"باتيلي" في ليبيا.. ملفات عالقة على طريق الحل الأممي
لقاءات متواترة مع مسؤولين ليبيين يجريها المبعوث الأممي عبدالله باتيلي منذ وصوله إلى العاصمة طرابلس بهدف بلورة رؤيته لحل الأزمة.
وينتظر الليبيون أن تشمل رؤية باتيلي عدة ملفات هامة وعالقة تتطلب تدخلا أمميا لإنجازها وصولا إلى الاستحقاق الانتخابي المنتظر.
ويؤكد خبراء ليبيون أن على باتيلي البناء على النجاحات التي حدثت وخطوات المستشارة السابقة ستيفاني وليامز خاصة في الملف الأمني والقاعدة الدستورية للانتخابات.
الملف الأمني
المحلل السياسي الليبي سالم الغزال، يقول إن أهم الملفات التي يجب أن يوليها باتيلي الأهمية القصوى والعاجلة، هي الملف الأمني خاصة جهود توحيد المؤسسة العسكرية وتثبيت وقف إطلاق النار ودعم جهود اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5 .
ويضيف الغزال في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن الملف الأمني عانى بالفترة الماضية من تغاضي المسؤولين المحليين والدوليين، واعتمد على الدعم الذاتي من اللجنة أو القيادة العامة للجيش، ما ساهم في تقارب كبير، إلا أنه لا يزال يحتاج إلى جهود وخبرات أممية ودولية داعمة لاتخاذ خطوات أكبر.
وأشار إلى أن الليبيين يحتاجون لنقل صورة حقيقية عن المليشيات المؤدلجة التي تحاول إفشال جهود الحل والتقدم بالمسار العسكري، معتبرا أنه على باتيلي أن يقوم بهذه المهمة كونه من دولة أفريقية (سنغالي) تعاني مثل غيرها من هذه المليشيات الإجرامية والجماعات الإرهابية.
الملف الاقتصادي
وبحسب الخبير، فإن ملفا آخر بانتظار باتيلي يشمل الجانب الاقتصادي الذي يعاني منه الليبيون وسط ركود مالي وفساد وتردي الخدمات.
ونوه إلى أهمية إيلاء ملف توحيد المؤسسات الاقتصادية رعاية خاصة بما في ذلك المصرف المركزي والذي يعاني من استمرار الصديق الكبير في منصبه لأكثر من 11 عاما بالمخالفة للقانون، ولذلك يتوغل في المال العام لتبادل الدعم مع المليشيات وأطراف أخرى غير شرعية لضمان بقائه.
الملف السياسي
وأكد الغزال أن على باتيلي محاولة حل الانقسام السياسي وأزمة القاعدة الدستورية والاستجابة لآمال نحو 3 ملايين ليبي ينتظرون إجراء الاستحقاق المؤجل والمنتظر.
وأشار إلى أن على المبعوث الأممي الاهتمام بالحوار الليبي- الليبي دون تدخلات خارجية والتي تدعم أطرافا بعينها وتتعدى على السيادة وتعمق الأزمة، والعمل على دعم مسار المصالحة الوطنية الشاملة والعادلة وجبر الضرر للوصول إلى حل حقيقي ونهائي للأزمة.
تدخلات خارجية
يتفق الدكتور وليد مؤمن الفارسي مع الغزال، على أهمية إيلاء الملفات الأمنية والاقتصادية والسياسية أهمية كبيرة في خطة المبعوث الأممي التي يعتزم بلورتها لحل الأزمة.
ويرى الفارسي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن المبعوثين السابقين كانوا يعملون في إطار خطط دولية شكلتها العديد من القوى الدولية المتدخلة بشكل سافر في الحل، إلا أن الملف الليبي رغم ذلك شهد اختراقات من بينها اتفاق وقف إطلاق النار واتفاق توحيد المؤسسة العسكرية، داعيا إلى ضرورة البناء عليها.
وبالنسبة للخبير، فإن عدم انتماء المبعوث الأممي لدولة كبرى لن يعطيه القوة الفعلية لاتخاذ قرارات جريئة وقوية في عدة ملفات، إلا أنه لا بد أن يحرك المياه الراكدة وسيجد دعما من الليبيين حال رأوا منه رغبة حقيقية في الحل خاصة في الملف الأمني.
وشدد على أن أهم ملف ينتظر باتيلي، وحال أحدث تقدما فيه سيضمن نجاحا قويا، هو ملف المرتزقة والقوات الأجنبية والتي تشكل ضغطا كبيرا تمارسه بعض الدول على الداخل الليبي وتعرقل مسارات الحلو مشددا على ضرورة إخراجهم بأسرع شكل ممكن.
انقسام
الخبير نفسه يرى أنه لا بد أن يضمن باتيلي التوزيع العادل للثروة والخدمات على المناطق الليبية، كون هذا الملف في غاية الأهمية ويهدد وحدة الدولة الليبية وبقاءها مع ما يعانيه المواطنون خاصة في الشرق والجنوب من تردي الخدمات، ما خلق بيئة خصبة لدعوات الانفصال والتقسيم وهو أمر يهدد بقاء الدولة ككل ويهدد بانفجار حقيقي قد يصل إلى صدام مسلح.
واختتم بحث المبعوث الأممي على إحداث تقدم في ملف الانقسام السياسي عبر حكومة واحدة تفرض سيطرتها على كامل الدولة وتوحيد المؤسسة العسكرية والقاعدة الدستورية والمتضمنة حقوق عادلة للجميع والذي قد يشعر الليبيين بأمل في الوحدة وانتهاء النزاع.
وتعيش ليبيا منذ أكثر من عقد في خضم أزمة سياسية خلفت فوضى في البلد الغني بالنفط، وانقساما بين شرقه وغربه الذي تسيطر عليه مليشيات مسلحة لم ينجح اتفاق أممي في نزع سلاحها.
وعقد باتيلي عدة لقاءات مع الأطراف الليبية في عموم البلاد للاستماع إلى آرائهم بخصوص الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية ومعرفة رؤاهم لمستقبل بلادهم، بحسب ما أعلن في بيان أصدره فور وصوله أول الجمعة.
وفي 2 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش رسميا تعيين الدبلوماسي السنغالي عبد الله باتيلي مبعوثا له إلى ليبيا ورئيسا لبعثة المنظمة الدولية في البلاد الأفريقي.