يتسم إعلام جماعة الإخوان والملتحقة بهم بمختلف أنواعه والموجه من خارج مصر نحو شعبها وحكمها -وكما سبق لنا التحليل في مقالات عديدة سابقة- بأنه لا يتوقف عن البحث والاصطياد في كل مجالات الحياة المصرية.
إنه يبحث عما يمكن له تشويهه واستخدامه في الدعاية السوداء ضد نظام الحكم في مصر، من تطورات وسياسات وقرارات وإجراءات أياً كان نوعها.
ويتفنن هذا الإعلام بمختلف وسائله في استخدام كل الأدوات التي يملكها، من إحصائيات في غير محلها وخبراء مزعومين قلائل وقياسات فاسدة في الشكل والمضمون، لكي يصل إلى الهدف المبتغى، وهو السعي المحموم لهز ثقة المصريين في حكم بلادهم وتأليبهم عليه، من أجل الغاية المتوهمة والسرابية، وهي إسقاطه، ظناً منهم بأن هذا هو الطريق الوحيد لعودتهم المستحيلة للحكم، بعد أن خلعهم المصريون منه بثورتهم العظيمة في 30 يونيو/حزيران 2013.
ويتفرع الإعلام الإخواني يومياً وعلى مدار الساعة في هجومه وتشهيره، على كل أنواع القضايا والموضوعات، من سياسية واقتصادية داخلية وخارجية واجتماعية وعسكرية وحتى رياضية أحياناً. وفي كل المرات، يقتصر الأمر على الإسهاب والإفراط في ذكر ما يروج له هذا الإعلام مما يسميه مساوئ ونواقص نظام الحكم في كل هذه المجالات، ناعياً عليه فشله المزعوم ومتنبئاً كل ساعة وعلى مدار الساعات والأيام، بأنه سيسقط غداً. ولا يكاد المرء المتابع أو العابر على إعلام الإخوان يلمح ولو مرة واحدة، مذيعاً أو مقدماً أو ضيفاً يزعم أنه خبير، يطرح تصوراً ولو بدائياً لكيفية معالجة ما يزعمه من مساوئ ونواقص، فالأمر يتوقف دوماً عند الوصف، المختلط دوماً أيضاً بالمبالغة والتشهير والكذب، دون تخطيه لطرح أي شيء صغير أو كبير يتعلق بمعالجة ما يزعمون.
إعلام الإخوان العاجز عن طرح أي بدائل من أي نوع لأي سياسات أو قرارات تتبعها الدولة المصرية، سواء كانت قصيرة الأمر أو متوسطة الأجل أو بعيدة المدى، يعكس بدقة حالة من يعتقدون أنهم الأكثر تأهيلاً وقدرة على حكم الدولة الأكبر والأقدم في العالم العربي والشرق الأوسط. ففي قضايا متعددة وذات تبنٍّ واسع من إعلام الإخوان، يعتقد المتابع أنهم من كثرة تناولهم لها وإسرافهم في الحديث عنها لعشرات المرات، أنهم قد بلوروا بدائل لما هو متبع تجاهها من سياسات وتوجهات.
لكن المفاجأة التي تستمر قائمة طول الوقت، هي أنهم وضيوفهم من الخبراء المزعومين ليس لديهم سطر واحد يطرحونه بديلاً لما هو قائم من سياسات وتوجهات. إنهم يبدون كمنتحلي مهنة الطب وهم بأبسط مبادئ علومها من الجاهلين، يكتفون بارتداء "البالطو" الأبيض واضعين "السماعة" في آذانهم وممسكين بمقاييس بدائية للحرارة، راسمين سيماء الوقار المصطنع على وجوهم، مكتفين بوصف ممل ومطول لما يعتقدون أنها أعراض وعلامات المرض المميت، دون أن يقطعوا ولو خطوة واحدة نحو كتابة "الروشتة" التي تعالج ما يزعمون.
إن القوانين المختلفة عبر دول العالم تعاقب بشدة وحسم كل منتحل لمهنة الطب المتصدي لعلاج الناس، لما في هذا من مخاطر داهمة على حياتهم وأوضاعهم الصحية، ولا يختلف الأمر من بلد متقدم لبلد آخر نامٍ، فحياة البشر فيها جميعاً سواء في أهميتها. فما بالك بمن ينتحل صفة "الطبيب" العمومي المتخصص في كل شيء وفي كل وقت في جميع أنواع الموضوعات والقضايا التي تمس حياة الناس والشعوب، وتهدد أحياناً حيواتهم ودائماً مصالحهم وأوضاعهم، وكل اهتمامه أن يثير فزعهم مما يروج له من مزاعم وأكاذيب تتعلق بكل هذا، دون أن يتقدم خطوة واحدة في اقتراح أي شيء لمعالجة أي قضية.
إن ما يفعله إعلام الإخوان من هذه الزاوية يكاد يصل للجريمة في حق الإنسانية، فانتحال صفة الطبيب المعالج والترويج والكذب في افتعال الأعراض والأمراض والأزمات والتهويل منها، هو موجه على الشيوع لكل المصريين ولا يقتصر أثره الخطر على فئة منهم، بل يمتد إليهم جميعاً بدون استثناء، وهو ما يؤكد بالفعل أنهم يرتكبون جرائم ضد الإنسانية مجسدة في الشعب المصري، المفترض أنه شعبهم.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة