برلمان ليبيا يضرب مخطط الإخوان.. طرح إنشاء محكمة دستورية لتحييد القضاء
خطوة جديدة يخطوها برلمان ليبيا لتحييد قضاء البلاد عن الأزمة التي يعيشها البلد الأفريقي ولضمان استقلاليته وعدم انجراره للعمل السياسي.
فتأكيدًا لمصادر "العين الإخبارية" والتي نشرت في وقت سابق نصوص مقترح إنشاء محكمة دستورية في مدينة بنغازي شرقي البلاد بدلا عن الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الموجودة بطرابلس الغرب، أعلن البرلمان في جلسته التي عقدها، اليوم الأربعاء، إحالة مشروع القانون إلى المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العُليا وإدارة القانون لإبداء الرأي حول نصوصه.
- "باتيلي" في ليبيا.. ملفات عالقة على طريق الحل الأممي
- نزع السلاح والتسريح والدمج.. كيف تحل ليبيا معضلة المليشيات؟
وقال المتحدث الرسمي باسم مجلس النواب عبدالله بليحق، في بيان اطلعت "العين الإخبارية"، على نسخة منه، إن مجلس النواب ناقش في جلسته الرسمية الأربعاء، مشروع قانون المحكمة الدستورية.
وأشار إلى أنه بعد مداولة ومناقشة مواد مشروع القانون صوت المجلس بأغلبية الحاضرين بإحالة مشروع قانون المحكمة الدستورية إلى المجلس الأعلى للقضاء والمحكمة العُليا وإدارة القانون لإبداء الرأي حول نصوص مشروع القانون ومدى ملاءمتها مع أصول تشكيل المحاكم ذات الطبيعة الدستورية.
مقترح المحكمة الدستورية
ذلك المقترح سبق لـ"العين الإخبارية " نشر نصوصه التي تحصلت عليها من مصادرها قبل أسبوعين من جلسة البرلمان التي عقدها في وقت سابق اليوم الأربعاء.
وخلال الجلسة، قال رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح إن "المحكمة الدستورية هي جهات قضائية مستقلة وحارسة الدستور تصون قواعده وتحمي مبادئه"، مشيرًا إلى أنها "الجهة الوحيدة المنوط بها منفردة الرقابة على دستورية القوانين، وإلزام كل سلطة بالحدود والقيود الضابطة لنشاطها".
وبحسب رئيس البرلمان الليبي، فإن تلك المحكمة تحرص على "حماية الحريات والحقوق العامة والضمانات الأساسية لصيانتها وتؤكد على مبدأ الفصل بين السلطات الذي يمنع الاستبداد وصيانة الدستور".
وحول سبب طرح مقترح إنشاء محكمة دستورية في بنغازي، قال رئيس البرلمان، إن "النواب يحرص على استقلال القضاء وحياديته ونزاهته فيكون بعيدا عن التجاذبات السياسية"، مشيرًا إلى أن "القضاء الدستوري يجب أن يكون على مسافة واحدة من جميع السلطات في الدولة (..) تكتسي أهمية الرقابة على دستورية القوانين التأكيد على مبدأ سمو الدستور وصيانته وصيانة أحكامه وتحصنها من الاعتداء عليها".
"حارس الشرعية"
وتابع: "للقضاء الدستوري دور أساسي ليس فقط في الحفاظ على الالتزام باحترام الدستور وعملية التشريع وإدارة الشأن العام، إنما في انتظام أداء المؤسسات فيما تلتزم كل السلطات بالتقيد بأحكامه فالقضاء الدستوري هو قضاء حقوق الإنسان وهو حارس الشرعية وحامي الدستور".
وأكد إن "إصدار مثل هذا القانون بإنشاء المحكمة الدستورية عمل وطني جامع لصيانة الدستور وحماية الحريات ومنع الاستبداد "، مختتمًا كلمته بقوله: "نتمنى أن يتم إنجاز المشروع في أقرب وقت ممكن، وعلى كل السلطات أن تلتزم الحدود والقيود المفروضة عليها، ولا يعتقد أحد أنه حاكم مطلق دون رقابة من أحد وأنه فوق الدستور والقانون".
وكانت "العين الإخبارية" نشرت في وقت سابق مقترح إنشاء محكمة دستورية للبلاد بمدينة بنغازي الخالية من المليشيات والتي تؤمنها شرطة نظامية، بعد أن حررها الجيش الليبي من مخالب الإرهاب والمليشيات المدعومة من تنظيم الإخوان قبل سنوات.
جاءت هذه الخطوة بعد أن أقدم مجلس النواب الليبي خلال الشهر المنصرم على اتخاذ عدة إجراءات، قال مراقبون إنها جاءت على خلفية "إحساسه بالخطر جراء محاولة الإخوان إقحام القضاء في الأزمة بدعم من محمد الحافي رئيس المحكمة العليا"، إلا أن البرلمان "أجهض" هذه المحاولات بتكليف المستشار عبد الله أبورزيزة رئيسًا للمحكمة بديلا عنه.
وكان تنظيم الإخوان يسعى لإقحام القضاء في الأزمة السياسية بالضغط على الحافي قبل إقالته لفتح الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا، والتي من المتوقع أن تصدر أحكاما "سياسية" لصالح الإخوان، كما فعلت قبيل إغلاقها في العام 2014، حينما قضت ببطلان انتخاب مجلس النواب الليبي عقب خسارة التنظيم للانتخابات التي أجريت آنذاك.
أهداف المشروع
إلا أن مشروع القانون الذي أحاله البرلمان اليوم، يهدف لإنشاء محكمة دستورية بدلا من الدائرة الدستورية التي يقع مقرها ضمن نطاق المحكمة العليا في العاصمة الليبية طرابلس الخاضعة لسيطرة المليشيات المسلحة.
ذلك الاقتراح، الذي طرحه رئيس مجلس النواب المستشار عقيلة صالح، يقضي بإنشاء محكمة دستورية تتكون من 13 عضوا يعينهم مجلس النواب في أول تشكيل للمحكمة التي سيكون مقرها في مدينة بنغازي، شرقي ليبيا.
وينص القانون على أن تحال كل الطعون المرفوعة أمام الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا إلى المحكمة الدستورية، بمجرد صدور هذا القانون.
وبحسب المشروع فإنه "لا يجوز الطعن بعدم دستورية القوانين إلا من رئيس مجلس النواب أو رئيس الحكومة أو 10 نواب أو 10 وزراء ".
وعن ذلك المشروع ومسبباته، قال عضو مجلس النواب الليبي عبد المنعم العرفي في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية"، إن هناك سببين لمقترح فصل المحكمة العليا عن الدائرة الدستورية، أولهما "إبعاد تلك الدائرة الهامة من القضاء عن مقر المحكمة في طرابلس الواقعة تحت سيطرة المليشيات المسلحة".
ثاني تلك الأسباب -بحسب البرلماني الليبي- "ليكون هناك توزيع عادل للمؤسسات على كافة أرجاء ليبيا وعدم تركيزها في طرابلس".