"انتحار" السيفي ودفاتر الغنوشي.. إخوان تونس "يأكل" أبناءه
دفاتر شائكة يفتحها "انتحار" مفترض لإخواني تونسي بمقر التنظيم ما يعيد للواجهة جدلا متفجرا داخل حركة انتهى بها المطاف لـ"أكل" أبنائها.
نيران أظهرتها مقاطع فيديو تلتهم جسد خمسيني يدعى سامي السيفي بالمقر المركزي للإخوان في منطقة "مونبليزير" بالعاصمة، سرعان ما سرت عدواها إلى كامل الطابق السفلي لينتشر الدخان، في حادثة أسفرت عن مصرع الكهل وإصابة آخرين.
ومع أن زعيم التنظيم راشد الغنوشي أراد تحويل الأنظار عن عمق القصة بربط أسباب "الانتحار" بـ"تعطيل الدولة لمسار العدالة الانتقالية وعدم إنصاف المساجين السياسيين"، متجاهلا أن حزبه هو من كان يدير دواليب الدولة لعقد كامل، إلا أنه فشل في مناورته ليجد نفسه بقلب الانتقادات والاتهامات.
وفي خضم التطورات المتسارعة، دخلت شقيقة السيفي على الخط، لتؤكد أن سامي "لم ينتحر" حرقا وإنما وقع استدراجه بخطة محكمة ليذهب إلى مقر النهضة بالعاصمة، وتمت تغطية ذلك بافتعال حريق.
وفي تصريحات إعلامية، أضافت أن شقيقها ذهب إلى المقر للقاء الغنوشي بطلب من الأخير، مشددة على أنه "تم استدراج أخي بطريقة محبوكة وسنحاكم حركة النهضة".
معطيات جديدة تتقاطع مع تصريحات وبيانات متواترة من الإخوان تحاول توجيه دفة التفاصيل نحو زاوية معينة فشلت في إحداث التأثير المنشود، فتحولت الحادثة التي كان الغنوشي يعتقد أنه سيوظفها في ضرب الرئيس قيس سعيد، إلى سهم يدق طبول الحرب في عقر داره.
حاول الغنوشي اللعب على وتر "الخصاصة" التي يعاني منها السيفي، زاعما أن ذلك ما دفعه لـ"الانتحار"، تماما كما فعل مؤخرا حين توفيت زوجة أحد أعضاء حركته، فسارع باتهام سعيد بالتسبب في وفاتها لقطعه رواتب النواب.
لكن أرملة سامي السيفي خرجت بدورها لتقطع عليه الطريق مبكرا، مؤكدة أن "زوجها لم يشكو الخصاصة يوما وأن ظروفه الاجتماعية معقولة".
كما عبّرت عن امتعاضها من استغلال الغنوشي لوفاة زوجها سياسيا.
وأضافت: "هناك لغز يتمثل في الحديث على أن زوجي ذهب لزيارة رئيس النهضة راشد الغنوشي وعندما لم يجده أحرق نفسه وهذا غير منطقي"، متسائلة: "كيف يحرق نفسه بتلك الكمية من البنزين؟ ولماذا قطع التيار الكهربائي وأين كاميرات المراقبة؟".
وأكدت أنها ستقدم شكوى في الأمر أمام القضاء، لتضيق الخناق على الغنوشي وتمنح شارة فتح دفاتره أمام كوادر الحركة وقواعدها، من خلال تسليط الضوء على المحاصصات في ملفات تشغيل نشطاء الحركة من المساجين السابقين، والتعويضات.
غدر بالأبناء
الناشط السابق في حركة النهضة عبد الله السليماني، يرى أن حادثة السيفي تمثل انعكاسا لانهيار وزن إخوان تونس وغدر الحركة بأبنائها الذين ذهب بهم الغنوشي إلى محرقة السجون زمن الرئيس الراحل زين العابدين بن علي عندما حرضهم على الاعتداء على المقرات الأمنية على غرار ما يعرف بحادثة باب سويقة سنة 1991، إضافة إلى تفجير نزل في محافظتي سوسة والمنستير سنة 1986 بإشراف من القيادي السابق للحركة حمادي الجبالي.
وقال السليماني، في حديث لـ"العين الإخبارية"، إن كواليس حادثة مقتل السيفي وما باحت به من أسرار لحد الآن ستقسم حركة النهضة إلى أكثر من طرف في ظل وجود مطالب لإقصاء الغنوشي من المشهد السياسي.
والإثنين، أعلن 15 عضوا في مجلس الشوى للحركة الإخوانية تعليق عضويتهم بالمجلس حتى اعتزال راشد الغنوشي السياسة والتنحي عن رئاسة الحزب الإخواني.
ويعتبر مجلس الشورى أهم جهاز داخل الحركة الإرهابية منذ تأسيسها حيث يسيطر الغنوشي على إدارته منذ العام 1981، تاريخ التأسيس الفعلي لحركة النهضة التي سميت سابقا بـ"حركة الاتجاه الإسلامي".
وسجلت الحركة ذات المرجعية الإخوانية استقالة 131 قياديا من حزبها في شهر سبتمبر/أيلول الماضي، احتجاجا على ما اعتبروه "فساد الغنوشي وعائلته ".
دفاتر
حمدي الصديق، الناشط السياسي التونسي، يرى أن هذه الحادثة ستعيد فتح ملفات الغنوشي وتورطه في عديد القضايا من بينها علاقته بقضايا نهب المال العام مثلما لمح الرئيس التونسي قيس سعيد في أكثر من مناسبة.
وأضاف الصديق، لـ"العين الإخبارية"، أنه يتوقع أن تسير مجريات هذه القضية نحو إدانة الغنوشي باستدراج السيفي إلى حرق المقر، خاصة بعد اعترافات عائلته المقربة.
وأشار إلى أن الأمر حاليا أصبح تحت أيدي النيابة العامة التي ستبحث في ذلك بناء على فيديوهات كاميرا المراقبة والمكالمات الداخلة والصادرة من هاتف السيفي.
وفي أحدث تصريحاته، قال الغنوشي إن "سامي هو ضحية من ضحايا الحرب الإعلامية الظالمة على المناضلين وتجريمهم وتجريم النضال"، زاعما أ، أن هذا الأمر نتيجة من نتائج "الحملات على النهضة وشبابها ومناضليها"، وهو ما فجر الغضب والسخرية في آن.
aXA6IDMuMTQ0LjQxLjIwMCA= جزيرة ام اند امز