خطوة للخلف واستجداء للعطف.. هل ينجو بنكيران وإخوانه من "السيناريو الأليم"؟
خطوة للخلف اتخذها تنظيم الإخوان في المغرب، بعد الزلزال الذي صدع أركانه وهز كيانه، وأثار مخاوف قياداته من تكرار مصير رفقائهم في الفكر الإرهابي في مصر وتونس.
فبعد أن حاول إخوان المغرب اللعب على وتر القضية الفلسطينية، أملا في استعادة دور مفقود ودغدغة مشاعر المغاربة، والتشكيك في قياداتهم، كان الرد الحاسم والنادر من الديوان الملكي المغربي في آن، ببيان أجهض أحلام الإخوان، وقضى على أهدافهم "الخبيثة".
ففي بيان شديد اللهجة صدر الأسبوع الماضي عن الديوان الملكي المغربي، وبخ الملك محمد السادس حزب "العدالة والتنمية" الإخواني، لتجاوزه الحدود بالتدخل في السياسة الخارجية للمملكة.
إفلاس إخواني
ذلك التدخل اعتبر حالة من الإفلاس بات يعيشها حزب العدالة والتنمية بالمغرب، بعد أن سقطت أقنعة قياداته، مما أدى إلى انصراف الشارع عنهم فكريا ومشاعريا، وفقدان مكانتهم التي كانوا يحظون بها، ولفظهم من قبل الحاضنة الشعبية التي يستمدونها من أتباعهم.
إلا أن البيان التحذيري حمل عدة رسائل فهمها تنظيم الإخوان جيدا، وعلم أن مصيره سيكون شبيها بذلك السيناريو الذي تكرر في مصر وتونس، بعد أن عاث في ذلك البلدين وغيرهما فسادا وإرهابا.
وكعادة التنظيم الإرهابي الذي يتراجع خطوة للخلف بعد كل جولة يخسرها، حاول تدارك ما فاته بمناورة جديدة، أملا في أن تنطلي على القيادة المغربية، وتؤخر قرارات حان موعدها، وباتت مطلبا شعبيا.
فماذا فعل الإخوان؟
بكلمات أكدت أن تنظيم الإخوان لم يتعلم الدرس جيدا، قال الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الإخواني عبدالإله بنكيرا، إن "المحاولات التي تعتمدها جهات -لم يسمها- من أجل التشويش ما بين الحزب والملك ستذهب سدى، لأن الملك لن يفرط في الدين، ونحن أيضا لن نفرط في الملك".
واعتبر أمين حزب العدالة والتنمية الإخواني أن "العلاقة بين الحزب والملك محكومة بمنطق المرجعية الإسلامية التي تنص على النصح والسمع والطاعة في المعروف".
تصريحات استدعى تنظيم الإخوان فيها الدين مجددا، لدغدغة مشاعر المغاربة، وللتأثير على صناع القرار في البلد العربي، بحسب مراقبين، أكدوا أن قول بنكيران إن "الملك لن يفرط في الدين"، محاولة منه لتمثيل الإخوان في صورة الدين الذي لا يجب أن يتخلى عنهم الملك.
نظرية المؤامرة
واستدعى أمين حزب العدالة والتنمية نظرية المؤامرة التي يجيد العزف على أوتارها جيدا، في لقاء له من تنظيم نقابة الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والمقربة من الحزب، في العاصمة الرباط، باتهامه جهات -لم يسمها- بمحاولة "التشويش بين الحزب وملك البلاد محمد السادس"، مؤكدا في الوقت ذاته أنها لن تنجح.
تلك النظرية التي يستدعي فيها دوما تنظيم الإخوان طرفا ثالثا، يحاول من خلالها، ادعاء المظلومية، واستجداء عطف المواطنين في البلد الذي فيه، وشحن الطاقة العاطفية لدى أتباعه، بإيهامهم بأن الجميع يقف ضدهم، ولا يريد للدين انتشارا.
ولم يكتف بنكيران بذلك، بل حاول إضفاء المشروعية القانونية على حزبه، بالتأكيد على أن ما "يحكم بين الحزب والدولة هو الدستور، الذي يتميز بالوضوح"، في مسعى للتأكيد على قانونية حزبه، في وجه الدعاوى الشعبية التي تنادي بحظره.
أزمة بين الديوان الملكي والإخوان
وكان الديوان الملكي في المغرب أصدر الأسبوع الماضي بيانا، رد فيه على الحزب الإخواني الذي خرج في بيان "يتضمن بعض التجاوزات غير المسؤولة والمغالطات الخطيرة فيما يتعلق بالعلاقات بين المملكة المغربية ودولة إسرائيل، وربطها بآخر التطورات في الأراضي الفلسطينية".
وقال الديوان الملكي إن موقف المغرب من القضية الفلسطينية لا رجعة فيه، ومن أولويات السياسة الخارجية للملك محمد السادس، التي وضعها في مرتبة قضية الوحدة الترابية للمملكة، معتبرا أن "هذا الموقف مبدئي ثابت للمغرب، لا يخضع للمزايدات السياسية أو للحملات الانتخابية الضيقة"، في إشارة إلى بيان حزب "العدالة والتنمية" الإخواني.
وأكد أن "السياسة الخارجية للمملكة هي من اختصاص الملك محمد السادس بحكم الدستور، ويدبره بناء على الثوابت الوطنية والمصالح العليا للبلاد، وفي مقدمتها قضية الوحدة الترابية"، في رسائل شديدة اللهجة للحزب الإخواني.
ورفض البيان الملكي أن تكون العلاقات الدولية للمغرب "موضوع ابتزاز من أي كان ولأي اعتبار، لا سيما في هذه الظرفية الدولية المعقدة"، مشيرا إلى أن "استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل تم في ظروف معروفة، وفي سياق يعلمه الجميع، ويؤطره البلاغ الصادر عن الديوان الملكي بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، والبلاغ الذي نشر في نفس اليوم عقب الاتصال الهاتفي بين الملك محمد السادس والرئيس الفلسطيني محمود عباس".
وكانت الأمانة العامة لحزب "العدالة والتنمية"، الذي قاد الحكومة المغربية في دورتين سابقتين، أصدرت بيانا انتقدت فيه تصريحات وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، واتهمته بالدفاع عن إسرائيل "في بعض اللقاءات الأفريقية والأوروبية" دون التنديد بممارساتها في فلسطين.
aXA6IDUyLjE1LjIyMy4yMzkg جزيرة ام اند امز