واشنطن والإسلام السياسي.. فشل «وصفة التبييض» الأمريكية في الشرق الأوسط
لا يزال نهج الولايات المتحدة في التعامل مع تيارات الإسلام السياسي يواجه انتقادات عدة، لا سيما مقاربة التمييز بين تيار معتدل وآخر متطرف.
ففي تحليل حديث نشرته صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية كتبه جيمس س. روبينز عميد الأكاديميين في معهد السياسة العالمية، وليزا دفتري الصحفية الاستقصائية، وصفا مقاربة واشنطن بأنها كانت "تبييضا للإسلام السياسي"، وجزما بأنها فشلت في ذلك.
ولعقود من الزمن، كانت السياسة الخارجية الأمريكية تعمل على تشجيع وتعزيز الديمقراطية العالمية، وفي بعض الأحيان، كان هذا يعني التأكيد على صعود الأحزاب والجماعات الإسلامية إلى السلطة، التي كانت تنتقد بشكل علني مبادئ الديمقراطية الليبرالية، بحسب التقرير.
تفادي التناقض
وسعى صناع السياسات في الولايات المتحدة إلى تفادي هذا التناقض من خلال التمييز بين الإسلام السياسي السلمي والتطرف العنيف، لكن في أغلب الدول أدى تبني الإسلام السياسي كبديل حاكم قابل للحياة إلى تمكين الحركات المتطرفة التي هددت المصالح الأمريكية والمثل الليبرالية الغربية.
نهج أوباما
تطرق التحليل إلى عام 2009، عندما سعى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما آنذاك إلى إعادة ضبط العلاقات مع العالم الإسلامي بعد التجاوزات الملحوظة في سنوات حكم سلفه جورج دبليو بوش، وفقا للكاتبين.
وأعلن أوباما عن نهجه الجديد في خطاب ألقاه بالقاهرة في يونيو/حزيران 2009، حيث حاول التمييز بين الإسلام السياسي المعتدل المقبول والتطرف العنيف على غرار تنظيم القاعدة.
ولقد سعى أوباما إلى "بداية جديدة بين الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم"، استنادا إلى "حقيقة مفادها أن أمريكا والإسلام لا يحتاجان إلى التنافس".
وبعد ذلك بعامين، استولت جماعة الإخوان الإرهابية على السلطة في مصر خلال ما سمي "الربيع العربي"، وأشادت واشنطن بالحكومة الجديدة باعتبارها بديلا ديمقراطيا، ووصفتها الوضع الجديد بأنه "انتصار للإسلام السياسي السلمي".
يقول التحليل، إنه وبمجرد وصولهم إلى السلطة، بدأ الإخوان في مناهضة التسامح الديني وحقوق المرأة والمبادئ الديمقراطية.
ويشير التحليل إلى أنه على الرغم من السرد الذكي الذي قدمته إدارة أوباما بأن الإرهابيين في المقابل كانوا يخسرون، فإن تنظيم القاعدة الإرهابي كان له رأي مغاير، فأشاد بالتغييرات التي حدثت في 2011، قائلا إنها "كانت جيدة للمجاهدين وسيئة بالنسبة للإمبرياليين في الغرب".
ويرى أن إدارة أوباما تخلط بين الغايات والوسائل، وسواء وصل الإسلام السياسي عن طريق الاقتراع أو بالرصاص، لم يكن له أي أهمية بالنسبة لتنظيم القاعدة طالما وصل.
إدارة بايدن
يقول التحليل كذلك إن إدارة الرئيس الحالي جو بايدن فشلت في الحكم على التيار المتطرف للإسلام السياسي، ففي وقت مبكر من إدارته، أزال الحوثيين، من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، فيما تشن الجماعة اليوم هجمات إرهابية منتظمة على الملاحة الدولية في البحر الأحمر.
وبينما تم تخفيف الانسحاب الأمريكي المفاجئ وغير المنظم من أفغانستان في عام 2021 مع تأكيدات بأن حركة طالبان الجديدة و"المحسنة" هذه ليست "القديمة السيئة" في التسعينيات، إلا أن الأمر لم يثبت ذلك، فلقد فرضت الحركة الشريعة الإسلامية، وشنت حربا على حقوق المرأة، وعادت مرة أخرى إلى تحويل أفغانستان إلى نقطة انطلاق للإرهاب.
فشل تبييض الإرهاب
ويؤكد التحليل أن هذه الحالات بمثابة قصص تحذيرية بأن تبييض الإسلام السياسي واعتباره مختلفا بشكل جوهري عن الإرهاب فشل، وأنه في حين لا تنخرط جميع الحركات الجماهيرية الإسلامية في الإرهاب، إلا أنها لا تزال تعارض الديمقراطية الليبرالية وتعزز البيئات التي يزدهر فيها التطرف.
كما تعكس السياسات والمواقف التي تبنتها إدارات كارتر وأوباما وبايدن في هذه السياقات سوء فهم لعداء الإسلام السياسي الأساسي للقيم الديمقراطية الليبرالية وتحديه للاستقرار الإقليمي، ومن خلال إشراك الجماعات والأنظمة والتسامح معها أو تشجيعها تحت المظلة الأوسع للإسلام السياسي، فقد شوهت الولايات المتحدة الخطوط الفاصلة بين المعتدلين والمتطرفين.
aXA6IDEzLjU5LjIwNS4xODIg جزيرة ام اند امز