صناعة الوهم.. إرهاب إلكتروني مدسوس في صفحات الإخوان
كيف يستخدم الإخوان ولجانهم الإلكترونية منصات التواصل الاجتماعي في إثارة الفتن وتأليب الرأي العام؟
عنوان دراسة جديدة أصدرها المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية تكشف، بشكل مفصل، تكتيكات الجماعة في تحقيق أهدافها الخبيثة الرامية لإثارة الفتن بين المصريين.
وبشكل دقيق ومفصل، ترصد الدراسة التي تلقت "العين الإخبارية" نسخة منها، تحركات وتكتيكات تنظيم الإخوان الإرهابي في نشر الأكاذيب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الإعلامية.
الأكثر فاعلية
المركز أكد أن منصات التواصل الاجتماعي تعد الأداة الأهم والأكثر فاعلية لدى تنظيم الإخوان الإرهابي وعناصره في الداخل والخارج، لتأليب الرأي العام ضد القيادة السياسية منذ ثورة 30 يونيو/حزيران 2013 بمصر وحتى الآن.
وأوضحت الدراسة أن هذه المنصات تمثل قناة اتصال وتواصل مع فئات واسعة من الشعب المصري، وخاصة فئة الشباب الأكثر تأثرا بما يتم ترويجه من قبل هذه العناصر، واللجان الإلكترونية والأكثر قابلية للاستثارة لإحداث ما يصبو إليه تنظيم الإخوان من تغيير سياسي واجتماعي.
وأبرزت الدراسة أن التنظيم يستغل منصات التواصل الاجتماعي في تصدير صور زائفة خارجيا توحي بأن هناك حالة من الغضب والسخط الشعبي العارم داخل مصر ضد القيادة السياسية، وأن الدولة بكافة أركانها على صفيح ساخن طوال الوقت جراء هذا السخط.
تريندات وهمية
وتناولت دراسة المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية الأساليب التي يستخدمها الإخوان، والأفكار الأساسية التي يجري ترويجها والضخ المكثف باتجاهها، إضافة إلى الأدوات والشخصيات والمنصات الرئيسية التي يجري الاعتماد عليها في هذا الإطار.
وتعد "الهاشتاقات والتريند" أبرز أساليب التنظيم الإرهابي، حيث تقول الدراسة: "تعمد عناصر الجماعة الإرهابية من خلال تشكيلها لجانا وخلايا إلكترونية عديدة إلى خلق تريندات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة موقع تويتر".
وتؤكد أن الهدف إما للترويج لفكرة ما غالبا ما تكون رافضة لقرار أو تصريح من الرئيس عبد الفتاح السيسي مثل هاشتاج "مش من جيبك"، أو لإيهام المواطنين بوجود حالة من الغضب ينبغي أن ينضموا إليها، وهاشتاق يظهر بين حين وآخر وهو (ارحل يا سيسي) بجانب هاشتاقات أخرى تستجد مثل "حشد 25 يناير 2022".
تزييف وإخراج من السياق
ومن بين أساليب التنظيم الأخرى "السخرية" والتي تمثل أداة مهمة من أدوات العمل، إذ تعمد اللجان الإلكترونية التابعة للإخوان والمنصات التلفزيونية والرقمية، إلى السخرية من كل شيء يتعلق بإدارة الدولة أو بأي إنجاز يتحقق.
ويستخدم التنظيم أيضا أسلوب "اقتطاع التصريحات من سياقها" عبر الصفحات والمنصات واللجان الإلكترونية؛ لإيصال رسائل مضللة للمواطنين تساهم في زيادة غضبهم تجاه شخص المسؤول أو إزاء قضية معينة.
ومن بين الأساليب: "التشكيك في البيانات والتصريحات الرسمية"، حيث تعمل اللجان الإلكترونية من خلال صفحات وحسابات متنوعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي على بث الشائعات في مختلف المجالات، والتشكيك الدائم في صدق تصريحات المسؤولين الرسميين.
وبالتوازي مع ذلك يتم التشكيك في المشروعات القومية التي تنفذها الدولة، وكذلك المبادرات التي تطلقها مثل مبادرة "حياة كريمة" وصندوق "تحيا مصر"، والتشكيك في كونهما يستهدفان المواطنين فعليا، بحسب الدراسة.
أفكار
وبالتوازي مع تلك "الأساليب"، تحدثت دراسة المركز البحثي عن "الأفكار التي يجري تسويقها" وتتمثل أبرزها في الترويج والزعم بتدهور الوضع الاقتصادي كونه ملفا محوريا يقع على خط التماس مع حياة المواطنين ومعيشتهم بشكل جوهري ومباشر.
وتفسر الدراسة أن التنظيم يعتمد على خلق رأي عام عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يزعم أن الوضع الاقتصادي في مصر مترډ، مع التركيز بشكل ضخم على ملف الديون، والحديث عن أن النظام السياسي المصري لا يملك أي استراتيجية اقتصادية سوى الاقتراض، للوصول إلى نتيجة مفادها اقتراب مصر من الإفلاس.
