طريق منع تكرار أحداث 11 سبتمبر يبدأ من مواجهة أفكار الإخوان.. كيف ذلك؟
رغم مرور 22 عامًا على تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول وما كشفت عنه من دور إخواني خفي، إلا أن أفكار التنظيم الإرهابي، ما زالت عصية على التفكيك.
فالتنظيم الإرهابي الذي حرث الأرض وغرس بذور الفكر الإرهابي والتطرف في نفوس الشباب، ووفر ساحات للقتال والتدريب لتفريخ "إرهابيين" يحملون لواء أفكاره، قاد بعضهم هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، ما زالت مواجهته ليست وفق المستوى المأمول.
فبحسب الباحث في شؤون الحركات المتطرفة منير أديب، فإن جماعة الإخوان هي "الأخطر" على مستوى التنظيمات الإرهابية والأفكار من "القاعدة" و"داعش"، مشيرًا إلى أن "الإخوان" هي الأم لكل التنظيمات المتطرفة التي أطلت على العالم، ما يعني أنه لا فائدة من أية مواجهة لأي تنظيم دون مواجهة التنظيم الأخطر، الذي يمثل الرحم الولود لكل التنظيمات المتطرفة، والثدي الذي أرضع بعضها.
ومع حلول الذكرى الـ22 لهجمات الـ11 من سبتمبر، التي كانت ثمرة أفكار إرهابية متطرفة، بدأت عند حسن البنا والإخوان المسلمين ولم تنته عند أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة، لا زال هناك من يحمي تلك الأفكار المتطرفة، من التفكيك، ويضع هالة حولها؛ لمنع الاقتراب منها.
أفكار تولدت من خطابات المساجد التي سيطر عليها تنظيم الإخوان لعقود، ومن "شرائط الكاسيت" التي اغتالت عقول الشباب، وجذبتهم بكلام معسول إلى فخاخ لم يستطيعوا الفكاك منها، مما جعل منهم ضحية للمفاهيم الخاطئة عن الجهاد، وجان لتنفيذهم رؤية قادة الإخوان والجماعات الإرهابية دون تفكير.
شهادة حية
هذه الأفكار بدت واضحة مع اندلاع الشرارة الأولى لهجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، والتي رغم وقعها الأليم على العالم بأسره، كانت مصدر فرح وبهجة على تنظيم الإخوان الإرهابي وأتباعه، مما يؤكد دور أفكار الإخوان في تلك الأحداث، ويشير إلى ضرورة أن يكونوا في قلب أية مواجهة مطروحة لتحييد الإرهاب.
فرحة رواها شهود عيان عاصروا تلك اللحظات العصيبة؛ بينهم القيادي الإخواني السابق طارق البشبيشي، الذي قال عن الانطباع الأول للتنظيم الإرهابي، لحظة وقوع هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول: كنا في عصر يوم الثلاثاء 11 من سبتمبر/أيلول 2001، بتوقيت القاهرة، مجتمعين على عقيقة ابنة أحد قيادات الإخوان المسلمين، حينها جاء خبر الهجمات على البرجين، ولم تكن أجهزة استقبال الفضائيات منتشرة آنذاك، لكنّ القيادي الذي كنا في منزله كان يملك واحدًا، وبحثنا عن القنوات التي تنقل الأخبار حتى عثرنا على ضالتنا".
فـ"كلما أعيد مشهد انهيار البرجين تتهلل وجوه الإخوان، وتقفز السعادة إلى عيونهم كأنه نصر من الله مبين، وليس فعلاً إجراميًا استهدف منشأة مدنية"، يقول القيادي الإخواني السابق طارق البشبيشي.
وأعرب القيادي الإخواني عن استغرابه من ردود الأفعال تلك، قائلا: "الغريب أن كل الحضور أعربوا عن فرحتهم، كلٌ بطريقته الخاصة، فمنهم الصريح الذي كبر فور مشاهدة تحطم البرجين، معلنًا أن أسامة بن لادن مجاهد بحق، وأن من قاموا بهذه العملية أفضل الشهداء، وفريق ثان أعرب تخوف من نتائج العملية وتأثيرها على مكتسبات التيار الإسلاموي ككل، فيما اكتفى فريق ثالث بالفرحة دون إبداء أي ملاحظات".
وبحسب البشبيشي فإن "ردود أفعال القيادات التربوية الإخوانية، بعد الفرحة أقرت أمرين، أولهما: أن الجهاد وحمل السلاح أحد أركان البيعة عند الإخوان، وأنه ماض إلى يوم الدين، فيما الثاني: ضرورة استنكار هذه العملية علنًا مع تأييدها سرًا".
