الرئاسة الجزائرية: تعديل الدستور جاء استجابة لمطالب الشعب
المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية ينتقد ضمنيا جماعة الإخوان ويتهمها بالترويج لأحكام مسبقة ضد مسودة تعديل الدستور.
أكدت الرئاسة الجزائرية، الأربعاء، على أن مسودة تعديل الدستور جاء استجابة لمطالب الشعب، وأنه تم طرحها بعد "إلحاح من الفاعلين السياسيين" بالبلاد.
وفي مؤتمر صحفي، أكد بلعيد محند أوسعيد المتحدث باسم رئاسة الجمهورية الجزائرية أن طرح مسودة المشروع التمهيدي لتعديل الدستور جاء "استجابة لإلحاح مكرر من بعض الفاعلين السياسيين وممثلي المجتمع المدني".
- جزائريون ردا على انتقاد الإخوان لمسودة الدستور: تُبخر أحلامكم
- مسودة دستور الجزائر.. حلم الإخوان يتبخر!
واتهم ضمنياً جماعة الإخوان بالترويج لأحكام مسبقة على خلفية توقيت طرح مسودة الدستور، رغم "استحالة عقد الاجتماعات العامة نظرا لتفشي وباء كورونا" لمناقشة مضمون الوثيقة.
وشدد على أن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون "ربط موافقته على الطلب بالتزام الجميع باحترام إجراءات الوقاية وبالتالي لا داعي للأحكام المسبقة على خلفيات التوقيت".
كما أكد بأن طرح وثيقة تعديل الدستور يندرج ضمن "المطالب الشعبية الداعية إلى التغيير الجذري في نمط الحكم وممارسته على كل المستويات واستعادة هيبة الدولة الجزائرية بدء بأخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد وتفضيل الكفاءة على الولاء في خدمة الشأن العام".
وجدد التذكير بأن المشروع التمهيدي لتعديل الدستور "مجرد مسودة لتعديله وهو بمثابة أرضية للنقاش لا غير، ومنهجية عمل حتى لا ينطلق النقاش من فراغ، ويرتكز على وثيقة معدة من طرف نخبة من كبار أساتذة القانون".
وكشف أيضا عن تكليف لجنة بالرئاسة الجزائرية بمهمة جمع الآراء المطروحة في وسائل الاعلام، ولجنة أخرى أسندت لها مهمة مراجعة قانون الانتخابات بهدف "ربح الوقت".
واستبعد المتحدث باسم الرئاسة الجزائرية تنظيم انتخابات تشريعية ومحلية مسبقة في الظروف الحالية التي تمر بها البلاد الخاصة بجائحة كورونا، مشيراً إلى أن "استمرار تسيير بعض المؤسسات من قبل مسؤولين بالنيابة يعود إلى تفشي جائحة فيروس كورونا التي لم تكن في الحسبان".
وفيما يتعلق بمسألة اعتقال عدد من النشطاء والمدونين، اتهم أوسعيد تلك الأطراف بما أسماه "استغلال مواقع التواصل الاجتماعي لتجريح الآخرين وزرع الفتنة".
وشدد على "وجود إرادة سياسية قوية لتطبيق القانون، وكل من يتعدى على القانون سيواجه العدالة، والدولة ستنصف المظلوم"،
مضيفاً أن المعتقلين "سيخضعون للقانون، والعدالة هي المخولة للفصل في ملفاتهم وفق قانون العقوبات".
فضح أجندة الإخوان
وأكد مراقبون أن رد الرئاسة الجزائرية على أكاذيب تيارات وقيادات إخوانية، فضح بشكل استباقي أجندة إخوانية جديدة مشبوهة لـ"وأد معالم التغيير الجديد في البلاد وإفشال مساعي إصدار دستور توافقي يتضمن مطالب حراك 22 فبراير/شباط 2019".
ويأتي ذلك، بعد البيان الذي أصدره الإخواني عبد الله جاب الله رئيس ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية" في الجزائر، حاول فيه التشكيك في "نية التغيير" من خلال ملاحظات سعت لـ"شيطنة" مسودة الدستور التي عرضت للنقاش والإثراء ولم تكن نهائية.