ومن "الأفكار التي يجرى الترويج لها" أن الدولة تهدف إلى "سحق المواطنين"، وتحصيل على كل ما يملكونه من مدخرات وأموال، والاعتماد عليهم كمصدر أساسي للتمويل إلى جانب الديون، دون أي عائد ملموس.
كما تزعم العناصر الإخوانية من خلال منصات التواصل الاجتماعي والقنوات التلفزيونية بشكل دائم أن مصر تضم آلاف المختفين قسرا، والترويج لمظلوميتهم المزعومة في هذا الإطار، وأن مصر دولة غير آمنة.
الفن والرياضة
وتستخدم الجماعة الإرهابية في سبيل تحقيق أهدافها - بحسب الدراسة - مجموعة من الأدوات، بينها؛ مذيعو القنوات الإخوانية عل غرار الشرق ومكملين ووطن والحوار والتلفزيون العربي، بينهم معتز مطر وحمزة زوبع وعبد الله الشريف وياسر العمدة وعماد البحيري وغيرهم.
كما تستغل أيضا عددا من "الصفحات الإخبارية" المعروفة بتوجهاتها المعادية للدولة المصرية، في تسويق الرواية الإخوانية للمواطنين بمختلف الأشكال والأساليب وبقوالب متنوعة من الأخبار والفيديوهات المصورة والإنفوجرافات والفيديوجرافات.
ومن تكتيكات التنظيم التي أماطت الدراسة اللثام عنها، اللجوء إلى تأسيس صفحات "غير سياسية أو دينية" تحمل أسماء تمس التراث الفني والأدبي والفكري للشعب المصري، مثل "أم كلثوم" و"عبد الحليم حافظ" و"محمد عبد الوهاب" أو بعض لاعبي القدم المعتزلين البارزين، إضافة إلى الصفحات الإخبارية في مجال الرياضة.
وبينت في هذا الصدد، أن رهان التنظيم يستند إلى الحماسة الرياضية وتوظيفها في روابط رياضية تعمل وقت الحاجة ضد الدولة في إثارة الاضطرابات بالشارع كما جرى في السنوات الفوضى ما بين عامي 2011 و2013.
وتوضح الدراسة أن التنظيم يدرك مدى اهتمام الرأي العام بالأخبار الفنية خصوصا الساعية إلى الإثارة مثل التركيز على فضائح الفنانين وملابس الفنانات والأعمال المثيرة للجدل.
وتعمل هذه الصفحات لمدة سنوات تحت إدارة لجان الإخوان دون أن تبدي رأيا في الشأن السياسي العام، حتى تكتسب مصداقية لدى الرأي العام، وتحصد ملايين المتابعين.
لحظة الصفر
ووفق الدراسة نفسها، فإنه "هكذا يصادر التنظيم عملية تدفق الأخبار الفنية والأدبية والثقافية والرياضية لصالح أدواته إلى أن تأتي لحظة الصفر، التي عادة ما تكون قضية إخوانية بحاجة إلى تحرك عاجل، حتى لو كان التحرك مجرد صناعة حالة من التعاطف".
وتدلل الدراسة بما جرى مع خبر وفاة محمد مرسي، عبر "توحيد البث والإرسال" عبر ديباجة موحدة بين عشرات الصفحات التراثية والفنية والرياضية والثقافية في القضية المستهدفة.
وتنبه أنه من حين لآخر تقوم تلك الصفحات بإثارة الجدل حول فنانة أو عمل فني محدد بهدف إثارة الجدل والفتن والإيحاء بانحراف المجتمع في غياب الإخوان على الساحة السياسية، واختبار أيضا مدى قدرة تلك الصفحات على التسخين وإثارة الجدل والفتن.
ومن الأدوات الملتوية للتنظيم، تكشف الدراسة عن أنه مع بدء جائحة كورونا (كوفيد 19) حدث تحول في بعض الصفحات التي تقدم خدمات طبية وصحية استشارية لسنوات قبل أن يتضح أنها خلايا نائمة تنتظر ساعة الصفر في محاولة لإسقاط النظام الصحي لمصر بالتزامن مع أشرس جائحة طبية تمر بها البشرية منذ مئة عام.
كما وجد الإخوان في اختراق مجموعات "واتس آب" التي أصبحت أمرا أساسيا في البيوت المصرية وسيلة تعاضد فكرة نشر الشائعات داخل البيوت، بما أن الحياة يمكن أن تشغل بعض شرائح المجتمع عن متابعة وسائل التواصل الاجتماعي.
وأشارت الدراسة إلى أن "هذه المجموعات لعبت دورا في محاولة الإخوان تشكيل رأي عام مناهض لخطة تحديث وإصلاح التعليم المصري، إذ أنها كانت المصدر الرئيسي لكل الشائعات التي وجهت لهذه الخطة بجانب أنها كانت المصدر الرئيسي لكافة الشائعات المتعلقة بوباء كورونا في المجتمع المصري".