة أيرلندا الشمالية على الاتجاه إلى شراء كميات كبيرة من الذهب.
ونقلت الوكالة عن أحد مؤسسي شركة الوساطة "ميريون فولتس"، التي توفر صناديق تخزين لإيداع الذهب في وسط العاصمة الأيرلندية دبلن، قوله "إن المستثمرين يخشون تراجعا كبيرا في قيمة الجنيه الإسترليني في حال حدوث بريكست بدون اتفاق".
وأشار إلى "حدوث ارتفاع بنسبة 70% في زبائنه من مقاطعة أيرلندا الشمالية في العام 2018 مع تصاعد الشعور بإمكانية خروج بريطانيا من الاتحاد دون اتفاق، حيث يسحب الزبائن الأموال من البنوك ويشترون الذهب لتخزينه"، على حد قوله.
ويعد قطاع العقارات أيضا مهددا بتفاقم مشكلاته حال الخروج غير المنظم لبريطانيا من الاتحاد الأوروبي، حيث بدأ قطاع العقارات في التراجع فعليا جراء حالة عدم الوضوح المتعلقة بالخروج الوشيك لبريطانيا.
فبحسب تقرير حديث لشركة "Your Move" فإن بعض العقارات سجلت هبوطاً بنسبة وصلت إلى 25% خلال الشهور الـ12 الماضية، ولا سيما في المناطق التي تقع بها عقارات مرتفعة الثمن مثل العاصمة البريطانية لندن.
وفي الوقت الذي تجري فيه رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي مباحثات هاتفية مع المسؤولَين الأوروبيين لمناقشة "الخطوات المقبلة" المتعلقة بـ"بريكست"، يبدو أن عام 2019 سيجلب تحديات كبيرة أمام الاقتصاد البريطاني يقتضي العمل على مواجهته بشتى السبل، خاصة أن جميع التوقعات تشير إلى خسائر مالية واضحة في قطاعات حيوية وهامة.