الاقتصاد البريطاني أمام مصير مؤلم في 2023.. ماذا بعد "تراس"؟
أعطت امتيازات للأثرياء وفاقمت معاناة باقي المواطنين، وخططها هوت بالجنيه والأسواق. لذلك؛ حكم الاقتصاد البريطاني بمغادرة "ليز تراس".
بعد 6 أسابيع (45 يومًا) فقط من توليها منصب رئاسة وزراء بريطانيا، سقطت "ليز تراس"، المرأة الحديدية كما توصف، باختيارها قرار الاستقالة، لتصبح أقل رؤساء الحكومة الخدمة، مع عدم تمكنها في حلحلة الأزمات المتصاعدة التي يعاني منها البريطانيون، والتي يأتي بمقدمتها تسجيل نمو اقتصادي منخفض لفترة طويلة.
لكن يبدو جليًا أن السبب الرئيسي في مغادرة "تراس" سريعًا للمشهد الحالي، هو سياستها المالية "غير المجدية" والتي كشفتها موازنتها المصغرة التي شملت تخفيضات ضريبية غير ممولة تبلغ قيمتها 45 مليار جنيه استرليني (حوالي 50 مليار دولار) التي حملت في طياتها امتيازات للأثرياء عبر إلغاء الضريبة المفروضة عليهم والبالغة 45%، لتتسبب بعدها في فوضى بالأسواق المالية، وتنحدر البلاد أكثر في فوضى الاضطرابات الاقتصادية والسياسية. لكن هل يحيي رحيل "تراس" الفرصة أمام الاقتصاد البريطاني لتصحيح المسار، أم سينزلق إلى منعطف المصير المجهول؟.. ربما لا تحمل 2023 آمالًا مبشرة في الإجابة على هذا التساؤل.
التضخم يتجاوز 15%
من جانبهم، يرى اقتصاديون أن التضخم في المملكة المتحدة قد يصل إلى 15% أو أكثر أوائل العام المقبل، في حال لم تتخذ الحكومة المزيد من الإجراءات لحماية الأسر من ارتفاع فواتير الطاقة، وفقًا لما ذكرته وكالة بلومبرج للأنباء.
وتأتي تلك التوقعات بعدما قرار وزير المالية الجديد "جيريمي هانت" هذا الأسبوع دعم فواتير الوقود المستخدم في المنازل حتى أبريل/نيسان 2023 فقط، مما يعرض المستهلكين والشركات لارتفاع كبير في أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء، رغم وعده بصورة ما من الدعم تستهدف المواطنين الأقل قدرة على الدفع.
وحسبما نقلت بلومبرج، يتوقع "جيمس سميث" الاقتصادي لدى "آي إن جي" أن قرار "هانت" قد يضيف ما يصل إلى 3% إلى معدل التضخم الرئيسي.
هذا وأعلنت "ليز تراس" استقالتها اليوم من رئاسة وزراء المملكة المتحدة، بعد الاضطرابات التي شهدتها الأسواق بسبب السياسة المالية.
تعطيل خطط رفع الفائدة
فيما تصاعدت وتيرة التوقعات في بريطانيا بأن تتوقف الحكومة القادمة عن خطتها لرفع أسعار الفائدة، وذلك في أعقاب استقالة رئيسة الحكومة ليز تراس على وقع الخطة الاقتصادية الفاشلة التي أطاحت سابقا بوزير المالية واضطرت للتراجع عنها قبل أيام بعد أن تسببت بحالة فوضى في الأسواق.
وقال نائب محافظ بنك إنجلترا، بن برودبنت، إنه ليس من المؤكد أن أسعار الفائدة في بريطانيا بحاجة إلى الارتفاع بالقدر الذي يتوقعه المستثمرون، وحذر من تعرض الاقتصاد البريطاني لضربة إذا ما تم رفع الأسعار الفائدة إلى المستويات التي يجري الحديث عنها حالياً.
وقال برودبنت في خطاب ألقاه الخميس، إنه في حين أن "مبرر تشديد السياسة واضح" في مواجهة التضخم المتصاعد، فإن الطلب سيتباطأ إلى حد ما على أي حال مع ارتفاع الأسعار. وقال إنه إذا اتبعت الأسعار المسار الحالي، فقد يتسبب ذلك في تضرر الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5%.
وتشير التصريحات إلى توخي الحذر في بنك إنجلترا المركزي بشأن السرعة التي يتم بها تشديد السياسة النقدية مع تزايد المخاطر من أن بريطانيا قد انزلقت بالفعل إلى الركود.
ويتوقع المستثمرون حالياً ارتفاع معدلات الفائدة فوق 5% في عام 2023، ارتفاعاً من 2.25% الآن.
وقد أفاد تقرير نشرته وكالة بلومبرج إن هذه التوقعات في أوساط المستثمرين بشأن معدلات الفائدة تراجعت في أعقاب خطاب برودبنت.
وبحسب الوكالة الأمريكية فان التوقعات السائدة حالياً تشير إلى أن بنك إنجلترا قد يكتفي برفع أسعار الفائدة بنسبة 75 نقطة أساس الشهر المقبل.
وقال برودبنت: "إذا كان سعر الفائدة المصرفية سيصل حقًا إلى 5%، بالنظر إلى مضاعفات السياسة المعقولة، فإن التأثير التراكمي على الناتج المحلي الإجمالي لدورة التنزه بأكملها سيكون أقل بقليل من 5% -وقد تحقق ربعها فقط بالفعل.. ومن المرجح أن تستجيب لجنة السياسة النقدية بشكل سريع نسبيًا للأنباء المتعلقة بالسياسة المالية"، بحسب برودبنت.
ركود حتى منتصف 2023
بينما حذر اقتصاديون من أن المملكة المتحدة ستدخل في حال ركود تستمر حتى صيف عام 2023. ومن المتوقع أن ينكمش اقتصاد بريطانيا بنحو 0.2% كل ثلاثة أشهر بدءاً من تشرين الأول (أكتوبر) الجاري وحتى حزيران (يونيو) من العام المقبل.
وسيؤدي هذا التراجع الاقتصادي المطول إلى انخفاض بنسبة 0.3% في الناتج المحلي الإجمالي الكلي لعام 2023، بحسب التوقعات الخريفية لمجموعة "إيرنست ويونغ" للتنبؤات الاقتصادية في بريطانيا EY Item Club.
ويدخل اقتصاد بلد ما في حال من الركود التقني عندما ينخفض ناتجه المحلي الإجمالي لربعين متتاليين أو أكثر.
وقد خفض فريق التنبؤ الاقتصادي إلى حد كبير من توقعاته الصيفية السابقة التي قدرت أن الاقتصاد سينمو بنسبة واحد في المئة عام 2023.
وأدت عوامل كثيرة كارتفاع أسعار الطاقة وزيادة التضخم وارتفاع أسعار الفائدة وضعف الاقتصاد العالمي إلى زيادة احتمال أن يواجه اقتصاد المملكة المتحدة ركوداً حتى منتصف العام المقبل.
ومن المتوقع عندئذ أن ينمو الاقتصاد بنسبة 2.4 في المئة في عام 2024 وبنسبة 2.3 في المئة في عام 2025.
aXA6IDMuMTQyLjI0OS4xMDUg جزيرة ام اند امز