بعد اعتذار ليز تراس.. هل تواجه بريطانيا المجهول؟
ليز تراس، رئيسة وزراء بريطانيا و"المرأة التي هزت خامس أكبر اقتصاد بالعالم في 6 أسابيع فقط من توليها السلطة"، فماذا حدث؟ وماذا سيحدث؟
قبل 6 أسابيع طرحت ليز تراس موازنتها التي حاولت من خلالها تخفيف أعباء التضخم الذي تخطى 10% على الشعب الإنجليزي، خصوصاً ضغوط أسعار الطاقة التي تضاعفت خلال فترة قصيرة.
وطرحت "تراس" برامج لتنشيط السياحة وخفض الضرائب على الأرباح الرأسمالية، كما رفعت عائدات السندات، الأمر الذي تسبب في خفض قيمة الجنيه الاسترليني، وارتفاع فاتورة الدين، وتراجع الإيرادات، وهدد بدخول المملكة المتحدة في حالة ركود حتى صيف 2023، حيث ينكمش الاقتصاد 0.2% كل ربع سنة من أكتوبر/ تشرين الأول حتى يونيو/ حزيران 2023، بحسب صحيفة "الإندبندنت" البريطانية.
اعتذار ومهمة إنقاذ لمنصب "هش"
واليوم وبعد أقل من شهر على خطة ليز لتحفيز الاقتصاد، تحاول رئيس الوزراء البريطانية حماية منصبها "الهش" وسط عشرات الدعوات المطالبة بتنحيها، جراء ما سببته من تخبط في السياسة المالية أدى لتهديد اقتصاد المملكة المتحدة بالركود وتراجع الناتج المحلي الإجمالي بواقع 0.3%.
وقدمت ليز تراس اعتذاراً عما تسببت فيه من تهديد للاستقرار الاقتصادي في البلاد بعدما اضطرت لإلغاء خططها الموسعة لخفض الضرائب والشروع بدلا من ذلك في برنامج "صعب للغاية" لخفض الإنفاق العام.
وفي مشهد دراماتيكي تقف ليز ملتزمة الصمت أمام البرلمان، أمس الإثنين، في حين يحاول وزير ماليتها الجديد جيريمي هانت إنقاذ الوضع، معلناً الإطاحة ببنود أجندتها الاقتصادية التي اقترحتها قبل أقل من شهر، والتي أدت إلى ارتفاع عائدات السندات وانهيار قيمة الجنيه الاسترليني إلى سعر قياسي مقابل الدولار في ظل المخاوف المرتبطة بازدياد ديون المملكة المتحدة، الأمر الذي دفع بنك إنجلترا إلى التدخل لحماية صناديق التقاعد من الانهيار.
وذكرت صحيفة فايننشال تايمز اليوم الثلاثاء أنه من المرجح أن يرجئ البنك المركزي بيعا مخططا له لسندات حكومية بالمليارات من الجنيهات الاسترلينية، لأن الأسواق لا تزال متقلبة للغاية.
وخفف قرار تراس بسحب برنامجها الاقتصادي حتى الآن بعض الضغط على تكاليف الاقتراض المرتفعة في بريطانيا، إلا أن انعكاساته تعني أنها تكافح من أجل البقاء في منصب تقلدته فقط قبل ستة أسابيع.
ودعا نواب من حزبها بالفعل إلى استقالتها.
الجميع يتناول "الدواء المر"
وتراجع هانت عن خطط لإلغاء المعدل الأقل للضريبة على الدخل، ووضع حدا لخطة الحكومة الأبرز القاضية بتجميد أسعار الطاقة، لتنتهي في أبريل/نيسان بدلا من أواخر عام 2024. وقال إن الحكومة "ستراجع" بعد أبريل حزمة دعم أسعار الطاقة.
كما تم التخلي عن مقترح بخفض ضرائب أرباح المساهمين، فضلا عن خطة لتوفير تجربة تسوّق من دون ضرائب للسياح وتجميد الرسوم على المشروبات الكحولية.
وصرح هانت مساء أمس الإثنين "لا يمكن لأي حكومة السيطرة على الأسواق، لكن يمكن لكل حكومة تقديم تطمينات بشأن استدامة الأموال العامة".
"أردت مساعدة الناس في فواتير الطاقة"
وقالت تراس لهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) الليلة الماضية "أريد أن أتحمل المسؤولية وأقول إنني آسفة على الأخطاء التي ارتُكبت".
وأضافت "أردت أن أتصرف لمساعدة الناس في فواتير الطاقة الخاصة بهم، والتعامل مع مسألة الضرائب المرتفعة، لكننا بالغنا وتحركنا بسرعة كبيرة". وأشارت إلى أنها باقية في المنصب وأنها ستوجه كلمة في وقت لاحق لكبار الوزراء في حكومتها.
وأبرزت صحيفة ديلي ميل، التي سبق أن أشادت بخطة تراس، في صدر صفحتها الأولى مغادرة رئيسة الوزراء البرلمان أمس الإثنين وكتبت عنوانا "في المنصب لكنها ليست في السلطة"، بينما وصفتها صحيفة صن الداعمة بأنها "شبح رئيسة وزراء".
وقال جيمس هيبي، الوزير المعني بالقوات المسلحة، اليوم الثلاثاء إنه لن يكون مسموحا لتراس بارتكاب المزيد من الأخطاء. لكنه أضاف لشبكة سكاي نيوز أنه "يُحسب لها أنها امتلكت الشجاعة واعتذرت".
يذكر أن تراس أقالت صديقها المقرب كوراتنغ، الجمعة الماضي، بعدما أحدثت موازنتهما الأخيرة القائمة على خفض الضرائب حالة فوضى في الأسواق، ما أثار تساؤلات عديدة بشأن مستقبلها السياسي بعد شهر من توليها السلطة.
aXA6IDMuMTQ1Ljg1Ljc0IA== جزيرة ام اند امز