الإخوان والحوثي والتهريب.. شحنات موت عابرة لخطوط النار
صفقات منظمة تتنامى بشكل واسع بين الحوثي وقيادات عسكرية تابعة لمليشيا الحشد الإخوانية، وباتت عابرة للحدود في محافظة تعز
على تخوم جبهات القتال المجمدة منذ 3 أعوام في ريف تعز اليمنية، ترسم مليشيات الحوثي والإخوان خطوط تهريب لم تستثن صفقات الموت العابر بشحنات السلاح والذخيرة.
صفقات منظمة تتنامى بشكل واسع بين الحوثي وقيادات عسكرية تابعة لمليشيا الحشد الإخوانية، وباتت عابرة للحدود في محافظة تعز جنوبي اليمن، التي تشهد حصارا جائرا يفرضه الانقلابيون على السكان منذ 6 أعوام.
فمن أجل أرباح تقدر بملايين الريالات يوميا، قامت مليشيا الإخوان بتأمين خطوط تهريب واسعة على تخوم جبهات القتال المجمدة منذ 3 أعوام بريف المدينة الخاضعة على الورق للحكومة المعترف بها دوليا، فيما يتقاسم، فعليا، حزب الإصلاح الإخواني والحوثيون السيطرة على مساحتها الجغرافية.
صفقات الموت
أربعة مصادر أمنية ومحلية يمنية، قالت إن المنافذ البرية التي فتحها السكان لكسر الحصار الحوثي، والتي تتجاوز الـ12 منفذا، تحولت بالفعل إلى ممرات لشبكات تهريب الوقود والأسلحة للمناطق الخاضعة لسيطرة المليشيا.
وأوضحت أن ما تقدم يجري تحت حماية مشددة من قبل مسؤولين كبار يتبعون حزب الإصلاح، الجناح السياسي لتنظيم الإخوان الإرهابي.
وأكدت المصادر، لـ"العين الإخبارية"، أن تلك الشاحنات تهرب بشكل يومي، إلى جانب المشتقات النفطية والسجائر، الأسمدة ومواد يستخدمها الحوثيون في صناعة المتفجرات والألغام.
كما يتشارك تجار أسلحة وشبكات سرية حوثية في تمرير صفقات أسلحة وذخائر، بتواطؤ كبير من قيادات عسكرية رفيعة في محور تعز الخاضع للإخوان ومليشيا الحشد الشعبي المدعومة قطريا.
ويمثل منفذ بني خولان/ الأشروح جبل حبشي - مقبنة ، غربي تعز، أشهر المنافذ التي يتخذها سائقو شاحنات التهريب التابعون لمليشيا الحوثي، في تمرير صفقات مشبوهة مقابل مبالغ طائلة تدفع لمسؤولين أمنيين وعسكريين بحزب الإصلاح يسيطرون على حواجز التفتيش.
غضب السكان
وثيقة لأهالي بلدة "بني خولان" بمديرية جبل حبشي غربي تعز، كشفت عمليات تهريب منظمة للمشتقات النفطية تتم من المناطق المحررة التي يسيطر عليها الإخوان إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وفضح الأهالي في الوثيقة المسربة، عسكريين يتبعون قيادات الألوية لحزب الإصلاح، أثناء قيامهم بحماية شحنات التهريب التي تسببت في تدمير الطريق العام.
ويجني المهربون مكاسب طائلة من فوارق عقد صفقات الوقود بين مناطق الحكومة الشرعية والحوثيين، إذ يصل سعر 20 لتر بنزين في المناطق المحررة لـ8 دولارات، فيما يصل سعر الكمية بمناطق الانقلابيين لـ16 دولارا إثر ازدهار السوق السوداء هناك.
وتقدر حجم المبالغ التي تذهب إلى جيوب قيادات الإخوان شهريا في منفذ واحد بـ"جبل حبشي"، بـ60 مليون ريال يمني شهريا (حوالي 75 ألف دولار) بحسب مصادر ذات اطلاع واسع على شبكات التهريب، فيما تتجاوز سنويا الـ720 مليون ريال يمني.
وتعتبر مديرية جبل حبشي مسرحا عسكريا لعمليات اللواء 17 مشاة ويهيمن عليها بالكامل حزب الإصلاح، وتشاركه في جني أرباح التهريب قيادة الشرطة العسكرية وقيادة محور تعز التي تشدد توجيهاتها على جميع الحواجز الأمنية بعدم تفتيش الشاحنات المحملة بالمواد المهربة، وتأمين الطريق لها، وفق مصادر "العين الإخبارية".
تهريب منظم
الناشط والمحلل السياسي، أدونيس الدخيني، يرى أن منفذ بني خولان/الأشروح (غرب)، كان حتى قبل 3، أعوام ممرا إنسانيًا للقادمين من المديريات الريفية الشمالية والغربية إلى مركز مدينة تعز، بعد إغلاق مليشيا الحوثي المنافذ الرئيسية وحصار السكان.
لكن بعد سيطرة الإخوان عليه، تحول إلى خط نشط للتهريب المنظم للمواد المشبوهة للانقلابيين.
ولم يستبعد الدخيني في حديث لـ"العين الإخبارية" وجود عملية تهريب أسلحة ومواد تدخل في صناعة المتفجرات إلى الحوثيين عبر هذه المركبات.
وأكد أن مبالغ خيالية جدًا تدفع لقيادة الألوية العسكرية الإخوانية عبر عشرات الحواجز الأمنية المنتشرة على امتداد الطريق، مقابل عدم التفتيش، فضلا عن مبالغ تدفع بشكل مباشر من قبل سائقي الشاحنات والصهاريج عند الحصول على تصاريح عبور آمن.
وذكر أنه لا أحد يعلم ماهية الشحنات المهربة، غير أنه في إحدى الوقائع، قام جنود مرابطون في جبهة الأشروح التي يمر منها المنفذ بتفتيش إحدى المركبات والتي كان يزعم سائقها أنها تقل سجائر.
غير أن الجنود عثروا على أسمدة ومواد أخرى تدخل في صناعة المتفجرات، وقد تدخل قائد اللواء 17 مشاة حينها العميد عبدالرحمن الشمساني المقرب من حزب الإصلاح واعتقل الجنود، وأوصل المركبة إلى خطوط التماس مع الحوثيين عند الضواحي الغربية للبلدة.
وبحسب المحلل اليمني، ثمة تعاون وثيق بين مليشيا الحوثي وجماعة الإخوان المسيطرة على المؤسسة العسكرية والأمنية بمدينة تعز على رعاية تجارة التهريب المشبوهة وازدهارها.
واستشهد بالجبهات الواقعة في الريف الغربي، حيث جمدت المعارك نهائيًا، ولم تشهد أي مواجهات منذ قرابة 3 أعوام، لتصبح شحنات التهريب عابرة لخطوط النار مقابل مبالغ كبيرة، حتى إنها باتت مصدر ثراء ومحور صراع بين قيادات الإخوان.