صدوع إخوان مصر تزلزل التنظيم الدولي.. الفرقاء يعيدون هندسة «وهم»
تحت وطأة الانقسامات التي ضربت صفوف جماعة الإخوان في مصر، واصل القادة الفرقاء معاركهم في الخارج على أشلاء التنظيم الدولي.
وبفعل عمليات فك الارتباط التي تمت بسبب انكسار جماعة الإخوان الأم (إخوان مصر) وفقدانها الفاعلية والتأثير بجانب الظروف التي مرت بها أفرع الجماعة في دول أخرى، عانى التنظيم الدولي للإخوان أزمات عدة على مدار السنوات الأخيرة.
وشهد التنظيم العالمي لجماعة الإخوان خلال الفترة الماضية سلسلة من الانقسامات وعمليات تغيير في القيادات، على وقع حالة الخلاف الموجودة بين الجبهتين الأكبر حاليا، هما جبهة صلاح عبدالحق (جبهة لندن كما تعرف إعلاميا)، وجبهة محمود حسين (إسطنبول).
ونتيجة الخلافات القيادية انشطر التنظيم الدولي للجماعة إلى تنظيمين للمرة الأولى منذ إنشائه كإطار تنسيقي جامع لكيانات الإخوان في العالم عام 1982.
وأنشأت كل جبهة تنظيمها الدولي الخاص، مدعيةً أنه التنظيم العالمي الموحد المعتمد من قيادة الجماعة، في وقت تعاني فيه الأخيرة أزمات عديدة، منها تجميد عدد من الأقطار (أفرع الإخوان في الدول) عضويتها فيه بسبب الأوضاع السياسية خلال السنوات الماضية.
وتراجع عدد أعضاء مكتب الإرشاد العالمي القدامى لـ5 فقط من أصل 4 بسبب القبض على غالبية قيادات مكتب الإرشاد المصري ووفاة كل من جمعة أمين عبدالعزيز ثم إبراهيم منير، عامي 2015 و2022 على الترتيب.
ولم يبق من تشكيلة المكتب القديمة سوى محمود حسين القائم بأعمال المرشد في جبهة إسطنبول، وهو من مجموعة البدلاء أي أنه ليس عضوا أصيلا بمكتب الإرشاد العالمي، و4 آخرين ممثلين للقطاعات الجغرافية.
ووفقا للائحة الخاصة بالتنظيم العالمي فإن مكتب الإرشاد يتكون من 14 عضوا، على رأسهم مرشد الجماعة، وهؤلاء الأعضاء يتم اختيارهم وفق قاعدة التمثيل النسبي، بحسب مصادر "العين الإخبارية".
ويحظى الإخوان المصريون بالكتلة الأكبر من أعضاء مكتب الإرشاد العالمي (9 من أصل 14 من بينهم المرشد العام و8 أعضاء)، فيما يتم اختيار الأعضاء الخمسة الباقيين من القطاعات الجغرافية السبعة للتنظيم الدولي، مع مراعاة الوزن النسبي لكل قطاع جغرافي، ولهذا السبب لا يعد كل رئيس أو مسؤول عن قطاع جغرافي عضوا بمكتب الإرشاد العالمي.
وقبل الإطاحة بجماعة الإخوان من الحكم في مصر عام 2013 كان الأعضاء المصريون التسعة بمكتب الإرشاد العالمي: محمد بديع (المرشد العام)، ومحمود عزت (نائب المرشد ثم القائم بعمله حتى القبض عليه في 2020)، وخيرت الشاطر (نائب المرشد) ورشاد البيومي (نائب المرشد)، وجمعة أمين عبدالعزيز (نائب المرشد - توفي 2015)، ومحيي حامد (عضو مكتب الإرشاد المصري ومستشار الرئيس الأسبق محمد مرسي)، وسعد الحسيني (عضو مكتب الإرشاد)، وسعد الكتاتني (عضو مكتب الإرشاد ورئيس مجلس الشعب المنحل في 2012)، وصبري عرفة الكومي (الأمين العام للتنظيم الدولي - توفي في 2020).
أما مجلس الشورى العالمي الذي يفترض أنه يختار أعضاء آخرين بدلا من قادة الجماعة السجناء والمتوفيين، فلم يعد يجتمع بالصورة الدورية المقررة له، وهي مرتان في العام الواحد بسبب سلسلة من التعقيدات الإدارية والإجرائية والأمنية أيضا.
ولم ينجح المجلس في أداء المهام المنوطة به، كما أن الاجتماعات التي عقدها قادة التنظيم على تطبيقات للاجتماعات الافتراضية لا يتم النقاش فيها بحرية خشية الاختراقات الأمنية.
