أعلنت باراجواي بأمريكا الجنوبية، وجُزر القُمر بشرق أفريقيا، تصنيف الإخوان كجماعة إرهابية.
وهنا نتساءل عن توقيت وضع الجماعة على قوائم الإرهاب العالمي وأهمية هذين القرارين المتتابعين حاليا.
وقبل محاولة الإجابة، لا بد أن نشير إلى أن دائرة وضع تنظيم الإخوان على القوائم السوداء للإرهاب ستتسع، فقد بدأت هذه المواجهة في منطقة الشرق الأوسط، ثم امتدت فيما بعد إلى أمريكا الجنوبية وأفريقيا، ومن قبل في روسيا وكازاخستان ودول أخرى، ومنها سوف ينتقل التصنيف والتسمية إلى دول وقارات جديدة عما قريب.
هناك دول سبقت في استشعار خطر جماعة الإخوان الإرهابية فقامت سريعًا بوضع التنظيم على قوائم الإرهاب، مثل دولة الإمارات ومصر، إذ عملت الدولتان على مواجهة التنظيم، وتعاونتا مع كل من يريد أن يُحاصر الإرهاب الإخواني أو يواجهه استشعارًا أيضًا بالخطر المحدق بالعالم جراء وجوده.
هناك عدة أسباب دفعت دولًا ما في إعادة تسمية الإخوان بالجماعة الإرهابية، منها أن هذه الدول أدركت أن هذا التنظيم يؤسس للإرهاب ويتعاون مع جماعات العنف الأخرى، ولعل السبب الأهم أنه يُهدد الأمن والسلم الدوليين، كما أنه يبدو عنصرًا داعمًا لكل جماعات العنف والتطرف التي خرج أغلبها من رحم التنظيم.
من أهم القواعد، التي استندت إليها دولة باراجواي في تصنيفها للإخوان كجماعة إرهابية، ما جاء في قرار برلمانها أن "جماعة الإخوان تقدم المساعدة الأيديولوجية لمن يستخدم العنف ويُهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب"، ولعل هذا السبب سوف يدفع دولًا كثيرة مستقبلا لوضع التنظيم على القوائم السوداء للإرهاب.
خطر الإخوان لا يقتصر على تهديدهم أمن الدول، التي يوجدون فيها، ولكنه يصل إلى حدود كل دول العالم، فالتنظيم يرى نفسه عابرا للحدود والقارات -"تنظيم عالمي"- وبالتالي ينشر فوضاه من مكان إلى مكان، وهنا يبقى خطره حاضرًا على أمن العالم ككل.
هذا الأمر يستلزم أن تكون مواجهة التنظيم عالمية، وبالتالي يكون الهدف مركزا على وضع التنظيم في قوائم الإرهاب العالمية، لا المحلية، حفاظًا على ما يمكن أن نسميه "الأمن الإنساني أو العالمي".
لا شك أن اتجاه دول مثل دولة الإمارات ومصر والسعودية والبحرين وغيرها إلى إعادة تسمية جماعة الإخوان بالإرهابية، كان دافعًا مهمًا للمجتمع الدولي بأن يحذو حذوها، ولعل تصنيف باراجواي وجزر القمر للإخوان مؤخرا سيُساعد دولا أخرى على اتخاذ الخطوة ذاتها قريبا.
المواجهة مع الإرهاب لا بد أن تكون موجهة لكل تنظيمات التطرف مجتمعة، ومعها الإخوان الذين يمثلون القلب لكل هذه التنظيمات، ما يطرح فكرة إنشاء مشروع استراتيجي يرتبط بمواجهة أقدم التنظيمات المتطرفة وأخطرها يتبناه المجتمع الدولي، مواجهة التنظيمات المتطرفة والدول الحاضنة لهذه التنظيمات، وأهمية هذا المشروع أنه يُوسع دائرة تصنيف الجماعة الإرهابية ويمنع الخطر الذي تُصدره الجماعة لهذه المجتمعات في كل لحظة.
في هذه الحالة سوف يتم تفكيك المصالح الخاصة التي تجمع بعض الدول القليلة وهذا التنظيم وغيره من تنظيمات الإسلام السياسي، التي خرجت من عباءة الإخوان، وهو ما يبدو طريقًا لمواجهة الإرهاب واستثمارا قويا للقرارات الدولية بوضع التنظيم على قوائم الإرهاب.
هناك دول ترغب في محاصرة خطر الإخوان، لكن تشابكات السياسة والمصالح تمنعها من هذه الخطوة، وهذه الدول تحتاج إلى مساعدة حتى يمكنها أن تأخذ هذا القرار، وأرى أن تقديم الدعم الكافي لها ضرورة، ما يؤدي إلى كسب مزيد من النجاح نحو تحقيق الهدف المنشود بالقضاء على الإخوان نهائيا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة