"الشعوب".. سر توقيت وأهداف إطلاق ذراع الإخوان الإعلامية الجديدة
"بالأمس كنا هنا، ولنا عودة قريبا"، تحت هذا الشعار أطلق تنظيم الإخوان الإرهابي ذراعا إعلامية جديدة بهدف بث الفوضى عربيا، تحت زعم "إيصال الحقيقة".
تلك الذراع الإعلامية والتي أسماها قناة "الشعوب"، أطلقها تنظيم الإخوان الإرهابي في 8 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، بهدف "تسليط الضوء على قضايا الشعوب"، كهدف ظاهري وشعار فضفاض رفعته، إلا أن المتابع لها ولحساباتها على مواقع التواصل الاجتماعي يجد أن "ما خفي كان أعظم".
فحسابات قناة "الشعوب" يبدو أنها ضلت طريقها عن قضايا الشعوب إلى ما تصفه بـ"السلبيات" التي تنتشر في عدد من الدول، والتي استهدفتها بسهامها "المارقة".
فمن مصر مرورا ببلدان المغرب العربي إلى لبنان وسوريا كانت عينا قناة "الشعوب" تتصيد "السلبيات"، متجاهلة أي حراك إيجابي لحكومات تلك البلدان، بهدف تخفيف "المعاناة" عن مواطنيها.
فماذا نعرف عن قناة الشعوب؟
بعد إيقاف تركيا المنصات التي تهاجم مصر من على أراضيها، لجأت جبهة إسطنبول بقيادة محمود حسين إلى الأراضي البريطانية، حيث تقيم منافستها على إرث حسن البنا جبهة إبراهيم منير، لتدشين منصتها الإعلامية الجديدة، والتي قطعت على نفسها عهدا، لمهاجمة الأنظمة في البلدان العربية.
تلك الذراع الإعلامية يديرها الإخواني معتز مطر، والذي أوقفت تركيا برنامجه على فضائية الشرق، وأجبرته على مغادرة البلاد، ضمن خطواتها الهادفة للتصالح مع مصر.
وأعلن معتز مطر الذي يدير قناة "الشعوب"، في مقطع نشره حساب القناة الرسمي، في 9 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إطلاق حسابات القناة على منصات التواصل الاجتماعي، زاعما أن شعار القناة سيكون "الشعوب.. حيث إن للحرية ثمن".
تلك القناة والتي ستكون ملجأ لإعلاميي تنظيم الإخوان والذين ضاقت بهم الأرض بعد إيقاف أنقرة برامجهم التي كانت تحمل في ثناياها رسائل "إرهابية" و"خبيثة" تهدف لضرب الاستقرار في مصر والوطن العربي.
رسائل "مسمومة"
ومن تركيا إلى بريطانيا بات تنظيم الإخوان يعول على قناة "الشعوب" كأداة جديدة لبث رسائله "المسمومة" والتحريضية ضد أنظمة الحكم في العالم العربي، ولتحقيق مشروعه التوسعي، والذي مني بضربات ثقيلة على يد شعوب المنطقة، التي انتفضت لاقتلاعه من جذوره.
وبالنظر إلى مهنئي الذراع الإخوانية الجديدة يتضح الكثير، فعصام الحداد مستشار الرئيس الإخواني الأسبق محمد مرسي والملقب بمهندس العلاقات الإخوانية الأمريكية، بارك الانطلاقة الجديدة للقناة.
وقال عصام الحداد، أحد قادة جبهة إسطنبول، في مقطع بثته القناة عبر حسابها بـ"تويتر": "نهنئ الشعوب بهذه الانطلاقة التي ستعبر عن شعوب الأمتين العربية والإسلامية"، مشيرا إلى أن "القناة لن تستطيع أجهزة القمع أن تؤثر عليها، أو أن تحجب بوصلتها، أو تجعلها تحييد عن خطها الذي أنشئت من أجله"، في إشارة إلى التضييق الذي فرضته السلطات التركية على الأذرع الإعلامية الإخوانية.
الأهداف وسر التوقيت
وفيما هنأ الحداد، الحاصل على الجنسية البريطانية، الإعلامي الطريد من مصر لتركيا فبريطانيا معتز مطر على هذه الانطلاقة الجديدة، زعم أن قناة "الشعوب" ستكون معبرة عن كل الشعوب في المنطقة.
ومن تهنئة الحداد إلى القيادي الإخواني البارز الهارب في بريطانيا أسامة رشدي، لم يختلف الأمر كثيرا، إلا أن تهنئة الأخير أشارت إلى ما يسمى بـ"الربيع العربي"، الذي يحاول تنظيم الإخوان إعادته مجددا إلى شعوب المنطقة، مما يكشف عن الهدف الكامن من وراء اختيار اسم القناة والأهداف الخفية وراء انطلاقها من بريطانيا.
ويكشف سر توقيت انطلاق القناة الكثير، فهي تتزامن مع دعوات الفوضى ومخططات تنظيم الإخوان الإرهابي لتنظيم احتجاجات في مصر، بهدف "تشويه" النجاحات التي سطرها المصريون في الأعوام القليلة الماضية، بعد انقشاع ظلمة الإخوان.
كما تتزامن مع تدشين ما يوصف بـ"تيار التغيير" والذي يعد الجناح المسلح لـ"الإخوان" وثيقته الجديدة الداعية إلى اتخاذ العنف سبيلا لتحقيق أهداف التنظيم الإرهابي، بعد رفض القيادة السياسية في مصر التجاوب مع من تلوثت يداه بدماء المصريين.
توزيع للأدوار
وفي تعليقه، قال الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي الدكتور هشام النجار، في حديث لـ"العين الإخبارية"، يتضح من تحركات الجبهات الثلاثة لتنظيم الإخوان الإرهابي وهي جبهة لندن وإسطنبول والكماليون ( تيار التغيير)، أن هناك تنسيقاً وتوزيعاً للأدوار بينهم.
وفيما يضطلع إبراهيم منير وجبهته بالشأن السياسي من خلال مواقف وخطاب مراوغ - بحسب النجار الذي يضيف: "ينشط محمود حسين وجبهته في التحريض وتزييف الحقائق وشن حملات دعائية عبر الإعلام، بينما تتولى جبهة التغيير العمل الحركي والعسكري على غرار اللجان النوعية التي أشرف على نشاطها الإرهابي قائد تلك الجبهة السابق محمد كمال".
وحول مغزى التوقيت، أشار الخبير السياسي المصري، أنه يأتي متزامنا مع تحركات الجبهتين الأخريين، ما يوحي بأن هناك ترتيباً مسبقاً وتمويلاً كبيراً حصلت عليه الجماعة بجبهاتها الثلاث بغرض التشويش على الدولة المصرية، ومحاولة إعاقة مسيرتها، وإحداث قلاقل وفوضى داخلها.
ويرى الكاتب المصري والباحث في الإسلام السياسي، منير أديب، أن الإخوان يعملون على الإعلام منذ تأسيس التنظيم قبل 100 عام.
ويضيف أديب في حديثه لــ"العين الإخبارية"أنه:"هم يدركوا عدم استطاعتهم في توصيل رسالتهم التخريبية والفوضوية إلا من خلال إعلام ينطق بأباطيلهم".
ويكمل أنه "بعد 2011 و2013 سعوا إلى ذلك بطرق كبيرة بعد الأحكام القضائية بالخروج من البلاد، ليحاولوا استغلال تلك القنوات لإسقاط الأنظمة والتخريب البلاد".
ويشير إلى أن "إطلاق فضائية من لندن باسم "الشعوب" يتسق بصورة كبيرة مع أهداف التنظيم التخريبية، لافتا إلى أن سر التوقيت يعود لمحاولة حشد المواطنين المصريين للتظاهر في نوفمبر المقبل لإثارة الفوضى".
ويردف:" قيل إن هناك 3 جبهات للإخوان ولكن الحقيقة هي "جماعة بثلاثة رؤوس"، ولكنها تجمعت على هدف واحد هي إسقاط الدولة والانتقام من الشعب الذي خرج ضدهم في 2013، وهذا ظهر في قنواتهم الإعلامية الجديدة".
وبيّن الكاتب المصري والباحث في الإسلام السياسي، أن الجبهة التي ادعت أنها لن تشارك في السلطة "جبهة لندن برئاسة إبراهيم منير" وضعت يدها في يد جبهة التغير" الكماليون" وكذلك جبهة إسطنبول برئاسة محمود حسين أيضا، لافتا إلى أن جميعهم يعملون على إسقاط الدولة المصرية والحشد من خلال هذه القنوات التي تثير الفتن.
تمويل من إيران وحزب الله
واتفق مع أديب الباحث المصري المختص بالإسلام السياسي والإرهاب، عمرو فاروق، على أن الإخوان في إطار حشدها للتخريب أسست فعلياً عدداً من المنصات والمواقع الإلكترونية البديلة، من داخل لندن، بعد إغلاق منصاتها في تركيا، فضلاً عن إطلاق نوافذ إعلامية على اليوتيوب، وقنوات فضائية، مثل قناة "الدعوة"، وقناة "ق"، التابعة لاتحاد علماء المسلمين، أحد أذرع التنظيم.
ويضيف فاروق في حديثه لــ" العين الإخبارية" أن المنصات الجديدة التي فتحت في لندن تحت اسم "الشرق للخدمات الإعلامية" بميزانية جديدة وتمويل من حزب الله، وتشرف عليها نهاية الطوبجي ( إنجليزية من أصول فلسطينية) والمقربة من حزب الله اللبناني.
وأكد أن الجانب الإيراني يسعى في ظل التحالفات الجديدة لخلق قوة ضغط موالية له تتمثل في الجماعات المتطرفة ومنها "الإخوان".
وأوضح أن جميع المنصات يتم بثها من خلال الجانب البريطاني الذي يفتح ذراعيه للإخوان، كاشفا عن وجود ممول جديد يمثل إحدى الدول ( رفض ذكر اسمها) ترغب في إبراز الإخوان على المشهد مجددا للضغط على الدولة المصرية وإتمام المصالحة.
وأشار إلى أن الفترة الأخيرة شهدت هدوءاً تاماً ومحالة إغلاق الأبواق الخارجية والقنوات بعد حدوث توافقات عربية إلا أن هناك محاولة جديدة لتوظيف الإخوان مرة أخرى لاستهداف الدول العربية.
وأوضح فاروق أنهم "يحاولون تقديم الجناح الأكثر تطرفا حتى يتم بقبول الجناح الكلاسيكي، والخضوع للمصالحة"، لافتا إلى أن التحرك السريع الآن بفتح قنوات إعلامية للضغط على مصر من خلال مؤتمر المناخ لصناعة فجوات بين المواطن المصري والنظام السياسي وأيضا الرأي العام الدولي.