بريكست 2018.. تلكؤ بريطاني في طريق الانفصال
عامان ونصف العام مروا منذ تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبي ولا يزال مصير الخروج مجهولا.
عامان ونصف العام مروا منذ تصويت بريطانيا على مغادرة الاتحاد الأوروبي، ولا يزال الخروج لم يتحقق بل ولا تزال كل السيناريوهات مطروحة من إجراء استفتاء ثانٍ على البقاء وحتى الخروج بدون اتفاق مع الاتحاد الأوروبي!
كاد عام 2018 أن يشهد حسم موقف بريطانيا بشأن الخروج بعد أن توصلت تيريزا ماي رئيسة الوزراء البريطانية إلى اتفاق هو الأكثر شمولا مع الاتحاد الأوروبي، تضمن حتى الملفات الحساسة المتعلقة بحدود أيرلندا والتعامل مع جبل طارق وتنظيم الصيد في مياهها الإقليمية، لكن رئيسة حزب المحافظين فشلت في إقناع الأحزاب بهذا الاتفاق وانقلب الأمر إلى محاولة لسحب الثقة منها!
في صباح الخامس والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني 2018، وبعد ماراثون طويل من المفاوضات استمر 17 شهرا، أقر زعماء الاتحاد الأوروبي اتفاقية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست"، وهي الاتفاقية التي كانت تستلزم موافقة البرلمانين البريطاني والأوروبي عليها حتى تصبح واقعا.
بعد التوصل للاتفاقية، بدت تيريزا ماي كما لو أن لديها خطة، قالت إنها ستحاول إقناع البرلمان بالاتفاق وستمضي في طرحه للتصويت، مستبعدة التفكير في الاستقالة على أي حال، ولاحقا ترددت ماي كثيرا ولم تطرح الاتفاق للتصويت، قبل أن ترتد إلى وضع دفاعي واجهت فيه تحديا لسحب الثقة منها بقيادة أعضاء برلمانيين في حزبها.
ورغم أن ماي نجت من سحب الثقة، لكن زعيم حزب العمال أكبر الأحزاب البريطانية المعارضة هدد بإجراء مماثل من طرفه.
في منتصف ديسمبر/كانون الأول الجاري، قالت تيريزا ماي إنها لا تتوقع تحقيق "انفراجة فورية" في محادثات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ما يعني أن الأمر قد يستغرق مزيدا من الوقت لا سيما مع تشبث مسؤولي الاتحاد الأوروبي بالاتفاق وتأكيدهم أنه لا يمكن للبريطانيين الحصول على ما هو أفضل منه!
اتفاق البريكست استحال حاليا إلى سيناريو فوضوي أكثر تطرفا، بعد أن أعرب مسؤولون في بريطانيا والاتحاد الأوروبي عن أنهم يدرسون التكيف مع خروج بدون اتفاق والمقرر حدوثه بعد أكثر قليلا من 3 أشهر.
وفي تأكيد غموض الوضع، حذر بنك إنجلترا المركزي في 20 ديسمبر/كانون الأول الجاري من "قلق متنامي" بشأن الاضطراب المحيط بانفصال بريطانيا عن الاتحاد الأوروبي، وقال إن الضبابية التي تكتنف الخروج "اشتدت كثيرا" على مدى الشهر المنصرم.
وتواجه اتفاقية بريكست عدة انتقادات من بريطانيا على رأسها ما سمَّاه البعض "خيانة وتفريط" في السيادة على جبل طارق، منطقة الحكم الذاتي شديدة القرب من إسبانيا والتابعة للتاج البريطاني، ونصت الاتفاقية على أن الإقليم سيغادر الاتحاد الأوروبي مع بقية بريطانيا، لكن ماي قدمت تنازلا لإسبانيا يتمثل في أن أي اتفاق بين الاتحاد الأوروبي وبريطانيا لن يطبق على أراضي جبل طارق "بدون ضوء أخضر من مدريد".
كما يرفض البريطانيون إلزام بلادهم بدفع حصتها في موازنة الاتحاد حتى نهاية الفترة الانتقالية التي تبدأ وفقا للاتفاق في 30 مارس/آذار 2019، وتنتهي في 31 ديسمبر/كانون الأول 2020، ويمكن تمديدها لعام أو عامين بحد أقصى حتى 2022.
- محافظ بنك إنجلترا السابق: نتجه لفوضى سياسية وليست اقتصادية بفعل بريكست
- "ضبابية" بريكست تعصف بصفقة استحواذ لـ"إينتو" البريطانية
فضلا عن بنود أخرى مثل تطبيق أيرلندا للقواعد الأوروبية بعد انتهاء المرحلة الانتقالية إذا لم تسفر المفاوضات حول العلاقة التجارية المستقبلية بين الجانبين عن نتيجة حتى ذلك الوقت، واحتفاظ الصيادين الأوروبيين بإمكانية دخول المياه الإقليمية البريطانية وخضوع البريطانيين لحصص الصيد الأوروبية خلال المرحلة الانتقالية.
تجدر الإشارة إلى أن بريطانيا اتخذت قرارًا بالخروج من الاتحاد الأوروبي بعد استفتاء أجرته في 23 يونيو/حزيران 2016.
ونرصد أهم 10 محطات في طريق بريكست خلال 2018:
19 مارس/آذار: نشر مسودة اتفاق انسحاب بريطانيا من الاتحاد بعد تقدم المفاوضات.
6 يوليو/تموز: صاغ مجلس الوزراء اتفاقية "جماعية" حول علاقة المملكة المتحدة المستقبلية مع الاتحاد الأوروبي بعد الخروج عرفت باسم "صفقة الداما" وتضمنت رغبة لندن في الحفاظ على علاقة تجارية مع التكتل.
8 و9 يوليو/تموز: استقالة ديفيد ديفيس الوزير المكلف بملف بريكست وبوريس جونسون وزير الخارجية اعتراضا على "صفقة الداما".
17 يوليو/تموز: لجنة الانتخابات البريطانية غرمت الحملة الرسمية المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بمبلغ 61 ألف جنيه إسترليني لمخالفتها قواعد الإنفاق في استفتاء عام 2016 وأحالتها للشرطة.
20 أكتوبر/تشرين الأول: خرج أكثر من نصف مليون بريطاني مناهض للخروج من الاتحاد في وسط لندن وطالبوا بإجراء استفتاء ثانٍ.
29 أكتوبر/تشرين الأول: سلم فيليب هاموند وزير المالية البريطاني آخر ميزانية لبلاده قبل مغادرة الاتحاد الأوروبي معلنا: "التقشف وصل أخيراً إلى نهايته".
15 نوفمبر/تشرين الثاني: استقالة 4 وزراء آخرين بعد التوصل إلى اتفاق الانسحاب مع الاتحاد الأوروبي.
25 نوفمبر/تشرين الثاني: زعماء الاتحاد الأوروبي يقرون اتفاقية لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
10 ديسمبر/كانون الأول: المحكمة الأوروبية تصدر حكما بأن المملكة المتحدة بوسعها إلغاء البريكست دون الحاجة إلى إذن من الـ27 دولة الأخرى أعضاء الاتحاد الأوروبي.
12 ديسمبر/كانون الأول: تيريزا ماي تنجو من تصويت بسحب الثقة منها بعد تأجيل تصويت مجلس العموم على صفقة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.