ويتذكر القيادي الإخواني السابق، أنه حاول أن يفهم أسباب التناقض أمام عملية كهذه، فأجابه أحد قادة التنظيم أن موقف الإخوان من هذه العملية ومن غيرها من عمليات الجماعات الجهادية في الجملة التالية يتلخص في الجملة التالية: (نحن لا نقوم بها، لكن لا نرفضها).
رد فعل كان متناسقًا إلى حد كبير مع "السعادة التي استقبل بها تنظيم الإخوان حادث 11 سبتمبر/أيلول"، يقول البشبيشي، مشيرًا إلى أن الإخوان كان يعتبر تلك التفجيرات وغيرها من العمليات الإرهابية "إما أن تكون رصيدًا يومًا ما للحركة الإسلامية، أو خصمًا من رصيد التنظيمات الأخرى، ووقتها يطرح الإخوان أنفسهم كبديل وسطي".
ماذا تعني تلك الشهادة؟
تلك الشهادة التي جاءت من قلب الإخوان، تكشف عن دور التنظيم الإرهابي في نشر العنف والإرهاب فكرًا وتطبيقًا في العالم الإسلامي، بحسب فيها القيادي الإخواني السابق أحمد المسيري.
واستدل المسيري على رؤيته، بقوله إن شكري مصطفى مؤسس جماعة التكفير، والقائدين في تنظيم القاعدة أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، بالإضافة إلى زعيم تنظيم "داعش" الراحل أبو بكر البغدادي، وغيرهم من قيادات الجماعات الإرهابية كانوا أعضاء في "الإخوان"، مشيرًا إلى أن أفكارهم كانت نتاجًا ومحصلة نهائية لفكر جماعة الإخوان المسلمين.
وأوضح المسيري في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن تأسيس أي تنظيم إرهابي إسلاموي، لم يكن له أن يولد لولا وجود الإخوان؛ فالجماعة هي من روج ودعم وأصل للعنف والإرهاب عبر العقود الماضية، وإن لم تنفذ العمليات بعناصرها المنضوين تحت لوائها بشكل رسمي.
وبحسب القيادي السابق في الإخوان، فإن فكر مؤسس التنظيم الإرهابي حسن البنا وسيد قطب وغيرهم من قادة الإخوان يرتكز على "إعادة الحياة للإسلام ولو بالقوة".
هذا الفكر ينطبق على ما كتبه البنا نصا في رسالة المؤتمر الخامس، قائلا: "وفي الوقت الذي يكون منكم، معشر الإخوان المسلمين، ثلاثمئة كتيبة قد جهزت كل منها نفسها روحيا بالإيمان والعقيدة، وفكريا بالعلم والثقافة، وجسمانيا بالتدريب والرياضة، في هذا الوقت طالبوني بأن اخوض بكم لجج البحار، وأقتحم بكم عنان السماء، وأغزو بكم كل عنيد جبار".
ويعترف البنا بأن الإخوان سيستخدمون القوة، ويلجؤون إلى العنف، عندما يقف المجتمع في وجههم ويرفض اتباع تعاليمهم وطريقتهم في الحكم، مضيفًا: "فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام ولا تسير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام ومجده، سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين".
هذه الأفكار هي تلك التي يؤمن بها أسامة بن لادن، وما تفجير البرجين إلا محاولة لتطبيق أفكار حسن البنا، يقول القيادي الإخواني السابق.
كيف يمكن مواجهة تلك الأفكار؟
يقول الباحث في شؤون الحركات المتطرفة منير أديب، إن "الإخوان" هي الأم لكل التنظيمات المتطرفة التي أطلت على العالم، مشيرًا إلى أنه لا فائدة من أي مواجهة لأي تنظيم دون مواجهة التنظيم الأخطر، الذي يمثل الرحم الولود لكل التنظيمات المتطرفة.
وفي مقال له بـ"العين الإخبارية"، أكد أديب أنه لا يمكن مواجهة القاعدة وداعش دون مواجهة تنظيم الإخوان، الذي يمثل الأم الرؤوم لكل التنظيمات المتطرفة.
وشدد على ضرورة مراجعة كل استراتيجيات مواجهة الإرهاب، والاستفادة من أخطاء الماضي، وقراءة التحولات التي مرت بها التنظيمات المتطرفة، بهدف وضع استراتيجية تكون أكثر عمقًا وتأثيرًا، وتقضي على ما تبقى من هذه التنظيمات وتحد من خطرها في نفس الوقت، مشيرًا إلى أنه ما دون ذلك سوف يظل الإرهاب يطل برأسه مُهددًا أمن العالم، وستتكرر أحداث 11 سبتمبر/أيلول، حتى ولو اختلف شكل الهجوم وأثر الاعتداء.