«رابطة مسلمي بريطانيا».. هل بدأت بريطانيا مسار مكافحة الإخوان؟
ألقت الحكومة البريطانية حجرا في مياه الإخوان الراكدة في بريطانيا، وحركت أولى خطوات مواجهة نفوذ ونشاط الجماعة، عبر وضع قدر من الضوء على دور رابطة مسلمي بريطانيا.
واستخدم وزير الجاليات البريطاني المعني بملف تعريف التطرف مايكل جوف، يوم الخميس، خطابا في البرلمان لتسمية ثلاث منظمات قال إن الحكومة تعتزم "محاسبتها" باستخدام التعريف الجديد للتطرف.
والمنظمات الثلاث، التي اتهمها جوف بأن لها "توجهات إسلامية"، هي الرابطة الإسلامية في بريطانيا (MAB)، و"كيج إنترناشيونال"، و"ميند".
وقال جوف "إن منظمات مثل رابطة مسلمي بريطانيا، الفرع البريطاني لجماعة الإخوان المسلمين، وجماعات أخرى مثل كيج وميند، تثير القلق بشأن التوجه ووجهات النظر الإسلامية، يجب محاسبة المنظمات لتقييم إذا كانت تلبي تعريفنا للتطرف، وسنتخذ الإجراء المناسب".
وكانت تقارير متعددة هذا الأسبوع أشارت إلى أن جوف سيستخدم هذا البيان من أجل تصنيف مجلس مسلمي بريطانيا، المنظمة الأكبر التي يسيطر عليه تنظيم الإخوان أيضا، كمجموعة متطرفة بسبب اعتقاد الحكومة أنه فشل في "التنصل من سلوكيات الماضي أو إلغائها" مع الحفاظ على الارتباطات مع أصحاب وجهات النظر "المتطرفة"، لكن الخطاب خلا من اسم المجلس، واكتفى بذكر الرابطة.
وحديث جوف يعني أن الحكومة ستراجع موقف رابطة مسلمي بريطانيا، وتقيم إذا كانت تلبي منطلقات تعريف التطرف الجديد، ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة بناء على ذلك.
ومن أجل تنفيذ هذه الإجراءات تم إنشاء وحدة جديدة -مركز التميز لمكافحة التطرف- لجمع المعلومات الاستخبارية وتحديد الجماعات المتطرفة.
وفي حال انتهاء هذه الإجراءات بإدراج رابطة مسلمي ألمانيا بين المنظمات التي ينطبق عليها تعريف التطرف، فإنها ستمنع من التعامل مع السلطات العامة والمسؤولين المنتخبين والتمويل الحكومي، بسبب أنها "تقوض.. القيم أو المؤسسات البريطانية".
لكن هذا التصنيف لا يعني التجريم أو منع المنظمة من العمل بشكل تام في الأراضي البريطانية، لكنه في الوقت نفسه يعني تقييد الظهور العام للتنظيمات التي تندرج تحته، ويسحب منها ميزة التعامل مباشرة مع الحكومة، وبالتالي يحد من نفوذها وتأثيرها في المجتمع بشكل كبير.
كما أن مثل هذا التصنيف -إذا حدث- سيحرم رابطة مسلمي بريطانيا الإخوانية من إحدى أهم استراتيجيات الجماعة في الدول الأوروبية، هي ادعاء تمثيل المجتمعات المسلمة، واختراق المجتمع على هذا الأساس، فالمنظمة المحرومة من التواصل مع الحكومة والمسؤولين المنتخبين لن تستطيع لعب دور حلقة الوصل بين المجتمعات المسلمة والمؤسسات العامة، ما سيحرمها أيضا من ركن أساسي في عملها.
وبالأخذ في الاعتبار أن رابطة مسلمي بريطانيا تمر بأزمة منذ سنوات، وفقدت الكثير من نفوذها، فإن هذا التصنيف -إن حدث- سيكون ضربة قاصمة لمستقبلها، لكن سيكون أمامها خيار اللجوء للمحكمة العليا وتحدي هذا التنصيف الحكومي.
كما أن التصنيف الحكومي لم يطل حتى الآن منظمات أخرى مثل مجلس مسلمي بريطانيا، والفروع الرئيسية للإخوان، المصري والعراقي والفلسطيني، ما يعني أن الحكومة لا يزال أمامها الكثير من العمل لتوجيه ضربة قوية وقاتلة لتطرف الإخوان.
ما هي رابطة مسلمي بريطانيا؟
تأسست رابطة مسلمي بريطانيا (MAB) عام 1997، وكان من بين القائمين عليها قيادات إخوانية، أبرزهم كمال الهلباوي، والعراقيان أنس التكريتي وعمر الحمدون، والفلسطينيان عزام التميمي ومحمد صوالحة، والليبي الأمين بلحاج، والتونسي سعيد الفرجاني، وفق بحث خاص بـ"العين الإخبارية".
ورابطة مسلمي بريطانيا مؤثرة للغاية داخل المجتمع الإسلامي البريطاني وفي النقاش العام، في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، ولكن مثل العديد من الوجوه العامة الأخرى في بيئة الإخوان البريطانية فقدت المنظمة الكثير من نفوذها في السنوات الأخيرة.
أسباب التراجع هي رحيل عدد كبير من قياداتها إلى البلدان الأم في أحداث الربيع العربي، ثم نشاط فروع الإخوان، خاصة الفرع المصري، في الأراضي البريطانية، حيث جذب هذا النشاط كثيرا من الأضواء من رابطة مسلمي بريطانيا.
ومن ناحية أخرى أصبحت الشبكات المرتبطة بما يعرف بـ"جماعة الإسلام"، التنظيم النشط في جنوب آسيا ويرتبط أيضا بالإخوان، أكثر نفوذا في بريطانيا. ونسقت الإخوان وجماعة الإسلام لوقت طويل في بريطانيا ولعبا الدور الأبرز في إنشاء مجلس مسلمي بريطانيا (MCB) عام 1997، وهي المنظمة المكلفة نظريا بتمثيل جميع المسلمين البريطانيين.
تعريف التطرف
وقدمت الحكومة البريطانية، أمس الخميس، تعريفا أكثر صرامة للتطرف يهدف إلى مكافحة ما وصفه رئيس الوزراء ريشي سوناك بأنه «سم للديمقراطية»، في ظلّ تواصل الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس" منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وتعرّف هذه المقاربة الجديدة التطرف بأنه "الترويج لأيديولوجية قائمة على العنف والكراهية والتعصب، وتهدف إلى إنكار أو تدمير حقوق الآخرين وحرياتهم الأساسية، أو تقويض أو إطاحة أو استبدال النظام البريطاني الديمقراطي الليبرالي البرلماني والحقوق الديمقراطية، أو خلق بيئة متساهلة للآخرين عمدا لتحقيق النتائج الواردة في البندين الأولين".
الحكومة ذكرت في بيان أن هذا "التعريف الجديد أضيق وأكثر دقة" من التعريف السابق الذي يعود تاريخه إلى 2011، وينطبق على الأنشطة الحكومية دون "أي تأثير على قانون العقوبات الحالي".
ويؤكد البيان أن "الأمر لا يتعلق بإسكات الذين لديهم معتقدات خاصة وسلمية"، ولا "التأثير على حرية التعبير، التي ستكون محمية دائما".
وتابع أن "هذا الأمر لا يوجِد صلاحيات جديدة"، بل يفترض أن يساعد الحكومة على "التعرف بشكل أفضل على المنظمات والأفراد والسلوك المتطرف".