خبيران سوريان لـ«العين الإخبارية»: غضب إدلب يحطم حصار القاعدة والإخوان
تسلقت موجة الغضب في إدلب السورية أسوار فرضتها "هيئة تحرير الشام" الإرهابية وحليفتها جماعة الإخوان، ما يؤشر على تحول عميق بواقع الشمال.
وتعيش المدينة أوضاعا إنسانية صعبة وسط تفشي الاعتقالات التعسفية والقتل والتعذيب وسياسات ضريبية أشبه بالإتاوات، جعلت سكان إدلب ومناطق مجاورة لها ينتفضون ضد الهيئة، التي انبثقت ذات يوم عن تنظيم القاعدة، ويهتفون ضد قائدها أبومحمد الجولاني، مؤكدين أن حاجز الخوف كُسر.
الواقع، وفق مراقبين، يقول إن أسباب الاحتجاجات قد تتشابك فيها العوامل الداخلية بالخارجية، إلا أنهم يؤكدون أن كيل الأهالي قد طفح من الظلم والقمع الذي يلاقونه برعاية "إخوانية – قاعدية".
- «كسر حاجز الخوف».. انتفاضة السوريين تحاصر «هيئة تحرير الشام» الإرهابية
- هجومان إرهابيان على ثكنات عسكرية في سوريا
فلماذا اندلعت الاحتجاجات؟
أسباب تلك الموجة العارمة من الاحتجاجات، يتحدث عنها الباحث السياسي السوري أحمد شيخو، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، قائلا إنها تعود إلى أمور كثيرة، منها ما يتعلق بالأوضاع الداخلية الإنسانية والمعيشية الصعبة دون وجود أفق للحل، إضافة إلى القبضة الأمنية المتشددة لهذا التنظيم الإرهابي.
وأوضح شيخو أن التنظيم نفذ اعتقالات بحق كل من يخالف توجهات الجولاني وما يسمى بـ"حكومة الإنقاذ" التابعة للهيئة وسياساتها المتطرفة والمتشددة بحق الأهالي.
ويرى الباحث السياسي السوري أن الأمر لا يقتصر على ممارسات هيئة تحرير الشام فقط، بل هناك عوامل محيطة وبواعث لها تأثيرها في المناطق الخارجة عن سيطرة الحكومة السورية.
ولفت في هذا السياق، إلى التنافس والصراعات التي ظهرت في السنتين الأخيرتين بين الفصائل المحسوبة على ما يسمى الجيش الوطني السوري المنتشر في عفرين وأعزاز والباب وتل أبيض ورأس العين وبين الهيئة في إدلب.
وذكر الباحث السياسي السوري، في حديثه لـ "العين الإخبارية"، أن الاشتباكات بين هذه الأطراف تتجدد وتتوقف بين الفينة والأخرى حسب الظروف الإقليمية والتدخلات الخارجية، منوها إلى أنه لا يستبعد أن تكون بعض الدول الإقليمية وراء هذه التحركات أو أن بعضها سيحاول الاستفادة منها للضغط على الهيئة.
وحول مصير تلك الاحتجاجات، يؤكد شيخو، في ختام تصريحاته لـ "العين الإخبارية"، أنه طالما لا يوجد حل للأزمة السورية مع تواصل التدخلات الإقليمية ووجود الحكم الإخواني والقاعدي في إدلب والمناطق الأخرى، فستستمر موجة المظاهرات، وقد حضر مارد الغضب ضدهم.
ويشدد كذلك على أن الشعب السوري سيواصل تأكيد رفضه الممارسات الاستبدادية والاعتقالات، وكذلك رفض كل الأطراف صاحبة الأجندات الخارجية الراغبة في السلطة.
وطالب المحتجون بإسقاط الجولاني والإفراج عن المعتقلين وحل ما يعرف بـ"جهاز الأمن العام" التابع للهيئة، والذي يطلق عليه "جهاز الظلم العام"، وكذلك وقف الاعتقالات التعسفية.
المعاناة شديدة
الكاتب الصحفي السوري عبدالرحمن ربوع بدوره يقول لـ "العين الإخبارية"، إن الاحتجاجات في مناطق هيئة تحرير الشام مستمرة منذ وقت طويل، وتعود إلى عام 2015، عند دخول ما يسمى جيش الفتح إلى إدلب.
ولفت إلى أن هذا التنظيم نفذ ممارسات قمعية شديدة ما بين اعتقالات وإعدامات طالت الجميع بما في ذلك النساء والأطفال، لكن الغضب الشعبي قوبل بهمجية شديدة من الهيئة على نحو حال وقتها دون توسع الاحتجاجات.
وذكر ربوع أن هيئة تحرير الشام وحلفائها حرصوا على تصفية جميع قوى المعارضة التي لم تتبع أجندتهم أو أي ناشط مدني واجتماعي وسياسي، وهي نفسها الممارسات التي اتبعها تنظيم داعش الإرهابي في مناطق أخرى، قائلا إنهم جميعا نفس المدرسة.
وظهرت هيئة تحرير الشام التي كانت تعرف في السابق بمسمى جبهة النصرة أواخر عام 2011 مستفيدة من حالة الفوضى في سوريا، وكانت تعرف كذلك بفرع تنظيم القاعدة في بلاد الشام.
ولخبرة عناصرها بالعمل المسلح وبالتعاون مع فصائل تابعة لجماعة الإخوان الإرهابية، أصبحت واحدة من أقوى التنظيمات المناوئة للحكومة في دمشق، وهي إلى ذلك مصنفة إرهابية لدى كثير من الدول.
شراكة بين الإخوان والقاعدة؟
ويقول الكاتب الصحفي السوري، في حديثه لـ "العين الإخبارية"، إن مناطق الشمال السوري تشهد شراكة بين القاعدة والإخوان، فإلى جانب هيئة تحرير الشام يوجد فصيل آخر يسمى فيلق الشام وهو يتبع تنظيم الإخوان، معتبرا أنه متعاون ومتجاور مع الهيئة ولديهما نفس المصالح.
ويضيف ربوع أن الناس في إدلب وغرب سوريا يعانون معاناة شديدة، خصوصا الأوضاع المعيشية الصعبة، وتمادي الهيئة في سياسات الضرائب التي تحولت إلى ما يشبه الإتاوات أو الفُدى، وقد أصبح الأهالي غير قادرين على دفع تلك الأموال.
وحول ما إذا كانت الاحتجاجات قادرة على وقف ممارسات هيئة تحرير الشام أو إسقاطها، يرى الكاتب الصحفي السوري أنه ليس من المستبعد ذلك، قائلا "لا يوجد مستحيل"، منتقدا ما وصفه بـ "تواطؤ الإعلام المعارض" مع القاعدة وحكومة الإنقاذ للتعتيم على ما يجري في شمالي سوريا.
وشهدت الجمعة أمس الأول موجة جديدة من الاحتجاجات ضد الهيئة، فيما ردت الأخيرة بإطلاق الرصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين، حسب روايات لشهود عيان.
aXA6IDMuMTI5LjM5Ljg1IA== جزيرة ام اند امز