من إسطنبول إلى لندن.. صراع جبهتي الإخوان يصل محطة "مكملين"
بعد أسابيع من صراع دفين بين جبهتي الإخوان تردد صداه من إسطنبول إلى لندن، ضاقت أضلع التنظيم عن تحمله، فلفظ حممه البركانية، وباح بأسراره.
ذلك الصراع تصاعدت وتيرته مؤخرًا بين جبهتي إسطنبول بقيادة بمحمود حسين ولندن بقيادة إبراهيم منير، إلا أن الأمور يبدو أنها حسمت لصالح الأخيرة، بعد أن عقد مكتب الإرشاد العالمي لتنظيم الإخوان عدة اجتماعات في العاصمة البريطانية، بحضور قيادات الصف الأول للجماعة.
ورغم أن الاجتماعات التي تعثرت خطوات حسين نحو حضورها، وتداولت مخرجاتها وسائل إعلامية عدة، إلا أن جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين هرولت لنفي مخرجاتها، فيما اعترفت بعقدها، زاعمة أنها كانت "غير رسمية".
بركان إخواني
وأمام هذا "البركان الإخواني" الذي يوشك على الانفجار، كانت الوسائل الإعلامية التي تتخذ من لندن وإسطنبول مقرًا لها، حلبة جديدة لصراع جبهتي التنظيم "الإرهابي"، اللتين تحاول كل منهما استقطاب تلك الأذرع المسؤولة عن دعم سياساتها بين جمهورها المستهدف.
أحدى تلك الوسائل الإعلامية كانت قناة مكملين، والتي توقف بثها قبل شهر من مدينة إسطنبول التركية، في خطوة فسرها البعض –في ذلك الوقت- بأنها تحمل دلالات إيجابية من نوع ما، إلا أنها كانت جبهة جديدة للصراع بين القياديين الإخوانيين حسين ومنير، يبدو أن الأخير حسمها لصالحه.
فقناة "مكملين" أعادت يوم الأحد الماضي بثها على الأقمار الصناعية، من استديوهات مختلفة، لتتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقرًا لها، في حدث اختلف الخبراء السياسيون في تفسير أسبابه، وما إذا كانت تلك الذراع الإعلامية "الإرهابية" ستواصل سياستها التحريضية السابقة أم لا.
رمانة الميزان
وإلى ذلك، قال عمرو فاروق الكاتب والباحث في الجماعات الإرهابية، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن انتقال بث قناة مكملين من إسطنبول إلى لندن يعد أحد تجليات الصراع بين جبهات الإخوان المتنافسة على القيادة.
وأوضح فاروق، أن وجود قناة مكملين في حوزة جبهة لندن بقيادة منير ستكون رمانة الميزان أمام قناة وطن التي بحوزة جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين، رغم ترجيحه أنها لن تستخدم كثيراً في الخلافات بينهما.
موجة صراع جديدة تحرق تنظيم الإخوان.. "بنزين" حسين و"نار" منير
ورغم "أهمية" الخطوة في إدارة دفة الصراع، إلا أن الباحث في الجماعات الإرهابية، قال إنها ستكون بشكل غير مباشر أداة تقوية لجبهة منير، وليست أداه لحسم ذلك الصراع.
وحول إمكانية تغير الخطاب "الهجومي" على القاهرة، قال فاروق، إن هناك نقطة فارقة في الصراع بين الجبهات الإخوانية؛ فجبهة منير التي انتقلت إليها قناة مكملين، حريصة على إجراء حوار مع الدولة المصرية، ما يدفعها لاتخاذ مواقف أقل حدة.
خطاب تحريضي
أما عن وجود شخصيات كانت ذات خطاب تحريضي في قناة مكملين في ثوبها القديم مثل محمد ناصر، فأرجعه فاروق إلى أنها محاولة من إدارة قناة مكملين، لطمأنة الصف الإخواني، وحتى يشعر باستمرار أن الرسالة الإعلامية بنفس الوجوه دون أي تحول.
"طور الجمود".. هل تثمر تحركات ألمانيا تجاه "إرهاب" الإخوان؟
تصريحات فاروق، أيدها الدكتور عمرو عبد المنعم الكاتب والباحث في الحركات الإسلامية، والذي أكد ضرورة قراءة أي تغير في خريطة تنظيم الإخوان سواء بالداخل أو الخارج على ضوء الانقسامات الداخلية للجماعة.
وأوضح عبدالمنعم، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن كل أو أي تغيير في خريطة عمل الإخوان سواء في المسار الإعلامي أو التنظيمي يجب النظر إليه باهتمام، وأن يحظى بدراسة واعية، كونه يعد مؤشرا على "بداية هجمة أو حملة" ما.
جبهات متصارعة
"فأزمة قناة مكملين سواء المالية أو الإدارية لا يمكن قراءتها بعيدا عن صراع الجماعة ذاتها، وانشقاقاتها الداخلية وانقسامها إلى جبهات متصارعة، تتبادل الاتهامات، وتقدم خطابات متباينة"، بحسب الباحث في الحركات الإسلامية.
وأكد عبدالمنعم، أن قناة مكملين بعد انتقالها إلى لندن "ستجبر على أن تتبنى خطابا إعلاميا متوافقا مع القوانين البريطانية، والتي لن تسمح بنشر معلومات مضللة لا أصل لها، أو أن تقوم بالتحريض على القتل"، إلا أنه قال إن السياسة الجديدة لا تعد تحولاً في المواقف، بقدر ما هو أمر فرضته الظروف الأمنية البريطانية وقوانين البلد التي باتت تصدر من خلالها.
وتوقع الباحث في الحركات الإسلامية، أن تتحول "مكملين" إلى شبكة من المراسلين من أكثر من عاصمة أوروبية، بمساندة من عناصر إخوانية عبر صفحات السوشيال ميديا، إلا أن ذلك السيناريو سيجعلها قناة في العالم الافتراضي، لا تأثير لها.
زاوية مختلفة للتطورات الحالية قرأها أحمد بان الكاتب والباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية، مؤكدًا أن انشقاقات تنظيم الإخوان -الذي تحول منذ فترة غير قليلة إلى دولاب "مصالح ضخم ضد مصر-، أتاحت العديد من فرص العمل وفق منصات مختلفة ذات ولاء لكل جبهة.
سياسات "صلدة"
وفيما توقع بان في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، عدم تغيير السياسات الإعلامية لقناة مكملين والتي "تهاجم" فيها القاهرة منطلقة من معلومات "مغلوطة"، إلا أنه قال إنها ستلجأ لسياسة خفض الصوت، بشكل يتوافق مع المعايير الأوروبية الإعلامية، ولضمان بقاء الأمل في نفوس الصف الإخواني، لتستمر في استنزافهم لصالح التنظيم.
وفيما استبعد بان، أن يكون خطاب "مكملين" الجديد بداية لحوار مع الدولة المصرية تحت أي انتماء سواء للتنظيم الدولي أو لجبهة لندن، شكك ماهر فرغلي الكاتب والباحث في الحركات الإسلاموية والمتطرفة، في قدرات قنوات الإخوان في تحقيق أهدافها.
وقال فرغلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن تنظيم الإخوان يخشى من استقرار الدولة المصرية، لذا يسعى لاستمرار استهداف القاهرة مستخدمًا أذرعه الإعلامية، في "ضرب الوحدة الداخلية ونشر الشائعات والتشكيك في الإنجازات حتى لا يلتف الشعب حول قيادته".
aXA6IDMuMTUuMTQ5LjI0IA== جزيرة ام اند امز