ألغام إخوانية حول "قرطاج".. محاولات لتفخيخ علاقات سعيد والمشيشي
حركة النهضة الإخوانية ترى في الرئيس التونسي قيس سعيد عدوا سياسيا وخصما شرسا أزاحها من ساحة الفعل الحكومي.
لا تتوانى "الآلة الشيطانية" لإخوان تونس عن تعكير الأجواء السياسية، عبر إشعالها الفتنة في دوائر الحكم والشارع، وآخرها محاولة إرباك العلاقة بين الرئيس قيس سعيد ورئيس الحكومة المكلف هشام المشيشي.
ولا ترى حركة النهضة الإخوانية في الرئيس التونسي إلا عدوا سياسيا وخصمًا شرسا أزاحها من ساحة الفعل الحكومي، ومن ثم وجب محاربته وإطلاق كل الحملات ضده.
وبحسب متابعين للشأن التونسي فإن الإخوان يحاولون زرع الألغام في طريق سعيد، عبر التحريض المباشر والدعوة إلى إزاحته بالقوة من على رأس السلطة.
القيادي في حركة النهضة أبو يعرب المرزوقي كشف عن ناويا الإخوان عبر تدوينة على فيسبوك، دعا من خلالها إلى استعمال الشارع للإطاحة بالرئيس التونسي، ملوحا باستعمال العنف والإرهاب لتحقيق أهدافه.
ومن بين الألغام التي يشتغل على زرعها المكر الإخواني هو العمل على فك الارتباط بين سعيد والمشيشي، وتحريك جحافل الإرهابيين لتهديد الأمن القومي التونسي ما يعني إحراج رئيس البلاد باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة.
وفي سبيل خلق قطيعة بين سعيد والمشيشي، قالت مصادر مطلعة من الكواليس البرلمانية إن لقاءً جمع الأخير يوم الجمعة براشد الغنوشي رئيس مجلس النواب عرض فيه رئيس حركة النهضة إمكانية التصويت على الحكومة مقابل الانفصال سياسيا عن قصر قرطاج.
المصادر نفسها أكدت لـ"العين الإخبارية" أن الغنوشي طلب من المشيشي الانقلاب معنويًا وذاتيًا على سعيد، مقابل مساندته برلمانيًا وسياسيًا خلال المرحلة المقبلة.
ويرى مراقبون أن هذه الأساليب الانقلابية لحركة النهضة، تمثل جزءا من العقل السياسي للإخوان في تونس، الذين انقلبوا في السابق على الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي عندما دعموا بشكل واضح رئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.
ويشهد التاريخ السياسي القريب بأن السيبسي خاض معركة مباشرة مع الشاهد، إلا أن هذا الأخير احتمى بالإخوان طيلة ثلاث سنوات.
ضربة موجعة للإخوان
وأثار إقدام سعيد على إخراج حركة النهضة من المشاورات الحكومية، وإبعادها من التأثير المباشر في اختيار الوزراء خاصة الوزارات السيادية، حفيظة إخوان تونس.
واختار المشيشي لهذه الوزارات شخصيات من خارج التنظيمات الحزبية؛ حيث اختير توفيق شرف الدين لوزارة الداخلية، ومحمد بوستة للعدل، وإبراهيم البرتاجي للدفاع، وعثمان الجرندي للخارجية.
واعتبر الباحث التونسي في العلوم السياسية عبدالستار الشليحي، أن هذه النزعة المستقلة لحكومة المشيشي والدور البارز لقيس سعيد في اختيار الشخصيات فجر الصراع بين قصر قرطاج والفصائل الإخوانية.
وقال الشليحي لـ"العين الإخبارية" إن خسارة حركة النهضة لأوراق مهمة في اللعبة السياسية (التأثير في اختيار الوزراء منذ سنة 2011) فتح ساحة الحرب على مواجهة يومية ومباشرة مع قيس سعيد، الذي يعتبره الإخوان خطرا على وجودهم ككيان سياسي.
وكان سعيد مباشرا في تصريحاته النقدية تجاه حركة النهضة في الفترة الأخيرة؛ حيث اتهمها ضمنيا بالوقوف وراء موجة الحرائق التي اشتعلت في تونس يوليو/تموز الماضي، والتخطيط في الغرف المغلقة لزعزعة استقرار البلاد.
ولعل خوف الإخوان من هذه النزعة الاستقلالية تحركه أيضا هواجس تسكن الغنوشي ومخاوف من فتح ملفات الإرهاب، التي تعتبر كلا من وزارة الداخلية والعدل بوابتهما الرئيسية.
ومن خلال هذه المعطيات، يتوقع الشليحي أن تستعر نيران الحرب بين سعيد والغنوشي من افتكاك زمام المبادرة، وقد يؤثر ذلك على مستوى الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي الذي تطلبه تونس.
وهذه الحرب لم تعد تدار في الخفاء، وإنما اتخذت المنابر الإعلامية والشبكات الاجتماعية منصات لها ومسرحا يكشف مدى عمق الأزمة السياسية في تونس.
والخميس 30 يوليو/تموز الماضي، أفلت الغنوشي من سحب الثقة منه في مجلس النواب، بعد تقديم عريضة استوفت النصاب القانوني من الموقعين والبالغ 109 من إجمالي عدد النواب الـ217.
aXA6IDMuMTI5LjQ1LjE0NCA= جزيرة ام اند امز