الإرهاب يطعن الحرية 17 مرة.. نائب بريطاني يدفع ثمن مواقفه
في قلب كنيسة، سار شاب أمتارا في هدوء، مركزا على هدفه حتى بات أمامه، فسل سكينه، وطعنه 17 مرة في صمت رهيب.
هكذا هو الإرهاب، يتتبع الآمنين، ويرتدي قناع الحمل الوديع، حتى يظهر وحشيته في لحظة الصدام، ويقتل الحرية والتعايش بلا رحمة أو شفقة.
وفي ظهر الجمعة، لقي النائب السير ديفيد أميس حتفه طعنا في كنيسة بإسيكس في شرق بريطانيا على يد رجل دخل إلى اجتماع بين النائب وأفراد من دائرته الانتخابية.
وينتمي أميس (69 عاما) إلى حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء بوريس جونسون، ويمثل النائب القتيل، وساوثيند ويست في إسيكس بشرق البلاد.
ووفق تقارير بريطانية، لم يبد المهاجم أي إشارات على نواياه قبيل الهجوم، وسار داخل الكنيسة باتجاه السير أميس في هدوء وبدون أي توتر.
ونقلت التقارير عن شاهدتي عيان قولهما إن المهاجم ظل صامتا وهو يخرج سكينه، ويطعن النائب المحافظ ١٧ مرة.
دوافع إرهابية
بدورها، أعلنت شرطة العاصمة البريطانية لندن في بيان في ساعة مبكرة من صباح السبت أن هجوم الطعن الذي راح ضحيته النائب البريطاني ديفيد أميس كان عملا إرهابيا.
وتتولى وحدة مكافحة الإرهاب التابعة للشرطة التحقيق في الحادث، وفق الشرطة اليت أوضحت أن التحقيق المبكر كشف عن "دافع محتمل مرتبط بالتطرف الإسلامي".
وألقت الشرطة القبض على شاب يبلغ من العمر 25 عاما في مكان الحادث للاشتباه في ارتكابه جريمة القتل، فيما يقود ضباط متخصصون في مكافحة الإرهاب من شرطة لندن التحقيقات الأولية.
فيما ذكرت قناة سكاي نيوز البريطانية أن الشاب المعتقل يحمل الجنسية البريطانية ومنحدر من أصل صومالي وكانت الشرطة تشتبه في تطرفه، وهو ما أكدته صحيفة ديلي تليجراف البريطانية.
وقالت الشرطة إن " أفراد الشرطة يجرون حاليا في إطار التحقيق عمليات تفتيش في عنوانين في منطقة لندن وما زالت هذه العمليات جارية"، لافتة إلى أنها تعتقد أن المشتبه به نفذ الهجوم بمفرده.
"جهود استثنائية"
وفي وقت متأخر أمس، قالت لجنة إيران الحرة التي كان يترأسها أميس، "كان السير ديفيد نصيرًا لحقوق الإنسان والديمقراطية في إيران لأكثر من ثلاثة عقود.. لقد تحدث باستمرار عن دعم التطلعات الديمقراطية للشعب الإيراني وحركة المقاومة الإيرانية".
اللجنة قالت أيضا "خلال فترة وجوده في البرلمان، وجه أميس مرارًا وتكرارًا تهديدات خطيرة لنظام طهران في مؤتمرات ومناقشات وقرارات برلمانية لدعم سياسة حازمة تجاه إيران، مع التركيز على حقوق الإنسان ومحاسبة النظام لانتهاكات هذه الحقوق والإرهاب".
ومضت قائلة "التقى السير ديفيد في مناسبات عديدة بالرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، السيدة مريم رجوي. كما قاد وفدا قويا متعدد الأحزاب من نواب بريطانيين وأقرانه إلى عدة تجمعات لحركة المقاومة الإيرانية في باريس لتقديم بيانات دعم لإيران حرة وديمقراطية وقعها مئات البرلمانيين".
وكان السير ديفيد من بين 35 نائباً قادوا الحملة القانونية الناجحة ضد الحظر ذي الدوافع السياسية لحركة المعارضة الإيرانية الرئيسية، منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، في المملكة المتحدة في عام 2007، وفق البيان.
والشهر الماضي، قال السير ديفيد "من أكثر الأعمال التي افتخر بها على الإطلاق في مسيرتي السياسية هو دعم المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية الذي يدعو إلى استبدال النظام الإيراني بحكومة أكثر أمانًا وديمقراطية".
وأمس الأول، كتب النائب الراحل مقالًا في "تاون هول" سلط الضوء على تورط رئيس النظام الإيراني إبراهيم رئيسي في مذبحة عام 1988 ضد السجناء السياسيين في إيران، ودعم دعوة المجتمع الأنجلو-إيراني لاعتقاله إذا حضر مؤتمر تغير المناخ في جلاسكو الشهر المقبل، وفق البيان ذاته.
"شبح قديم"
ويعيد الهجوم الإرهابي على أميس، إلى الأذهان واقعة حدثت عام 2010 عندما نجا نائب حزب العمال ستيفن تيمز من هجوم مماثل في مكتب دائرته الانتخابية وكذلك مقتل النائبة عن حزب العمال جو كوكس في إطلاق نار عام 2016 على يد أحد مؤيدي النازيين الجدد، قبل أيام فقط من استفتاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
لكن أميس نفسه، قال في كتاب نُشر في نوفمبر/تشرين ثاني الماضي عن مقتل كوكس، إن المخاوف بشأن سلامة النواب جاءت "لإفساد التقاليد البريطانية في أن يتمكن الناس من مقابلة نوابهم"، ليلقى حتفه بعد أقل من عام في هجوم أثناء لقائه مواطني دائرته الانتخابية.
"مخاوف متزايدة"
وإثر الهجوم على أميس، قال رئيس مجلس العموم ليندسي هويل إنه سيتعين مناقشة أمن أعضاء البرلمان، مضيفا "هذا الحادث سيحدث صدمة في المجتمع البرلماني والبلاد بأسرها... في الأيام المقبلة، سنحتاج إلى إعادة النظر في أمن النواب".
وتظهر الإحصاءات الرسمية زيادة في الاعتداءات على نواب البرلمان، حيث أشارت تقارير حكومية في 2019 إلى زيادة بنسبة 126 بالمئة بين عامي 2017 و2018 وزيادة بنسبة 90 بالمئة في الأشهر الأربعة الأولى من عام 2019.
وأعلن كثير من النواب في السابق، تلقي تهديدات بالقتل في سياق النقاشات حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.