وزعم الرأس الثاني لجماعة الإخوان في الجزائر أن "إطلاق هذه الوثيقة في هذا التوقيت بالذات يطرح العديد من التساؤلات حول خلفياته الحقيقية، وأن الظروف المحيطة بإصدار هذه المسودة تسجل عدم ملاءمة الظروف السياسية والاجتماعية لإصدارها".
وسجل الإخواني موقفاً "منافقاً جديداً" في بيانه وفق ردود أفعال نشطاء عبر منصات التواصل عندما حاول مغازلة الحراك وراح "يتباكى على المعتقلين" بعد أن "خوّنهم أوائل العام الحالي".
وزعم الإخواني أن طرح مسودة الدستور الجزائري تزامن أيضا مع ما أسماه "الجو الذي أوجدته النظرة الأمنية في التعامل مع النشطاء السياسيين وشباب الحراك، من خلال الاعتقالات التي عرفتها الكثير من الولايات والأحكام التي تصدر هنا وهناك ضدهم".
كما حصر نقائص المسودة في المواد المتصلة بنظام الحكم وزعم أنها "تكرس لنظام الحكم الفردي"، مع أن الخبراء القانونيين أكدوا على أن أبرز خصوصية في المسودة في "تقليص صلاحيات الرئيس بشكل واسع".
بيد أن متابعين يرون أن "صدمة" الإخواني "المزعومة" لتوقيت طرح وثيقة مسودة الدستور وربطه ذلك بـ"حملة الاعتقالات" مرده إلى "وجود نية مبيتة قديمة لمساومة نظام تبون على الدستور الذي ينوي طرحه بالحراك الشعبي واستعماله (الحراك) كورقة ضغط للحصول على امتيازات سياسية" كعادة التيارات الإخوانية "الاصطياد في المياه العكرة"، و"وهو ما أكده، الأربعاء، الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية الجزائرية".
وأد أطماع الإخوان
وأجمعت ردود أفعال الجزائريين خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على استهجان مواقف التيارات الإخوانية التي اعتبروها "خارجة عن الواقع"، وأكدت مرة أخرى "جهل جماعة الإخوان بواقع الجزائريين ومشكلاتهم وطموحاتهم، وتقديمهم الدائم لمصالحهم وأطماعهم الضيقة والحزبية على حساب مصالح البلاد والعباد".
وتؤكد هرولة الإخوان للانتقاد "الأعمى" لوثيقة الدستور (وفق تعبير نشطاء) "حالة اليأس" التي وصلت إليها التيارات الإخوانية في الجزائر بعدما تأكدت من أن الدستور القادم "لن يكون على مقاس أطماعهم في الحكم" و"خارطة طريق صلبة لإنهاء نظام المحاصصة السري" الذي أعطاهم "ما ليس لهم" خلال أكثر من عقدين.
ووفق المتابعين، فقد فضحت التيارات الإخوانية: "خشيتها من خسارة الامتيازات التي منحت لها" من خلال تركيزها في انتقادها لمسودة الدستور على تفاصيل "لا علاقة لها باهتمامات الرأي العام وبمشاكله الأساسية وطموحاته في التغيير الجذري التي نادى بها وناضل من أجلها قرابة عام كامل".
وازدادت الرؤية وضوحاً "لما انفردت به العين الإخبارية" بعد أن كشف المتحدث باسم الرئيس الجزائري عن تشكيل لجنة لإعداد قانون انتخابات جديد "ربحاً للوقت"، ما يعني "تبخر أحلام جماعة الإخوان في جني المكاسب التي جنتها في عهد بوتفليقة، وسعت لابتلاع السلطة بالتواظؤ مع شقيقه السعيد بوتفليقة" الذي أيدين بـ15 سجناً في عدة تهم.
وأكد مراقبون لـ"العين الإخبارية"، أن مسودة الدستور الجزائري تمهد "لقانون انتخابات صارم" ينهي "نظام المحاصصة السري"، بشكل يجعل منه "زلزالاً يهدم مكونات الطبقة السياسية ويُخفي أحزاباً سياسية ويزيل التيارات الإخوانية" التي كانت من أكبر المستفيدين من مزايا النظام البائد، وأكبر الخاسرين من التحولات السياسية التي تشهدها الجزائر.