وفي خضم الخلافات التنظيمية التي حدثت بين جبهتي لندن وإسطنبول، في الفترة التي تلت القبض على محمود عزت القائم بأعمال المرشد الأسبق عام 2020، حدث انقسام آخر في التنظيم الدولي لا سيما في ظل استدعائه من قبل جبهة لندن لتعزيز شرعية القائم بأعمال المرشد في الجبهة صلاح عبدالحق الذي خلف إبراهيم منير في منصبه، لأن "عبدالحق" لم يكن عضوا بمجلس الشورى العام (المصري) أو العالمي (التنظيم الدولي) للإخوان، ولم يكن كذلك عضوا بمكتب الإرشاد المصري أو العالمي، وإنما شغل منصب مسؤول جهاز التربية العالمي، وهو أحد الأجهزة التنفيذية التابعة لمكتب الإرشاد العالمي، وجاء اختياره لشغل المنصب بناءً على "وصية" لـ"منير"، وهو ما لا يتفق مع الأدبيات التنظيمية التقليدية ولا اللائحة الداخلية لجماعة الإخوان.
وادعت جبهة لندن (صلاح عبدالحق حاليا) أن التنظيم العالمي أقر صلاح عبدالحق في منصبه الجديد كقائم بأعمال المرشد، وانحاز له على حساب محمود حسين (جبهة إسطنبول)، وهو ما أثار خلافات إضافية داخل الجماعة، إذ إن الجبهة التي يمثلها محمود حسين رفضت هذا المنحى واعتبرت أن المجموعة المؤيدة لصلاح عبدالحق منشقة عن الجماعة ولا تمثل التنظيم الدولي أو التنظيم المصري.
وجراء هذه الخلافات انقسم التنظيم الدولي إلى تنظيمين، أولهما جبهة إسطنبول وهذا التنظيم يضم بعض الأقطار التي تتبع التنظيم العالمي، ويترأسه محمود حسين باعتباره قائما بأعمال المرشد العام للإخوان ويشغل عضوية مكتب الإرشاد العالمي فيه ممدوح مبروك، وهمام علي يوسف، رجب البنا، وهم أيضا أعضاء بمجلس الشورى العام (المصري)، بحسب أحد المصادر التي تحدثت لـ"العين الإخبارية".
فيما يشغل مدحت الحداد منصب أمين عام التنظيم الدولي-جبهة إسطنبول.
أما التنظيم الثاني وهو التنظيم الدولي-جبهة لندن، فيترأسه صلاح عبدالحق القائم بأعمال المرشد، وأمينه العام الحالي محمود الإبياري، نائب إبراهيم منير سابقا وخليفته في منصبه كأمين عام للتنظيم العالمي، ويشغل في نفس الوقت منصب مسؤول قطاع أوروبا بالتنظيم.
ووفقا لمصادر "العين الإخبارية" فإن جبهة صلاح عبدالحق (لندن) أجرت مؤخرا سلسلة من التغييرات القيادية في إطار المجموعة المسؤولة عن التنظيم الدولي التابع لها، وشملت هذه التغيرات استبعاد محمد البحيري مسؤول قطاع أفريقيا بالتنظيم الدولي سابقا، من منصبه كمسؤول بالتنظيم وكذلك استبعاد الطبيب محمد الدسوقي، نائب رئيس الهيئة الإدارية العليا في فترة إبراهيم منير من عضويته بالمكتب العالمي.
وأرجع مصدر تحدث لـ"العين الإخبارية" سبب هذا الاستبعاد إلى الظروف الصحية التي يعاني منها كل من محمد البحيري الطاعن في السن، الذي يعاني أمراضا مزمنة، ومحمد الدسوقي الذي أجرى عمليات جراحية دقيقة في السنوات الأخيرة ولم تعد ظروفه الصحية تناسب العمل الشاق.
واستقرت جبهة صلاح عبدالحق (لندن) على اختيار 6 أسماء ليشغلوا عضوية المكتب العالمي، إضافة لصلاح عبدالحق ومحمود الإبياري، وهم محيي الدين الزايط، نائب رئيس الهيئة الإدارية العليا للجماعة وعضو مجلس الشورى العام، وحلمي الجزار، رئيس المكتب السياسي للإخوان وعضو مجلس الشورى العام، والسعدني أحمد، رئيس رابطة الإخوان المصريين بالخارج (جبهة لندن) عضو مجلس الشورى العام، وأحمد شوشة، الذي انضم لعضوية الهيئة الإدارية العليا حديثا وعضو مجلس الشورى العام (جرى تصعيده في فترة إبراهيم منير).
كما تضم القائمة عبدالمنعم البربري، عضو مجلس الشورى العام، وصالح فرج ضيف الله.
ومن الجدير بالذكر أن أحمد شوشة وصالح فرج ضيف الله جرى تصعيدهما حديثا إلى عضوية الهيئة الإدارية العليا، وهي البديل الحالي والمؤقت لمكتب الإرشاد (المصري)، هذا التصعيد كان خطوة تمهيدية لضمهما لعضوية مكتب الإرشاد العالمي.
aXA6IDE4LjExOS4xMjIuMTQwIA== جزيرة ام اند امز