سيناريوهات شتى.. ما تأثير إسقاط الإخوان بتونس على ليبيا؟
تنظيم الإخوان ملة واحدة، يجمعهم ارتباط عضوي، فما يجري في تونس، ترتعد له فرائص زملائهم في ليبيا، فما تأثير قرارات قيس سعيد على الجوار؟
الإجابة لدى المحللين والمراقبين هي أن قرارات الرئيس التونسي قيس سعيد الأخيرة ذات تأثير كبير على إخوان ليبيا؛ إذ إن اقتلاع جذور التنظيم من تونس؛ التي تمثل البوابة الخلفية لأذرع الإسلام السياسي والمليشيات في المنطقة الغربية الليبية والداعم السياسي الأول لهم، سيلقي بظلاله وتداعياته بلا شك على البلد الجار.
سيناريوهات متعددة
فما بين انفراجة متوقعة في بعض الملفات المتأزمة في ليبيا، إلى احتمالية تعقيد الأزمة بشكل كبير، اختلفت آراء المحللين السياسيين الذين استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، فيما كل فريق له مبرراته وحججه التي يستند إليها.
المحلل السياسي الليبي العربي الورفلي، كشف في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن هزيمة الإخوان في تونس، سوف تكون لها أبعاد وتداعيات على ليبيا، كون الإخوان تنظيمًا دوليًا مترابطًا موحدًا، من مصر إلى السودان فليبيا وتونس.
انتفاضة متوقعة
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن الإخوان في ليبيا، خاصة المنطقة الغربية (طرابلس وما حولها) يشعرون بقلق بالغ خوفا من انتقال الانتفاضة ضدهم إلى عقر دارهم، مشيرًا إلى أن ما يحدث في تونس سيضعف إخوان طرابلس لأنهم خسروا عمقًا استراتيجيًا وداعمًا رئيسيًا لهم.
وألقى الورفلي باللوم على الإخوان، في الأزمات السياسية التي عاشها الشعب التونسي والتي يعيشها نظيره الليبي، متوقعًا فرار عناصر إخوان تونس -إذا لوحقوا قضائيًا- إلى ليبيا التي تعد ملاذًا آمنًا لهم، إلا أنه اعتبر أن هذا الملاذ قد يكون مؤقتًا، لأن الشارع الليبي ينبذهم ويرفضهم.
حالة احتقان
وكشف عن وجود حالة احتقان في الشارع الليبي ضد تنظيم الإخوان، الذي يرى فيهم سبب أزماته الاقتصادية والأمنية؛ فهم من جلب الإرهاب ودعمه في مختلف المدن الليبية، بحسب الورفلي.
المحلل السياسي الليبي حسين المسلاتي، وافق الورفلي في تصريحاته، حول التأثر السلبي لإخوان ليبيا، بقرارات الرئيس التونسي الأخيرة، مشيرًا إلى أن تلك الأحداث سيختلف وقعها على الأزمة الليبية على صعيدين.
وتابع: أولهما أن تتخذ قرارات الرئيس سعيد سبيلها للتنفيذ بشكل سلس، دون أن تلجأ حركة النهضة للعنف وهو مستبعد، ما سيؤثر بشكل سلبي على تنظيم الإخوان في ليبيا، وينعكس بشكل إيجابي على انتخابات ليبيا.
أما إذا ساءت وتأزمت الأوضاع في تونس، فإن ليبيا ودول المنطقة ستتأثر بشكل سلبي، بحسب المسلاتي، الذي أشار إلى أن تنظيم الإخوان في ليبيا كان يتلقى من نظيره التونسي، دعما لوجستيا كبيرا، مدللا على قوله بردة فعل رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" خالد المشري.
وأعلن المشري رفضه قرارات الرئيس التونسي، قيس سعيد، ووصفها بـ"الانقلاب"، قائلا: "نرفض الانقلابات على الأجسام المنتخبة وتعطيل المسارات الديمقراطية".
وأوضح المحلل السياسي الليبي أن قرارات الرئيس قيس سعيد ستضيق من هامش التحرك والمناورة لدى إخوان ليبيا وستنكمش المساحات السياسية التي يناور فيها تيار الإخوان المسلمين وسيظهر أثر ذلك خلال الأيام المقبلة.
دعم بالسلاح
وحول احتمالية تسلل مليشيات إخوان ليبيا إلى تونس، قال المسلاتي إنه بعيد بعض الشيء، لا سيما أن القوات الأمن التونسية في حالة تعاف كامل، إلا أن المحلل نفسه، توقع أن يحدث ذلك بشكل فردي، فضلا عن محاولة دعم تنظيم إخوان ليبيا نظيره في تونس بالسلاح.
كامل المرعاش المحلل السياسي الليبي، توقع في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن التغيير في تونس الذي وصفه بـ"الإيجابي" سينعكس مباشرةً على الأوضاع في ليبيا، ما سيؤدي إلى عودة الاستقرار وتعزيز فرص تنظيم الانتخابات الرئاسية والتشريعية في موعدها المقرر في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، لأن تيار الإخوان المسلمين سيفقد داعمًا رئيسيًا لدوره التخريبي من حركة النهضة الإخوانية.
وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن هذا التغيير شكل ضربة قوية لتنظيم الإخوان في ليبيا، الذي يخشي الآن من تحرك الشارع الليبي ضده، لاقتلاع جذوره والتخلص من هذا "الورم السرطاني"، الذي أنهك جسد الدولة الليبية، ورهنها لمخططات الإرهاب وزعزعة الأوطان.
وكشف المرعاش عن بعض التسريبات من طرابلس، التي تزعم أن رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" الإخواني خالد المشري دعا سرًا إلى اجتماع لبعض قادة الميليشيات المتطرفة في شمال غرب ليبيا، وعناصر تونسية تنتمي لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" وهم من العائدين من سوريا والعراق، لتقديم الدعم اللوجستي والعسكري لحركة النهضة في تونس.
خطر على تونس
إلا أنه قال إن الإجراءات الأخيرة للجيش التونسي وبمساعدة أمريكية ستحد من فعالية التسلل إلى الأراضي التونسية لكنها لن تمنعها تمامًا، متوقعًا أن تستخدم عناصر "داعش" و"أنصار الشريعة" وبدعم مباشر من المليشيات الموالية لخالد المشري القوارب المطاطية، انطلاقًا من مدينة زوارة الليبية، التي لا تبعد إلا 35 كيلومتر مترًا عن الشواطئ التونسية، لنقل السلاح والمفخخات والمتفجرات، وعناصر إرهابية انتحارية للقيام بحملة رعب وإرهاب في المدن التونسية دعما لتنظيم النهضة الذي وصفه بـ"الإرهابي".
وتوقع المحلل السياسي الليبي هروب قيادات النهضة في حالة عدم احترامهم للقانون التونسي، وفي حالة ارتكابهم لأعمال إجرامية أو إرهابية، إلى ليبيا، حيث سيجدون الدعم والاستقبال من ميليشيات خالد المشري، في مدينة الزاوية وتنظيم الإخوان في طرابلس ومصراتة.
في هذا المنحى، أشار المرعاش إلى ارتباط ميليشيات النواصي التابعة للإرهابي عبدالحكيم بالحاج وهي بقايا الجماعة الليبية المقاتلة الإرهابية بعلاقات مالية واسعة مع صهر الغنوشي عبد السلام بوشلاكة، والذي كان وزيرا سابقًا للخارجية في تونس، وعن طريقه هرب الأول الملايين من ليبيا إلى تركيا، واستطاع تأسيس شركة طيران الاجنحة المملوكة له ولرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي.
عنف مضاد بليبيا
عز الدين عقيل المحلل السياسي الليبي كان له رأي مخالف؛ إذ توقع في تصريحات مقتضبة لـ"العين الإخبارية"، أن يزداد تنظيم الإخوان في ليبيا تغولا وعنفًا، ، مشيرًا إلى أن انتصار الجيش في مصر انعكس على ليبيا بتدمير جيشها تحسبا لعدم استنساخ السيناريو المصري.
وأشار المحلل السياسي الليبي إلى أن ما جرى في تونس سيزيد القتال في ليبيا عبر الإسلام السياسي بكل جيناته، فلن يضعفهم بل سيزيد من عنفهم، مؤكدًا أن كل تجربة صعبة يواجهها تنظيم الإخوان خارج ليبيا تتحول إلى حوادث عنيفة، صعبة على الليبيين من قبل تلك العناصر الإخوانية.
تعقيد الأزمة
المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، وافق عقيل، مشيرًا إلى أن الأوضاع في تونس يمكن أن تزيد من الأوضاع الليبية تعقيدا؛ فتنظيم الإخوان الإرهابي سيحاول بشتى الطرق الإبقاء على وجوده في ليبيا باعتبارها آخر معاقله في المنطقة.
رغم ذلك، قال الأوجلي في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن سقوط التنظيم في تونس سيشتت إخوان ليبيا ويضيق عليهم الخناق، الأمر الذي قد ينعكس إيجابا على الوضع الليبي لاسيما في باب المباحثات السياسية الجارية حاليا.
تنازلات
التطورات التونسية يقول المحلل الليبي ستسهم في تقديم الإخوان تنازلات عديدة للحفاظ على تواجدهم في ليبيا، وهو ما أعتقد أنه سيغير توجهاتهم في مسار الانتخابات، وسيجعلهم مضطرين لتغيير مخططاتهم الساعية لتعطيل الانتخابات وتخفيض سقف متطلباتهم ومحاولة جني مكاسب سياسية بشتى الطرق.
وحول احتمالية اللجوء إلى العنف المسلح واستخدام ليبيا منطلقا له ومنه، قال المحلل السياسي الليبي، إن هذا الأمر بعيد المنال، كون الملف الليبي يدار تحت غطاء المجتمع الدولي الذي لن يسمح بأي نزاع عسكري مسلح في المنطقة حاليا.
إلا أنه توقع بعض العمليات الإرهابية المتفرقة كعادة الإخوان، الذين سيحاولون تكرار السيناريو الذي نُفذ في مصر، في أعقاب ثورة الـ30 من يونيو التي أطاحت بالتنظيم الإرهابي من الجارة الشرقية لليبيا.
aXA6IDE4LjIyNi4xNy4yMTAg جزيرة ام اند امز